بينة التوثيق والحقوق بينة التوثيق والحقوق
random

آخر الأخبار

الصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء السادس) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء السادس)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الخامس)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الرابع)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الثالث)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الثاني)- بينة التوثيق والحقوق الرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الأول)- بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوق
الصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء السادس) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقالصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء السادس)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الخامس)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الرابع)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الثالث)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الثاني)- بينة التوثيق والحقوق الرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الأول)- بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوق
random
جاري التحميل ...

آفاق التلقي الثنائي - بينة التوثيق والحقوق


                                       آفاق التلقي الثنائي 

 

عرف الفقه الإسلامي نظامين أساسين للتوثيق هما نظام الكاتبين الشاهدين في آن واحد ونظام الكاتب مع الشاهدين، وسار نظام ثالث إلى جانبهما، سمي  بنظام التوثيق القضائي المباشر، وهو الأصل فيهما.

وقد أخذ المشرع المغربي بنظام الكاتبين الشاهدين في آن واحد، ذلك أن المادة 27 من القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة[1]  قررت قاعدة عامة مفادها أن تلقي الشهادات يكون في آن واحد من قبل عدلين اثنين منتصبين للإشهاد؛ وهو ما يعرف بالتلقي الثنائي، ثم  قررت استثناء من القاعدة العامة؛‏ يقضي بجواز التلقي الفردي في حالة التعذر.

 وقد ترتب عن تطبيق المادة المذكورة في المجال العملي إشكالات ترتبط بشقيها المتمثلين في القاعدة والاستثناء، وهي الإشكالات التي سنعمل على تقديم الحلول لها من خلال نظرة تأصيلية واقعية.

وبناء على ذلك فسنعالج الموضوع من خلال مطلبين فيما دوننا بيانهما:

 المطلب الأول: تقرير القاعدة والاستثناء في صفة التلقي عند العدول.

المطلب الثاني : حل الإشكالات المرتبطة بصفة التلقي عند العدول.

 

المطلب الأول: تقرير القاعدة والاستثناء في صفة التلقي عند العدول

 

‏يستنبط من الفقرة الأولى من المادة 27 من قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة أن القاعدة العامة في تلقي الإشهاد أن يتم بعدلين اثنين وفي وقت واحد وفي مكان واحد أيضا؛ لأنه لا يتصور عمليا أن يقع التلقي في آن واحد والعدلان موجودان في مكانين مختلفين؛ حتى ولو مع التطور الهائل في الجانب التقني؛ على ما أصبح يسمى بالتعاقد الإلكتروني؛ لأن مقصود المشرع من تعبيره ب "آن واحد" أن يتحد مجلس العدلين المتلقيين بطريقة مباشرة لا بواسطة البث الهوائي أو الأرضي أو غيرهما... سواء كان التلقي بالأصالة أو بالنيابة عن القاضي، ففي كل الشهادات لابد أن يكون تلقيها بعدلين اثنين وفي مجلس واحد تحت طائلة الوقوع في مخالفة قانونية.[2]

‏وعند تعذر التلقي الثنائي يجوز للعدلين تلقي الإشهاد في وقتين مختلفين فيما إذا لم تنص مقتضيات خاصة على خلاف ذلك.[3]

ويبدو أن المقصود بالتعذر، الحالة التي يجد فيها العدل نفسه أمام واقعة اضطرارية لا يستطاع معها بحال من الأحوال، إحضار العدل الثاني والإشهاد في نفس الآن؛ وبالتالي إما أن يتلقى الإشهاد بمفرده ويثبت الحق لصاحبه بشهادته على علتها؛ وإما أن يرفض التلقي فيبطل الحق ويضيع على صاحبه بالتأكيد، وسواء كان سبب التعذر راجعا إلى صعوبة إيجاد العدل الثاني... أو... إلى امتناع العدل الثاني من تلقيه الإشهاد في الوقت المناسب مع العدل الأول؛ أو كان ذلك راجعا إلى التخوف من فوات مصلحة المشهود له أو عليه، كأن يجد العدل الواحد نفسه أمام واقعة احتضار شخص يريد أن يوصي أو يتصدق... أو غير ذلك.

