بينة التوثيق والحقوق بينة التوثيق والحقوق
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

وكلاء الأعمال والحرية التعاقدية - بينة التوثيق والحقوق

           وكلاء الأعمال والحرية التعاقدية



 

عرفت الوثائق العرفية عند فقهاء الشريعة بشكل مختلف –نسبيا- عن الشكل السائد حاليا؛[1] وقد أصبح هذا الصنف من الوثائق تعتريه إشكالات  يتعلق أغلبها بجهة التحرير  ومخالفة القواعد القانونية .

ولما كانت الورقة العرفية تثير عدة مشاكل ترجع إلى كتابتها من غير المختصين، فقد اتجه المشرع المغربي إلى إقرار مشروع قانون يهدف إلى إسناد كتابة الوثائق العرفية في مجال التصرفات العقارية إلى بعض المهنيين المصطلح عليهم بوكلاء الأعمال.

وإذا ما تمت المصادقة على هذا المشروع[2]  فسينتهي الاختصاص بالكتابة في مجال الحقوق العينية العقارية المخول حصرا لفئات العدول والموثقين والمحامين المقبولين لدى محكمة النقض،[3] إذ سيضاف إلى هذه الفئات فئة وكلاء الأعمال محرري العقود الثابتة التاريخ. [4]

وسنحاول تسليط الضوء على بعض الإشكالات التي أثارها المشروع المذكور (أولا) مع الإدلاء بما بدا لنا من مقترحات للحل في إطار الحرية التعاقدية (ثانيا).   

 

 أولا _ بعض الإشكالات التي أثارها مشروع قانون وكلاء الأعمال.

  

يلاحظ من خلال قراءة مسودة المشروع المذكور أن وزارة العدل –التي أنجزته– فرضت شروطا على من يريد التقييد في جدول وكلاء الأعمال، من أهمها أن يكون المرشح قد مارس بصفة اعتيادية مهنة وكيل أعمال مكلف بتحرير العقود وفقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل الأول من ظهير 12 يناير 1945 المتعلق بمهنة وكيل الأعمال،[5] وأن يثبت ذلك بواسطة رخصة إدارية تخول له ممارسة المهنة، و شهادة من إدارة الضرائب تثبت مزاولة المهنة بصفة اعتيادية، كما أن المشروع جعل من هذه المهنة مهنة عرضية آيلة إلى الزوال، عندما لم يتحدث عن شروط ولوجها في المستقبل .

وقد أثار هذا المشروع استياء كبيرا واحتجاجات متواصلة من قبل فئات العدول والموثقين والمحامين المقبولين لدى محكمة النقض، وأصدرت الهيئتان الممثلتان لكل من الموثقين والعدول، في 28 أكتوبر2013، بيانا مشتركا  حول مشروع قانون رقم 88.12، مما جاء فيه:

"رفعا لكل لبس، وتعقيبا على القراءة الأحادية الضيقة والمتناقضة لوزارة العدل والحريات في تبريرها لدوافع إصدار هذا المشروع فإننا نبدي الملاحظات التالية:

أ- إن تأكيد البيان على "توجه المشرع المغربي منذ 2002 إلى تنظيم توثيق العقود المرتبطة بالمعاملات العقارية عبر ضمان الاحترافية والمهنية انسجاما مع ما تتطلبه عملية تحرير هذه العقود من دقة لتحقيق الأمن التوثيقي" يتعارض بشكل سافر مع فتح المجال للقيام بهذه المهمة أمام فئة لا يشترط فيها القانون إلا رخصة إدارية وشهادة مسلمة من إدارة الضرائب، فأين هي المهنية وأين هي الاحترافية عند فئة تخضع مبدئيا لمقتضيات مدونة التجارة؟

ب - ونحن إذ نتساءل حول الأسباب الموضوعية التي منعت الحكومات السابقة من منح اختصاص تحرير العقود إلى هذه الفئة (كما ورد في بيان وزارة العدل والحريات)، فإننا نهنئ السلطة الحكومية الوصية على هذا السبق التاريخي والإنجاز العظيم المتمثل في ضرب مبدأ الاحترافية والمهنية في العمق.