 ففي مثل هذه الحالات بإمكان العدل أن يتلقى الشهادة بمفرده... ولكن على أساس أن يتلقى الشهادة عدل ثان فيما بعد عند زوال سبب التعذر فيما إذا أمكن".[4]

‏غير أن التلقي الفردي في حالة التعذر مقيد ‏بالحصول على إذن القاضي قبل أن يتلقى العدل المنفرد الشهادة، أو إشعار القاضي بذلك داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ التلقي في حالة تعذر الحصول على الإذن.[5]

 وهو إجراء لا يرى له بعض الدارسين[6] مبررا منطقيا؛ لأن الحالة التي يوجد فيها القاضي الذي يأذن بالتلقي الفردي أو عدمه، لا يمكن اعتبارها حالة تعذر بكل المقاييس؛ وكل حالة يوجد معها القاضي إلا ويوجد معها العدول، وحالة التعذر التي فرضت عدم وجود العدل الثاني أحرى أن تفرض عدم وجود القاضي، لاسيما وأن عدد العدول بأقسام التوثيق على أضعاف مضاعفة من عدد قضاة التوثيق؛ ثم إن الهدف من إذن القاضي ليس هو مجرد موافقته أو عدمها بشكل اعتيادي؛ وإنما الهدف أن يقوم القاضي بالبحث والتحري اللازمين قبل أن يأذن أو يرفض؛ ومع حالة التعذر ‏التي قد تكون إشراف المشهود عليه على الموت-وهو بأتمه أو تام الإدراك والتمييز-لا يتأتى للقاضي القيام بالبحث والتحري اللازمين قبل أن يقرر الإذن أو الرفض؛ فضلا عن كثرة المهام التي يزاولها عمليا.[7]

 ونعتقد – مع هذا الباحث- أن هذا الإذن سيصبح بحكم طبيعة أحوال التعذر وبحكم الضغط اليومي عملا آليا للقاضي دون تحقيق هدفه البعيد عن الواقع؛ أو سيتكرس التلقي الانفرادي والتحرير الثنائي وفق ما يجري به العمل، دون تحقيق شيء من غايات سن هذا الإذن على أرض الواقع؛ ثم ما جدوى إشعار القاضي بالتلقي الفردي داخل الثلاثة أيام؟ مع أن الرسم موضوع التلقي الانفرادي سيقدم له للخطاب عليه ولابد؛ ولربما طلب منه الخطاب عليه في يومه.[8]

‏ ‏ويبدو من ظاهر المادة 27 ‏المذكورة أن الخطاب على الشهادات المحررة لا يكون إلا إذا كانت متلقاة من قبل عدلين اثنين مطلقا، أي سواء تلقيت من قبلهما معا في وقت واحد، أو تلقيت من قبلهما في وقتين مختلفين؛ بمعنى أن القاضي لا يخاطب على هذه الشهادة إلا بعد أن تكتمل بتلقي العدل الثاني، وأن ينص في الوثيقة على تاريخ تلقيها بالنسبة إلى كل من العدلين مع الإشارة إلى سبب ذلك. وهذا التنصيص والإشارة إلى السبب الذي حال دون تلقي الإشهاد من قبل العدلين في وقت واحد لا يتأتيان إلا بعد سماع وتلقي العدل الثاني؛ وإذا حال مانع دون تمكن العدل الثاني من تلقي نفس الشهادة التي تلقاها زميله من قبل، كأن ‏يعدل المشهود عليه عن الشهادة ويمتنع من إشهاد العدل الثاني أو يزيد أو ينقص في الشهادة، أو يختل عقليا أو يموت قبل الإشهاد عليه ثانية، فإنه سوف لن تكون شهادة أصلا وبالتالي فلا نص على تاريخ ولا إشارة إلى سبب ولا إلى غير ذلك، ‏ومن ثم فلا خطاب على شهادة العدل الأول بمفرده.[9]

‏‏وهذا يعني - إن صح-  أن الاستثناء الوارد على القاعدة العامة في تلقي الشهادات إنما يتعلق بزمان التلقي لا بالثنائية فيه؛ أي أن المسموح به في حالة التعذر هو أن يكون تلقي الشهادة في زمنين مختلفين؛ أما التلقي من قبل عدلين فلا بد منه ولا استثناء فيه.

‏غير أنه عند التأمل وإمعان النظر في المسألة – يقول بعض الدارسين-[10] يتبين أن هذا المقتضى أبعد من أن يكون مقصودا للمشرع؛ وذلك لعدة اعتبارات من بينها أن المشرع لا يمكن أن يجيز في حالة استثنائية للعدل الواحد تلقي الشهادة بمفرده؛ ‏ ثم لا يعترف بآثارها ونتائجها المحتملة، لاسيما وأن حالة التعذر غالبا ما ترتبط بحوادث غير طبيعية وبظروف قاهرة؛ يحتمل معها حصول مانع للمشهود عليه من تلقي الشهادة منه ثانية من طرف عدل آخر، بالإضافة إلى أن المشهود له قد يتعرض حقه للبطلان والضياع بسبب خارج عن إرادته وقدرته، ولا ذنب له فيه.[11]

 وعليه فإن التلقي الفردي في حالة التعذر يرتب كل آثار التلقي الثنائي حتى لو تلقى الشهادة عدل واحد فقط، ولسبب من الأسباب لم يتمكن رفيقه من إعادة التلقي.

ولا يحد من ترتيب التلقي الفردي لآثاره عند حالة التعذر- بالمواصفات التي ذكرناها سابقا- إلا أن ترد مقتضيات خاصة تنص على خلاف ذلك بحسب الفقرة الثانية مـن المادة 27. والمراد بهذه المقتضيات النصوص القانونية الخاصة التي تنص على وجوب أن يكون تلقي الإشهاد على عقد من العقود من طرف عدلين اثنين في آن واحد. [12]

  ‏ومهـما يكن من أمر، فإن هذا المقتضى مستثنى من المستثنى وهو في الحقيقة رجوع إلى الأصل وتمسك بالقاعدة العامة في تلقي الإشهاد، بمعنى أنه إذا أوجب قانون خاص على عدلين تلقي إشهاد ما معا وفي مجلس واحد فالعمل على هذا القانون ولا تراعى في هذا التلقي حالة التعذر أيا كانت الأسباب والظروف القاهرة... [13]

‏هذا، مع الإشارة إلى أنه لا يعلم نص قانوني خاص ينص على وجوب تلقي عقد من العقود أو تصرف من التصرفات بواسطة عدلين اثنين وفى وقت واحد ولابد؛ أو يقتضي خلاف ما نصت عليه المادة 27 ‏المذكورة.[14

‏ وبالنسبة إلى ظاهر النصوص القانونية التي تتحدث عن أن الشهادة المحررة التي تدفع للقاضي بقصد الخطاب عليها يوقعها عدلان اثنان،[15] فالمراد أن ذلك يطلب في الأحوال العادية لتلقي الشهادات وتحريرها؛ أما حالة التعذر فليس مطلوبا فيها ذلك؛ لأن حالة التعذر ضرورة؛ والضرورة تقدر بقدرها ولا بد من اعتبار ما حصل بسببها.

‏ وبناء عليه فإن بعض الفقه[16] يرى أن القاضي المكلف بالتوثيق ملزم فقها وقانونا وقضاء بالخطاب على الرسوم التي يتلقاها عدل واحد في حالة التعذر.

 

المطلب الثاني: حل الإشكالات المرتبطة بصفة التلقي عند العدول

 

 بناء على ما يرتبط بعنصر التلقي من إشكالات منها النظري ومنها العملي، فإننا سنحاول اقتراح بعض الحلول لهذه الإشكالات، وقد لخصناها في محورين وفق ما يلي :

 

أولا- التعامل الواقعي مع التلقي الفردي.

  إذا كان الأصل في التلقي أن يكون بواسطة عدلين اثنين يسمعان الشهادة في وقت واحد، والاستثناء أن يكون التلقي بعدل واحد إذا ما وجدت حالة من حالات التعذر، وذلك حسب المادة 27 من قانون 16.03 فإن الملاحظ على هذه المادة أنها صعبة التحقق من الناحية العملية لأن منطوقها الظاهر يوحي بأن الشهادة يتم تلقيها في نهاية المطاف من طرف عدلين ولا بد، سواء وجدت حالة التعذر أم لم توجد.[17]

ووجه الصعوبة فيها أنه لا يمكن ضمان رجوع الأطراف كلهم إلى مجلس العقد مرة أخرى، فقد يكون أحدهم منشغلا بأمر ما أو مسافرا، وقد يرى أحدهم في الأمر فرصة مناسبة للتراجع عن الشهادة التي تم تلقيها منه أولا؛ هذا فضلا عما قد يقع من آفات أو وفاة أحد الأطراف.[18]

ونظرا للإشكالات التي تطرحها حالة التعذر فقد تم تعطيلها عمليا من قبل العدول.[19]  وليس المقصود بالتعطيل أن العدلين إما أن يتلقيا الشهادة معا أو لا يتلقيانها مطلقا؛ وإنما المقصود أنه حتى لو تم التلقي انفراديا، وهذا كثيرا ما يحدث، فإن الشهادة تكتب بطريقة تفيد أن التلقي تم ثنائيا،[20] فيعفي العدول أنفسهم مما قد يعتبرونه تكلفا لا داعي له.[21]

 ولمعالجة الإشكالات التي تطرحها المادة 27 من قانون 16.03 من الناحية الواقعية فإننا ندعو إلى رؤية واقعية للمآل باعتبار أن الوثيقة التامة تنبني على شهادة تامة، إذ أننا نجد فيها توقيعين لعدلين، فما دام أحدهما عطف على الآخر ووضع إمضاءه فهذا يعني أنه تحمل مسؤوليته في الشهادة معه.