ت - إن بلاغ وزارة العدل والحريات يكتنفه الغموض وعدم الدقة ويخلط بين مفهومي "المهنة القانونية" و"المهنة المنظمة" وذلك وفقا للتعريف المعتمد من قبل الاتحاد الأوربي (ونحن مطالبون بملائمة تشريعاتنا مع منظومته القانونية):

 - فالمهنة القانونية هي كل مهنة تقتضي ممارستها توفر المرشح على دبلوم يثبت توفره على مؤھل علمي في مجال المعارف و التقنيات القانونية.

- أما المهنة المنظمة فهي المهنة المنظمة تحت لواء هيئة وطنية منظمة، يستوجب الولوج إليها أولا، وقبل كل شيء التوفر على المؤهل العلمي ويخضع المنتسبون إليها إلى مجموعة من الالتزامات المهنية تحت طائلة المساءلة التأديبية إلى جانب المسؤولية المقررة بمقتضى القواعد العامة، وهو مفهوم يختلف عن مفهوم المهنة المقننة، وهي المهنة المؤطرة بنص تشريعي أو تنظيمي، تتمتع بحماية قانونية تمنع انتحال صفة مهنييها من قبل الغير تحت طائلة المساءلة الجنائية.

ففي أية خانة تريد وزارة العدل والحريات تصنيف وكلاء الأعمال؟

ث - إن إحالة بيان الوزارة على المادة 4 من قانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية حق أريد به باطل، ويتضمن قراءة ضيقة...

إن الاعتداد بمضمون هذه المادة لتبرير موقف الوزارة الوصية بأحقية فئة وكلاء الأعمال بتحرير العقود المنصوص عليها في هذه المادة مجانب للصواب ومخالف لروح النص الذي أفرد اختصاص تحرير العقود العرفية للمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض دون غيره وذلك ضمانا للمهنية والاحترافية والدراية القانونية وحماية للأمن التعاقدي، وأي قانون خاص (وهو من حق الحكومة) ينص مستقبلا على خلاف ذلك، يجب أن يستحضر نفس المبدأ ونفس الفلسفة، وإلا اعتبر الأمر تعسفا في استعمال الحق.

ج - إن الحديث عن الحق المكتسب بمقتضى ظهير صدر في عهد الحماية سنة 1945 يتعارض كليا مع منطق التحديث التشريعي الذي انخرطت فيه بلادنا خلال السنوات الأخيرة من أجل ملائمة المنظومة القانونية مع المستجدات المجتمعية على المستويات القانونية، السياسية، الاقتصادية والاجتماعية وطنيا ودوليا. فضلا عن كونه يكرس ازدواجية في الخطاب:  تشهر مبدأ الحق المكتسب حين تريد وتتجاهله متى تشاء، والأمثلة على ذلك كثيرة لا مجال لتعدادها.

ح - أما بخصوص اعتبار الوزارة الوصية أن نشر المشروع في البوابة الالكترونية للأمانة العامة للحكومة ولوزارة العدل والحريات دون احتجاج المعنيين بالأمر يشكل قبولا ضمنيا بمقتضياته، فإن ذلك يشكل ضربا لقواعد المقاربة التشاركية والحوار البناء الذي تؤسس لهما بلادنا في إطار تكريس مبادئ دولة الحق والقانون، خاصة إذا علمنا أن هذا المشروع لم يعرض للنقاش في جلسات الحوار الوطني حول الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة رغم دعوة بعض المؤتمرين المنتسبين لهيئة التوثيق من أجل طرحه للنقاش.

وفي الختام، تهيب هيئتا التوثيق بصنفيه بجميع أعضائها إلى مواصلة التعبئة والاستعداد لمختلف الأشكال النضالية من أجل تكريس مبدأ دولة الحق والقانون واحترام الحريات وضمان حقوق ومصالح المواطنين أفرادا وجماعات وحماية الأمن التعاقدي والتصدي الصارم لكل محاولات استغلال الاختصاص التشريعي لخدمة أجندات لوبيات فئوية وتحقيق غايات سياسية ضيقة على حساب المصلحة العليا للوطن والمواطن".

 فمن خلال هذا البيان، يظهر أن العدول والموثقين يطالبون بحصر تحرير العقود المنصبة على الحقوق العينية في الفئات المذكورة بالمادة 4 من مدونة الحقوق العينية؛ وينكرون على وزارة العدل ما تتمسك به من أن المادة الرابعة مقيدة بما إذا لم يصدر قانون يضيف فئات أخرى إلى الثلاثة المذكورة، وما تستند إليه في ديباجة المشروع من نظرية الحق المكتسب لوكلاء الأعمال الذين يرجع تنظيمهم المهني إلى سنة 1945.                                                      

       

ثانيا- مقترحات للحل في إطار الحرية التعاقدية.

 

بغض النظر عما تضمنه مشروع قانون وكلاء الأعمال وما ترتب عنه من احتقان، فإننا نود تقديم بعض المقترحات للحل منطلقين من مبدأ حرية التعاقد.

ولذلك نرى  بداية، بأنه لا مجال لإلغاء مهنة وكلاء الأعمال –بما فيهم الكتاب العموميون- فمن شأن المهن الحرة أن تستقطب أفواج المعطلين، كما أننا نرى الإبقاء على الأنظمة والمؤسسات القائمة.

غير أن ذلك لا ينبغي أن يسير بدون ضوابط تعتد بالصلاحيات الضرورية المخولة لكل مهنة حرة في إطار ما يتناسب مع وظيفتها في المجتمع، وتراعي الاختصاصات الحصرية للجهات التوثيقية، وكذا  القيود الفاصلة بينها ، والكل في إطار احترام وحــدة القوانيـــــــن والتكامـــــــــل بينها -بدل التنافر-. ومن مستلزمات هذه الوحدة أن القانون، وإن عني بتنظيم فئة معينة، فإن الفائدة منه ينبغي أن تعود على المجتمع بأسره، وأيضا لا ينبغي أن يؤدي التنظيم القانوني إلى جلب الضرر لأي فئة مقابل ما تحصل عليه جهة أخرى من نفع.

ومن الضوابط التي نرى مراعاتها -طبقا لما سبق- أن تحصر في العدول فحسب كتابة التصرفات والوقائع المادية المرتبطة بالتبرعات في العقارات غير المحفظة، وكذا الوقائع والتصرفات المذكورة بمدونة الأسرة؛ وذلك رعاية للحق المكتسب المتمثل في الإشهاد. ومن البديهي –في نظرنا- أن يتم إسناد الاختصاص في كتابة الوكالات الخاصة بالمجالين السابقين إلى فئة العدول فقط.  

أما ما سوى ذلك من القضايا فيمكن _في نظرنا_ أن تكتب بواسطة وثائق عرفية[6] تتضمن اتفاقات أو إقرارات؛ ولو في المجال العقاري، شريطة أن يتم تقييد ذلك بالضوابط التالية:

 

1- إحداث سجل لملكية العقارات غير المحفظة.

  يستحسن- في نظرنا- العمل بتقنية دعا إليها بعض الباحثين،[7] حيث قال: "وكنت ذكرت... أننا لا نرى لبقاء العمل بتثبيت أصل المستند برمته مع الشهادة المحررة على الطريقة القديمة، مسوغا معقولا ولا مبررا ملموسا، وكنت اقترحت لنفس الهدف... إحداث كناش خاص بكل عقار غير محفظ أو ليس في طور التحفيظ، يملكه الشخص الواحد على شكل كناش الحالة المدنية "الدفتر العائلي" يسمى كناش الملكية تحرر فيه كل الشهادات وعمليات التفويت التي قد ترد عليه ويكون بيد مالكه، على أن تكون نسخة منه طبق الأصل مودعة لدى كتابة ضبط القاضي المكلف بالتوثيق، تسجل فيها هي الأخرى تلك العمليات أو الشهادات بالموازاة مع الكناش الآخر...".