ومع ذلك، فإننا ندعو إلى اعتبار وضع العدل العاطف لتوقيعه على الشهادة، مجرد قرينة بسيطة على أنه شهد الشهادة مع رفيقه. فإن تبين بالدليل القاطع أن العدل الذي كتب الشهادة بمذكرة الحفظ الممسوكة من قبله هو الذي شهد وحده على الأطراف، وكان من شأن ذلك أن يلحق ضررا بالعدل الثاني، فينبغي رفع المساءلة الزجرية عن هذا العدل الثاني إذا ادعى أنه أمضى مع رفيقه حياء أو جلبا لمصلحة دون أن يطلع على بنود الشهادة على الأقل، وحتى لو اطلع على بنودها، بل حتى لو رأى الأطراف وسمع منهم، فقد يكون العدل الأول قد تواطأ مع هؤلاء تواطؤا خفيا يصعب على رفيقه أن يدركه.

فلا أقل من أن نعتبر أن العدل الثاني غير مسؤول جنائيا مع رفيقه – لا من باب المساهمة ولا من باب المشاركة- إلا أن يثبت عكس ذلك بدليل – غير مفترض فرضا- يكون قطعيا ويقينيا لا شبهة فيه. فلأن يتم الخطأ في العقوبة خير من أن يتم في العفو. والمجتمع لن يلحقه الخسران إذا ما أفلت أحد من العقاب، وأكبر خسران يلحقه هو أن يعمه الظلم.

نعم، يمكن في باب المسؤولية المدنية والتأديبية أن نعتبر أن العدل مسؤول مع رفيقه طالما وضع توقيعه، على أساس أن هذين المسؤوليتين يبنيان على الظن وعلى ما ظهر من الوثائق، ولا ينجم عنهما حرمان المرء من حريته أو إهدار كرامته وعرضه – كما هو حال المسؤولية الجنائية-؛ ويمكن أن يرجع العدل المتضرر على رفيقه بالتعويض.

وإننا نذهب أبعد من ذلك وندعو إلى ضرورة إقرار التلقي الفردي، وفق نظام ندعوه نظام "الموثق العدل" لا وفق نظام الكاتب بالعدل –السائد حاليا بالمشرق-.

وإذا كان هذا الأمر بعيدا عن التحقق في الوقت الحالي، فإننا ندعو على الأقل إلى التزام النظر الموضوعي الواقعي لمسألة التلقي هذه، إذ ما زال "بعض المهتمين والعاملين في الحقل التوثيقي يبالغون في التهويل والتشنيع من مسألة التلقي الفردي، إلى درجة أنهم يعتبرونه كأنه كبيرة من الكبائر في الدين أو جريمة من الجرائم في القانون. ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها على كل عدل ثبت عنه أنه تلقى شهادة بصفة انفرادية، في حين تجدهم مقرين ومسلمين تسليما تاما بعمل الموثق "العصري" أو الموثقة "العصرية"... التي تتلقى بمفردها وتحرر وتصادق على محرراتها؛ دون مراقبة قضائية جوهرية لعملها التوثيقي؛ ودون مراعاة لقواعد ديننا ولا لثوابت أمتنا وحضارتنا وهويتنا، ودون أن تتوقف في  تلقيها للعقود على مجرد امرأة أو رجل مساعد...".‏[22]

ولا نجد لهذه المبالغة سالفة عند علمائنا الأولين الذين سطروا قواعد التوثيق، إذ كان العمل يجري على أن العدل الواحد يكفي في سماع شهود اللفيف.[23]

‏وهذا الاتجاه سارت عليه محكمة النقض، حيث ما فتئت  تقرر أنه يسوغ  للعدل الواحد أن يتلقى  الشهادة من  اللفيف،[24] وأن الوصية والحبس يثبتان بعدل واحد مع يمين المشهود له.[25] ‏

‏كما أقرت في قرار آخر قاعدة مفادها "أن الشهادة الاسترعائية التي ينسبها عدل واحد إلى علمه بوقوع البيع وتتضمن كل شروطه لا يضره تأخر الأداء، ولا يؤثر في ذلك صحة العمل به، ما دام الرسم مخاطبا عليه، ولما كان موضوع الدعوى ماليا فإنها تثبت بالشاهد واليمين مع الحيازة"[26].

 

‏ثانيا- إقرار نظام الموثق العدل.

 يتضمن نظاما التوثيق الأساسيان المعمول بأحدهما بالمشرق، وبالآخر في المغرب الكثير من الإيجابيات، وإن تعرضا معا لانتقادات واسعة.

ويدعي المناصرون لهذا النظام أو ذاك بأن نظامهم هو الأقرب إلى روح الشريعة، بحيث يرى أنصار نظام الموثق مع الشاهدين العدلين[27] بأنه هو المنصوص عليه بآية التوثيق أو الدين؛[28] بينما يعتقد أنصار نظام الكاتبين الشاهدين المعمول به في المغرب بأنه يضمن وجود ملكة العدالة في الشاهدين كما يضمن أداء هذه الشهادة لدا القاضي، هذا الأداء الذي يعد روح الشهادة وجوهرها حسب هؤلاء.