وقد اقترح الباحث العمل بهذه التقنية في معرض دعوته إلى إنهاء العمل بعملية إلصاق الرسوم العدلية بعضها ببعض، وهي عملية لم يعد لها محل لا في العمل التوثيقي ولا في القانون،[8] وعليه فإننا ندعو إلى العمل بهذا المقتضى للحفاظ على الملكية ودعم أصول التملك، ولذلك نضيف إلى ما اقترحه الدكتور العلمي الحراق ما يلي:

- إذا أراد شخص ما أن يتصرف في عقاره بالتفويت فينبغي أن يحضر إلى جانب أصول الملك، نسخة كناش الملكية إن كان هو الحائز لها وكانت محينة، فإن لم يكن هو الحائز للنسخة أو لم تكن محينة فيحضر شهادة تستخرج من كناش الملكية الأصلي تسلمها كتابة ضبط قاضي التوثيق تفيد الوضعية الأخيرة للعقار من حيث الملك والتكاليف والتحملات العقارية والرهون وغيرها على غرار ما يجري العمل به في العقارات المحفظة؛ فإن وجد العدل تناقضا بين مضمن تلك الشهادة أو كناش الملكية وبين أصول الملك فعليه أن يتوقف إلى أن يتم تصحيح الحالة.

 نعم إذا تأكد العدل بأن التعارض بسيط وغير مؤثر كأن يكون آخر سند بيد المتصرف هو رسم إراثة سبقها رسم شراء، ولم يشر في كناش الملكية أو الشهادة المستخرجة منه سوى إلى رسم الشراء دون رسم الإراثة، فيمكن له أن يكتب العقد في هذه الحالة.

- ينبغي للقاضي، بواسطة كتابة الضبط أن يعمل على تحيين الرسوم عبر الاحتفاظ بها ونقل ملخصات لها، دون إلزامه بضرورة التأكد من صحتها الموضوعية والشكلية، فذلك من عمل العدل إن وردت عليه تلك الرسوم،[9] وذلك لأن كناش الملكية المقترح لا ينبغي أن يتمتع بخاصية التطهير المخولة للرسوم العقارية –في مجال التحفيظ-.

- ينبغي لكتابة الضبط أن تتعامل عند تسلم الوثائق أو تسليمها في إطار المرونة وتبسيط الإجراءات لأن الأمر يرتبط بالحفاظ على حقوق الناس.

  وقد يعارض العدول هذا المقترح تمسكا منهم بما يطالبون به من إلغاء العمل بخطاب القاضي المكلف بالتوثيق. وللجواب على ذلك نقول بأن إلغاء الخطاب –لو فرضنا حدوثه مستقبلا- لا يعني الاستغناء عن قضاة التوثيق بالمرة، بل ينبغي الإبقاء عليهم لمزاولة سائر الاختصاصات الولائية، مثل قضايا المحاجير وحفظ السجلات وتسليم الأذون. ومن تلك الاختصاصات مسك كناش الملكية المشار إليه في حالة تبني العمل به قانونا.

 

2- إضفاء الصبغة الرسمية على العقود العرفية.

   من أجل دعم الاقتراح المتعلق بكناش الملكية، ينبغي أن يخول للعدول إضفاء الصفة الرسمية على جميع العقود العرفية المنصبة على العقارات غير المحفظة. أما الموثقون فلا يمكنهم إضفاء الرسمية في مجال العقارات غير المحفظة إلا فيما خالف وثائق التبرعات.[10]

أما إضفاء الصفة الرسمية  على الوثائق العرفية المتعلقة بالعقارات المحفظة أو التي في طور التحفيظ، فينبغي أن يكون مشتركا بين العدول والموثقين.