غير أنه وجد من الفقهاء الموثقين من انتقد النظامين معا، فقد قال الونشريسي _المعاصر للنظامين معا في أوج ازدهارهما_ ما يلي: "‏وأما حكم الشركة المستعملة بين أربابها، فاعلم عصمنا الله وإياكم من العقود الفاسدة والأسواق الكاسدة أن مما يفعله الشهود بالمغرب الأوسط والأقصى أن يجلس اثنان منهم فأكثر في حانوت واحدة على جهة الشركة فيما يقع من الأجرة. وعليه الآن العمل ولا يسع جحده وإنكاره ولا يسوغ في الشريعة البيضاء المحمدية إقراره؛ كما لا يسوغ إقرار شركة الموثقين مع العدول كما جرى به العمل بالبلاد الإفريقية[29]

 لأنها شركة أبدان ومن شرطها اتحاد العمل. وعمل العدول والموثقين مختلف، وكذا عمل الشهود بمغربنا. إذ كثيرا ما يتفق أن يأتي رجل لكتب العقد فيكتب الشاهد الواحد ولا يفعل فيه الآخر إلا الشهادة خاصة أو يكتبان جميعا، أو يكون أحدهما طبعه الاختصار، والآخر ‏الإطناب والإكثار، فلا يحصل التساوي في العمل، أو يأتي عقد بديهي، أو يتضمن من الفقه فصولا فيحتاج الأعرف منهما أن يكتبه دون الآخر، أو يكون أحدهما أفقه لكن ركيك الخط فيتعين صاحب الخط الحسن إلى الكتب ويقتصر الآخر على وضع الشهادة مع الشهادة. ولا خفاء في فساد هذه الشركة".[30]

ولئن كان هذا الفقيه ينتقد الشركة في ظل هذين النظامين، ويصفها بأنها شركة فاسدة في كليهما بحسب ما جرى به العمل في زمنه، فإن وصف الشركة الفاسدة ينطبق في زمننا على نظام العدلين الشاهدين الكاتبين بصفة أكبر لأن المفروض فيهما أنهما يشتركان في العمل والمسؤولية، فالشركة قائمة بينهما ولابد، والفساد يظل ملازما لها بخصوص مسألة الأجرة[31] واقتسامها واتحاد العمل وما يعتري ذلك من أحوال العدلين ودرجة تكوينهما العلمي وغير ذلك.

وإذا كان نظام التلقي الثنائي أكثر قربا إلى روح التشريع الإسلامي لأنه يراعي عنصري العدالة والأداء، فبالإمكان القول بأن نظام الموثق مع الشاهدين في ظل ما كان عليه في عهد الصدر الأول وما بعده لم يغب عنه عنصرا العدالة والأداء.

فصفة العدالة كانت متطلبة في الشاهدين سواء حسب نظرة الفقه الحنفي أو حسب نظرة الجمهور من الفقهاء –ومنهم المالكية-. والأداء كان يصار إليه في كل الأحوال في ظل النظام الحنفي؛ إما باعتبار أن الموثق الذي كان يتلقى شهادة الشاهدين المنتصبين كان يعمل على أدائها بالنيابة عنهما لدى القاضي، وفق الكيفية التي يجري العمل حاليا على ما يماثلها بالمغرب فيما يتعلق باللفيف؛ وإما باعتبار أن الشاهدين يعاد استدعاؤهما – فيما بعد- للأداء عند القاضي ويقيد عنهما ذلك وفق نظام التوثيق القضائي المباشر.

وبناء عليه، فقد تميز النظامان معا بالحفاظ على روح نظرية الإثبات في الفقه الإسلامي، التي تعتبر الوثيقة والشهادة وجهان لعملة واحدة، فالشهادة المعتبرة في كليهما هي شهادة العدلين – على اختلاف بينهم في تحديد معنى العدالة-وهي شهادة صائرة لا محالة إلى الأداء – في نظرنا-سواء في الحال عند البعض أو في الاستقبال عند البعض الآخر.[32]  

وعليه فالنظامان معا لا يقران نظام الكاتب بالعدل، على الصفة المعروف بها حاليا  في المشرق العربي، وذلك لافتقاده لعنصري العدالة والأداء معا. ولا يقران أيضا نظام التوثيق (العصري) المعمول به في المغرب، إذ لا إشهاد فيه ولا عدالة ولا أداء.

وتأسيسا على ما ذكر فإننا ندعو إلى إقرار نظام  يسمى بنظام الموثق العدل[33] يجمع بين النظامين السابقين، بحيث يتلقى الشهادة الأصلية الإنشائية موثق عدل من طالبيها الذين يستشهدون شهيدين مستوري الحال – بحسب الظاهر-  في الشهادات الأصلية، ثم يقوم هذا الموثق بتسليم الوثائق بعد تحريرها إلى القاضي للخطاب عليها، فنكون بذلك قد حافظنا على عنصر الإشهاد بواسطة شهادة الشاهدين وعلى عنصر الكتابة بواسطة ما كتبه الموثق، وعلى عنصر الأداء بواسطة إقرار خطاب القاضي.

وقد يقال إن سن مقتضى من هذا القبيل من شأنه أن يغفل عنصر العدالة المطلوب في الشاهدين. لكننا نقول – في الجواب على ذلك- إن القانون المنظم لخطة العدالة لا يشترط في الشاهدين العدالة- صراحة- وإنما يذكر المروءة فقط.[34]

وحتى على الفهم الذي يقضي بأن العدالة مشترطة في ظل قانون التوثيق العدلي،[35] فإننا ندعو إلى النظر إليها كما نظر إليها الفقهاء بصفتها أمرا نسبيا مرنا  يختلف من زمان إلى زمان، فلكل زمن عدوله، وعدالة الآخرين ليست مثل عدالة الأولين. 

ثم إن التصرفات القانونية الإنشائية، وهي التي تنصب عليها الشهادات الأصلية، لا خطر منها، لأن الكاتب يقيد فقط ما اتفق عليه الأطراف، فالكتابة هنا أقوى من الشهادة التي تعتبر مجرد عنصر إضافي في الوثائق الأصلية الإنشائية، لأن الشاهدين إنما يشهدان فقط على أمور تم إبرامها، بعد أن استحضر الأطراف الوثائق والمستندات التي تعد في نظرنا قرائن مكتوبة يتعضد بها عنصر الإشهاد.

لكن خطورة الشهادة إنما تكمن في الشواهد التي تخبر عن وقائع يترتب عليها صف من ذكرها بأنه صادق فيما أخبر به أو كاذب، وهذا هو حال الشهادات الاسترعائية أو الخبرية، وقد استعيض عن عنصر العدالة في هذه الشهادات بتكثير الشهود أو ما يسمى باللفيف، فهم الذين يشهدون، بينما يكون العدل مجرد كاتب في هذه الحالة، ولذلك أجاز الفقهاء والقضاء شهادة العدل الواحد في اللفيف – حسبما رأينا آنفا-.

وقد رأينا الإبقاء – فيما ندعو إليه- على صفة العدالة من وجهين، فإن نظرنا إلى جهة الشاهدين اشترطنا فيهما العدالة بالمعنى الذي ينطبق على عصرنا، وهو أن يكونا مستوري الحال؛ وإن نظرنا فيها إلى الكاتب الموثق فإننا ندعو إلى الإبقاء على صفة العدالة فيه، فمن جهة لأن في شهادته على شهادة الشاهدين نوعا من شهادة النقل التي أجيزت للضرورة وتشترط فيها العدالة، ومن جهة ثانية لأن الكاتب الموثق اشترط فيه فقهاؤنا العدالة في ظل نظام الموثق والشاهدين الذي ساد في إفريقية (تونس حاليا). ومن جهة ثالثة لأننا ندعو إلى الإبقاء على التلقي الثنائي في الشهادات الاسترعائية العلمية، لأنها بالفعل هي الشهادات التي يتحملها العدول تحملا حقيقيا لا بالنقل عن غيرهم.

وقد يعترض على مسألة الدعوة إلى إقرار الموثق العدل بما ذهب إليه البعض من صعوبة الرجوع إلى الشاهدين غير المنتصبين من أجل التعريف بشكليهما؛ ونحن نقول في الجواب عن ذلك بأن عدم الأمية ليس شرطا في الشهادة، ومعلوم أن الأمي لا شكل له ولا إمضاء فلا سبيل إلى التعريف بشكله.

 ثم إن شهادة الشاهدين غير المنتصبين شهد عليها الموثق العدل بدوره، فكأنهما فوضاه في نقل هذه الشهادة إلى القاضي لأدائها، ولذلك ينبغي الاكتفاء بتعريف شكل الموثق العدل الشاهد. ويزداد هذا الأمر تأكيدا إذا ما علمنا أن شكل العدل يتم التعريف به حتى في الشهادات اللفيفية مع أن دور العدل في تلك الشهادات هو مجرد النقل لما قاله الشهود.

ولو تأملنا جليا فيما يجري به العمل حاليا في ظل نظام التوثيق العدلي، لتبين لنا أن مراحل الشهادة لا تشبه ما اصطلح عليه الفقهاء إلا في الأسماء، إذ نجد مثلا أن نسبة الاختلاف ما بين التلقي والتحمل أكثر من نسبة التشابه؛ وأن الأداء _وهو روح الشهادة_ لا يتم بالكيفية اللازمة، إذ أن العدلين لا يأتيان معا عند القاضي من أجل أداء ما تحملاه، فقد يرسلان شخصا ثالثا هو الذي يقدم الوثيقة للقاضي من أجل أدائها. ومع ذلك تم تسمية ذلك أداء من أجل الضرورة والحفاظ على حقوق المتعاقدين واستقرار المعاملات، فلا أقل من أن نفعل الشيء ذاته، فندعو إلى تبني كل الاصطلاحات والإجراءات والأنظمة التي سنها علماؤنا – في دقة بالغة- فإن استطعنا أن نحافظ على حد أدنى من كنه تلك الأنظمة فلنفعل، مع مراعاة الأمور المستجدة، ما دام أن ذلك لا يسبب الضرر للعدول ولا لأطراف التعاقد .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] - تنص المادة 27 من القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة (التوثيق العدلي) على ما يلي : "يتلقى الشهادة في آن واحد عدلان منتصبان للإشهاد.