وينبغي أن يتم منح الرسمية عبر إشهاد ذي صيغة موجزة؛ وأن يتناول العقود العرفية المنجزة وفق المقتضيات القانونية، سواء كتبت من قبل الأطراف أنفسهم أو الكتاب العموميين أو وكلاء الأعمال أو بعض الإدارات كإدارة أملاك الدولة.

فمن شأن ذلك أن يفضي إلى المسك الجيد لأصول الملك بواسطة كتابة ضبط قاضي التوثيق وتضمين ملخصاتها بسجلات الملكية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى سيفضي الأمر إلى التكوين الجيد والمستمر للعدول .

وقد يطرح تساؤل بخصوص صعوبة حضور ممثل إدارة أملاك الدولة –مثلا- إلى مكتب العدول في حالة ما إذا كانت هذه الإدارة هي المقتنية. وللجواب عن هذا التساؤل نقترح أن يتم الإشهاد  عبر التقنيات الراهنة والمستقبلية التي تخولها الرقمنة. ويمكن الاستعانة –حاليا- بخدمات  البريد الإلكتروني، بحيث تدرج إدارة الأملاك الوثائق اللازمة في الحاسوب بواسطة الماسح الضوئي (scanner) وترسلها إلى البريد الإلكتروني للعدل الذي يقوم بدوره بإرسال الوثيقة بعد تمامها إلى البريد الإلكتروني لإدارة أملاك الدولة.

 فهذه وسيلة حضارية سريعة وفعالة، من شأنها أن تحفظ الحقوق.[11] لكن تطبيق هذه التقنية رهين بأن يتأكد العدل أو الموثق من أن الأطراف أبرموا عقدا عرفيا بالفعل، وأنهم استوفوا جميع الإجراءات المتعلقة بالتسجيل واستخلاص الضرائب اللازمة.[12] 

غير أننا نفرق  في مسألة إضفاء الرسمية بين أن يكون العقد العرفي مكتوبا عند مهني فيفترض فيه العدل أو الموثق الصحة ويضفي عليه الرسمية من حيث الشكل فقط، وبين أن لا يكون العقد العرفي مكتوبا من قبل مهني فلا يتم إضفاء الرسمية إلا بعد التأكد من المضمون والشروط التي يتطلبها العقد بحسب طبيعته ونوعه.

ويمكن أن نلخص ما سبق، مع إيراد بعض الإضافات، في ما يلي:

أ-  كل وثيقة عرفية تكتب لا بد أن تعاين وتضفى عليها الصبغة الرسمية من قبل العدول أو الموثقين في العقارات المحفظة ومن قبل العدول فقط في عقود الأسرة والتبرعات المنصبة على العقارات غير المحفظة، على أن لا يستوفى عن هذه العملية إلا مبلغ يسير.[13]

 ب- إذا كتب الأطراف الوثيقة بأنفسهم أو بواسطة شخص غير مهني، أي كل شخص لا يكتب اسمه ولا يضع توقيعه وطابعه في الوثيقة، فهنا لا يتم إضفاء الرسمية إلا بعد التأكد من مطابقة المحرر العرفي للمقتضيات القانونية، كالتأكد –مثلا- من إحضار شهادة التسلم المؤقت في البيع المنصب على تجزئة عقارية.

ج- يمكن إضفاء الرسمية قبل تسجيل العقد ماليا؛ وفي هذه الحالة يتكلف العدل أو الموثق بإتمام الإجراءات. فإذا ما تم التسجيل يحرر صك إضفاء الصبغة الرسمية.

 

3_ الأثر المتوقع من تبني هذه التقنيات.

  بهذه التقنيات البسيطة يتوقع أن تصبح كل العقود العقارية رسمية، وأن يتم ضمان الحرية التعاقدية للأطراف، ولن يتم المس بالحقوق المكتسبة– عمليا على الأقل- لمحرري العقود العرفية؛ كما أن الدولة ستضمن تدفق الموارد المالية من خلال رسوم التسجيل والتحفيظ والضرائب التي سيؤديها المهنيون و الموثقون والعدول؛ إضافة إلى المساهمة في تشغيل العاطلين.

وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذه الإجراءات ستقلل من رداءة العقود العرفية، لأن الكتاب العموميين ووكلاء الأعمال سيسعون إلى البحث في المقتضيات القانونية للعقود ومعرفة الصيغ المناسبة لها حتى لا يتم ردها؛ وسيتم التعاون بين جميع الفئات من أجل إنجاز وثائق التصرفات العقارية .

وفيما يرتبط بالأجرة، فالأطراف سيكتبون بمبلغ يسير، يدفعون جزءا منه للمهني أو الكاتب العمومي، وجزءا آخر للعدل أو الموثق؛ والعدول –خاصة- سيحصلون من هذه العمليات على مبالغ أكثر، لأن كمية العقود ستزيد لكثرة من سيأتي إليهم من المتعاقدين، بسبب سهولة المساطر وقلة التكاليف.[14]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[1] - نقول ذلك لأن الفقه المالكي –مثلا- لم يستبعد الوثائق العرفية ولم يتنكر لها، على عكس التصور السائد، ذلك أن الكتابة العرفية عرفت عند المالكية في صورة ما يصطلح على تسميته بالإشهاد على الخط.

[2] - صدر هذا المشروع تحت رقم: 88.12.

[3] - تنص المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية  -المتممة بالمادة الفريدة من القانون رقم 69.16- على ما يلي: "يجب أن تحرر- تحت طائلة البطلان - جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك.

يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف ومن الجهة التي حررته.

‏تصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها".

- انظر: قانون رقم 39.08 يتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 بتاريخ 25 ذي الحجة 1432 موافق 22 نونبر 2011، ج ر عدد 5998 بتاريخ 24 نونبر 2011 ص 5587، الذي دخل حيز التنفيذ بمقتضى المادة 334 منه بعد ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، أي في 25 ماي 2012.

وتتميم المادة 4 بمقتضى قانون 69.16 نشر بالجريدة الرسمية 6604 بتاريخ 14/09/2017.

[4] - استندت الحكومة في إقرار مشروع وكلاء الأعمال _الذي أثار احتقانا كبيرا_ إلى الاستثناء الوارد في المادة 4 _المشار إليها أعلاه_ الوارد في عبارة:" ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك".

[5] - صدر ظهير  وكلاء الأعمال بالفرنسية، ولم يترجم رسميا إلى العربية. وجاء في فصله الأول (الفقرة الثالثة) ما يلي:

 

« Article premier

- Pour l'application du présent dahir sont  réputées agents d’affaires les personnes physiques ou morales:

3° Qui, en dehors des avocats, s'occupent habituellement de contentieux ou de rédaction d’actes, interviennent dans les opérations d'immatriculation d’immeubles, ou exercent la profession de conseil juridique ou fiscal, de commissaire aux comptes, d'organisateur de comptabilité, d'expert-comptable, de géomètre-topographe ».

-Voir: Dahir du 12 janvier 1945 (27 moharrem 1364) réglementant la profession d’agent d’affaires. B.O.(en français) n° 1683 , 26 janvier 1945 , p 38.

 

[6] - أو وثائق رسمية محررة من لدن الموثقين، في غير مجال الأسرة والتبرعات المرتبطة بالعقارات غير المحفظة.

[7] - العلمي الحراق، التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطـبيقاته فـي مدونـة الأسرة، مكتبة دار السلام، الرباط، طبعة 2009، الجزء 2، ص 51-52.

[8] - ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 30 من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة تنص على ما يلي: "ترفق أصول المستندات التي أسست عليها الشهادة مع وثيقتها وتسلم لأصحابها"، فقد نصت المادة على الإرفاق وهو خلاف الإلصاق.

- انظر: مرسوم رقم 2.08.378 صادر في 28 من شوال 1429(28 أكتوبر2008) بتطبيق أحكام القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة، ج.ر عدد 5687 بتاريخ 2 ذي الحجة 1429(فاتح ديسمبر 2008)، ص 4403.