‏غير أنه يسوغ للعدلين عندما يتعذر عليهما تلقي الإشهاد مثنى في آن واحد، أن يتلقياه منفردين بإذن من القاضي في آماد متفاوتة، إلا إذا نصت مقتضيات خاصة على خلاف ذلك.

‏إذا تعذر الحصول على إذن القاضي تعين على العدلين إشعاره بذلك داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ التلقي.

‏يجب على العدلين في حالة التلقي الفردي ‏أن ينصا على تاريخ تلقي الإشهاد بالنسبة لكل منهما، مع الإشارة دائما إلى سبب ذلك.

‏كما يجب النص في ضلع الملاحظات على مراجع الشهادة بمذكرة الحفظ لكل منهما.

‏يحق للعدلين أن يشهدا شهادة علمية بإذن من القاضي."

- انظر: قانون رقم 16.03 يتعلق بخطة العدالة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.56 بتاريخ 15 من محرم 1427(14 فبراير 2006)، ج ر عدد 5400 بتاريخ فاتح صفر 1427(2 مارس 2006)، ص 567.

[2] - العلمي الحراق، الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة، مطبعة كانا برينت، الرباط، الطبعة الأولى 2009، ص 79.

- وينبغي أن نعرف بأن علماءنا – ومنهم الإمام مالك رحمه الله-ولو أنهم جعلوا التلقي الثنائي قاعدة فضلى، إلا أنهم لم يبطلوا الحقوق التي لا بد فيها من عدلين اثنين، ولم يجعلوها فاسدة إذا وقع تلقيها في مجلسين مختلفين وفي وقتين متفاوتين.

- انظر، العلمي الحراق، التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطـبيقاته فـي مدونـة الأسرة،مكتبة دار السلام، الرباط، طبعة 2009، ج 1، ص 334.

[3] - انظر الفقرة الثانية من المادة 27 من قانون 16.03.

[4] - الحراق، الوجيز، م س، ص 80.

[5] - انظر الفقرتين 2 و3 من المادة 27 من قانون 16.03.

[6] - الحراق، الوجيز، م س، ص 80.

[7] - الحراق، الوجيز، م س، ص 80-81.

[8] - الحراق، الوجيز، م س، ص 81.

[9] - الحراق، الوجيز، م س، ص 81-82.

[10] - الحراق، الوجيز، م س، ص 82.

[11] - انظر : الحراق، الوجيز، م س، ص 82.

[12] -"وكان على المشرع أن يعبر ب "النصوص الخاصة " بدل المقتضيات الخاصة " لأن المقتضيات لا تنص ‏وإنما تؤخذ هي نفسها من النصوص عن طريق دلالة الاقتضاء."

-  الحراق، الوجيز، م س، ص 86.

[13] - الحراق، الوجيز، م س، ص 84.

[14] - الحراق، الوجيز، م س، ص 86.

[15] - مثل مواد مدونة الأسرة التي يذكر فيها الإشهاد، إذ أنها تتحدث عن العدلين لا عن العدل الواحد.

[16] - الحراق، الوجيز، م س، ص 83.

[17] - وقد سبق أن عرضنا رأي بعض الفقه الذي بين أن هذا الفهم الظاهري لا يتناسب مع ما أراده المشرع عند ذكره لحالة التعذر.

[18] - وهذه الأمور تظهر جلية في مسألة توقيع وثيقة الزواج المحررة حسبما قضت به مدونة الأسرة، فبعض المتعاقدين لا يرجع من أجل توقيع هذه الوثيقة معتقدا أن ذلك سبب كاف في إلغائها. ونحن ندعو بالطبع إلى إلغاء هذا التوقيع والاكتفاء بالتوقيع المضمن بمذكرة الحفظ.

[19] - وقبل ذلك، تم تعطيل العمل بالفصل 24 من القانون رقم 11.81 المتعلق بخطة العدالة الملغى الذي كان ينص على مقتضيات  مشابهة لما تضمنته المادة 27، فمقتضيات التعذر لم تطبق في يوم من الأيام – بحسب علمنا-.

[20] -"ومما يجدر ذكره أنه ليس للشاهد العدل أن يبني شهادته على شهادة العدل الآخر في حالة التعذر، فالمشرع المغربي حين أجاز التلقي الفردي للضرورة، فإنه لم يجز لأحد العدلين أن يبني شهادته على شهادة رفيقه، لأن الفقه الإسلامي يشترط في مستند الشاهد في شهادته أن يحصل له العلم نفسه مباشرة، ولا يعتمد على رواية الغير، وإلا خرج الأمر من الشهادة القطعية المباشرة إلى شهادة النقل أو شهادة السماع، وهما لا يقبلان إلا في ظروف خاصة ووفق شروط محددة".

- عبد السلام العسري، شهادة الشهود في القضاء الإسلامي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه من دار الحديث الحسنية بالرباط، دار القلم، الرباط، الطبعة الأولى 2007، ج 2، ص 666.

[21] - قبل صدور مذكرة الحفظ القديمة بموجب الفصل 13 من المرسوم  التطبيقي لقانون خطة العدالة الملغى كان التلقي يتم بالكيفية التي تفهم من ظاهر المادة 27 من قانون 16.03، حيث كانت الشهادة تكتب في كناش الجيب لكل واحد من العدلين، لكن جميع الشهادات كانت تكتب وفق هذه الطريقة سواء تم التلقي في وقت واحد أو في آماد متفرقة، وسواء تم ثنائيا أو فرديا، لأن الذي كان يسهل العملية أن الأطراف لم يكونوا يوقعون بكناشي الجيب، فكان العدلان يتلقيان الشهادات بصفة شفوية – أحيانا- ثم يعمدان إلى كتابتها – عند فراغهما- بكناشي الجيب الممسوكين من قبلهما.

[22] - الحراق، الوجيز، م س، ص 86.

[23] - أبو الشتاء الغازي الحسيني الصنهاجي، التدريب على تحرير الوثائق العدلية، مطبعة ومكتبة الأمنية، الرباط، الطبعة الثانية 1995، ج 1، ص 20.

[24] -‏ قرار عدد 354 ‏ في 21 مارس 1987،منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 40، سنة 1987، ص 149.

[25] - قرار عدد 302 في 13/3‏/1961، مجلة القضاء والقانون، ‏العدد المزدوج 43-44 ‏،سنة 1961، ص 131؛ حسبما ذكر ذلك العلمي الحراق، التوثيق، م س، ج 1 ص 339 وهامش 735.

[26] - القرار عدد 888 المؤرخ في 17/12/1996  في الملف العقاري عدد 6203/92، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 53-54، السنة 1999، ص 168.

[27] - نظام الموثق مع العدلين الذي كان سائدا بتونس، يختلف عن نظام الكاتب بالعدل السائد حاليا بالمشرق من حيث عدم اشتراط العدالة في الشاهدين.

[28] - الآية 281 من سورة البقرة، وهي أطول آية في القرآن الكريم.

[29] - يقصد بالبلاد الإفريقية المغرب الأدنى وهي تونس حاليا. ولئن كان النظام السائد بتونس في زمن الفقيه الونشريسي يجيز شركة الكاتب مع الشاهدين في قسمة الأجرة، فلم يعد ذلك مما يجري العمل به حاليا في ظل نظام الكاتب الواحد مع الشاهدين، لأن هذين لا يأخذان الأجرة ولا يشتركان مع الموثق في شيء.

[30] - أحمد الونشريسي، المنهج الفائق والمنهل الرائق والمعنى اللائق بآداب الموثق وأحكام الوثائق، دراسة وتحقيق لطيفة الحسني، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، 1997، ص 290-291.

[31] - والغالب على عمل العدول – بحسب علمنا- في أكثر السماطات والمراكز والمكاتب المنفردة أنهم لا يقتسمون الأجرة إلا في حالات نادرة، وحتى اقتسامها فإنه لا يخضع لمسألة التسوية – بعد خصم المصاريف أو عدم خصمها – إلا نادرا، فالشركة من هذا الوجه فاسدة من وجه أولى وأحرى.

[32] - لأن إقرار القاضي للشهادة والحكم بمقتضاها يعتبر قبولا لها وثبوتا وأداء وخطابا، حتى في ظل نظرية الكاتب مع الشاهدين.

[33] - وهو يتميز من خلال التسمية والمقتضيات عن نظام الكاتب بالعدل .

[34] - الفقرة 3 من المادة 4 من قانون 16.03.

[35] - لأن القانون ذكر المروءة، وهي أخص من العدالة وأدق، فمن باب أولى وأحرى أن يكون الشاهد عدلا.

- انظر : العلمي الحراق، التوثيق، م س، ج1، ص 212.

عن الكاتب

محمد الكويط

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

آخر مشاركة

الصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء السابع) - بينة التوثيق والحقوق

تابع المدونة من هنا

جميع الحقوق محفوظة

بينة التوثيق والحقوق

2025