[9] - "لا يعمل الموثق(أو العدل) بأصول الملكية التي تقدم لديه إلا إذا تأكد من صحتها . وبهذا الصدد فإنه يفحص الوثائق فحصا دقيقا، ويتحقق عند الاقتضاء منها في خزائنها وفي سجلات التضمين وعند الغير. ويتعامل معها حسب طبيعتها... (فأصل) التملك يختلف من البيع إلى الهبة أو الصدقة أو الإرث أو الوصية، وأحكام البطلان منها ما هو عام على سائر العقود، ومنها ما هو خاص بكل عقد على حدة، فالبيع في مرض الموت بغرض المحاباة لا يصح للوارث إلا بإجازة الورثة الرشداء،  ويوقف في حدود الثلث كوصية لغير الوارث. والهبة بلا حيازة باطلة (بحسب الأصل) والنحلة لا تتوقف على الحيازة، والفريضة الخاطئة لا يعتد بها. والوصية لا تنفذ إلا بعد إخراج الحقوق المتعلقة بالتركة. وقس على ذلك...والعدل والموثق مسؤولان حسب أحكام قانون خطة العدالة...وقانون التوثيق (العصري)...والمجموعة الجنائية".

- عبد الرحمان بلعكيد، وثيقة البيع النظر والعمل، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثالثة 2001، ص 151 هامش 86.

[10] – حتى قبل صدور المادة 4 من م.ح.ع. لم يوجد مانع يمنع الموثقين من تحرير العقود المتعلقة بالعقارات غير المحفظة في بعض الحالات الاستثنائية كتلك المنصوص عليها في الفصل 618.3 من قانون الالتزامات والعقود فيما يتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز، وفي المادة الأولى من القانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، وفي المادة الأولى من قانون 18.00 المنظم للملكية المشتركة.

- للمزيد من التفصيل في هذا الموضوع انظر:

-عبد المجيد بوكير، التوثيق العصري المغربي، مكتبة دار السلام، الرباط، الطبعة الثانية 2010، ص 88 وما يليها.

- ويبدو أن المادة 4 من م.ح.ع. تفيد أن الموثق أصبح مختصا في الكتابة في جل ما يتعلق بالعقارات غير المحفظة.

[11] - وفي حالة الاختلاف يرجع إلى ما تضمنته الرسائل الإلكترونية وكذلك الوثائق المحتفظ بها من قبل كل من العدول وإدارة الأملاك.

[12] - هذا الاقتراح –وإن كان يبدو صعبا ومثاليا ويحتاج إلى نص تشريعي للدفع به نحو التطبيق- فقد أوردناه لنبين حرصنا على ملاءمة التوثيق العدلي مع المستجدات الحديثة. ونعتقد أن المتخصصين في مجال المعلوميات والتواصل عبر الشبكة الدولية، من شأنهم أن يدلوا بحلول واقعية سهلة التطبيق إذا ما تمكنوا في البداية من الإحاطة الدقيقة بالحد الأدنى اللازم لطبيعة التوثيق العدلي وكيفية إنجاز الوثائق العدلية.

[13] - لا يتجاوز  هذا المبلغ –مثلا- 500 درهم كحد أقصى.

[14] -  أكثر العدول لا يكتب من وثائق التصرفات العقارية إلا نزرا يسيرا، ومنهم من لا يكتب هذه الوثائق مطلقا. ولو فرضنا أن عدلا يكتب مرة في كل شهرين بيعا أو هبة على عقار، و أنه يقبض في ذلك ما قدره ثلاثة آلاف درهم؛ فيمكن إذا طبقنا المقترح  الذي ذهبنا إليه أن يحصل على أضعاف هذا المبلغ لأنه قد يضفي الرسمــــــــية على ثلاثة عقــــــود في كل أسبــوع -مثلا-، فيحصل في كل شهر على ما قدره ستة آلاف درهم أو أكثر.

عن الكاتب

محمد الكويط

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

تابع المدونة من هنا

جميع الحقوق محفوظة

بينة التوثيق والحقوق

2025