أصول ملكية العقارات غير المحفظة
يطرح أصل التملك في العقارات غير المحفظة إشكالات فقهية وتوثيقية تستلزم منا الإحاطة بموقف التشريع المغربي من هذه القضية (أولا) لصياغة الحل الذي نراه عبر مقترحات عملية (ثانيا).
أولا- التشريع المطبق على أصل التملك في العقارات غير المحفظة.
تنص المادة 18 من المرسوم التطبيقي[1] للقانون المتعلق
بخطة العدالة[2] على ما يلي: "يتعين
على العدل عند تلقي الشهادات مراعاة الشروط المقررة وكذا استحضار المستندات
اللازمة.
إذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ وجب على
العدل التأكد بواسطة شهادة صادرة عن السلطة المحلية من كونه ليس ملكا جماعيا أو
حبسيا وليس من أملاك الدولة وغيرها".
وقد وردت هذه المادة في معرض التفسير للمادة
31 من قانون 16.03 التي تنص على أنه: "يتعين أن تشتمل الشهادة
على الهوية الكاملة للمشهود عليه، وحقه في التصرف في المشهود فيه، وكونه يتمتع
بالأهلية القانونية لهذا التصرف..."
(إذ أن المادة 31) لم تبين... كيفية أو
وسيلة التأكد من حق المشهود عليه في التصرف في المشهود فيه؛ لاسيما إذا كان
المشهود فيه عبارة عن منقول أو عقار غير محفظ... وإذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ
فإن الفقرة الأولى من المادة 18 أوجبت على العدلين عند تلقي الشهادات مراعاة
الشروط المقررة في تلقي كل عقد على حدة ولم تبين ماهية هذه الشروط؛ ولا وسيلة
التأكد من حق المشهود عليه في التصرف في المشهود فيه...[3]
أما منطوق الفقرة الثانية (من المادة 18)
فيخص حالة ما إذا تعلق أمر تلقي الشهادة بعقار غير محفظ؛ أنى كان موضوع هذا
التلقي، أي سواء كان الموضوع يتعلق بتأسيس ملكية أو بإثبات تصرف أو استغلال أو
حيازة قانونية أو إحصاء متروك أو غيرها... ففي هذه الحالة يتعين على العدلين
التأكد بواسطة الشهادة الإدارية المذكورة من وضعية هذا العقار ومن كونه ليس ملكا
جماعيا ولا حبسيا ولا ملكا من أملاك الدولة ولا غيرها...[4]
غير أن من
شأن هاتين الفقرتين أن تطرحا إشكالات على مستوى التطبيق.
فالفقرة الأولى لم تبين وسيلة التأكد من حق
المشهود عليه في التصرف في المشهود فيه. وللجواب على هذا الإشكال صرح بعض الفقه[5] بما يلي: "يتعين
على العدلين اتباع القواعد الفقهية والاجتهادية[6] المقررة في هذا
الشأن؛ وذلك بأن يتأملا رسوم الشراء أو الهبات أو رسوم الملك عامة التي بيد
البائع، وخاصة إذا تعلق الأمر بالأصول بعد إحضارها من طرفه؛ فإن وجداها كافية ولا
تتوقف على شيء تلقيا الإشهاد بناء عليها، وإن وجداها غير كافية أشعرا المشتري بها،
فإن قبلها على حالتها، تلقيا الشهادة وأشارا في صلب الوثيقة إلى هذا القبول... وإن
رفضها لم يشهدا على شيء[7]...".
ولتوضيح حد الكفاية في سندات التملك يقول
الفقيه نفسه[8]: "فإذا كان موضوع الشهادة
تفويت عقار –مثلا- أنى كانت طبيعته، وجب على العدلين مطالبة المفوت بمستند تملكه
للعقار... كرسم الملكية أو رسم شراء أو هبة أو مناقلة أو غيرها من الرسوم الناقلة
للملكية إن كان العقار غير محفظ، وحينها يتحدد موقف العدلين من تلقي الشهادة أو
عدم تلقيها بناء على ما تفيده هذه المستندات؛ وإذا تم الإدلاء بالمستند اللازم
للشهادة وكان هذا المستند قويا مفيدا للملك وناقلا له[9]، فإن هذا المستند هو
الشاهد والدال على أن العقار ليس ملكا جماعيا ولا حبسيا ولا ملكا من أملاك الدولة
ولا غيرها، وبالتالي تتلقى الشهادة من طرف العدلين استنادا إلى ظاهر هذا المستند
دون حاجة إلى التأكد من ذلك بواسطة شهادة من السلطة المحلية...
أما الفقرة الثانية فهي بدورها تطرح إشكالا
حول الحالات التي توجب استحضار الشهادة الإدارية؛ إذ قد يفهم منها وجوب الإدلاء بهذه
الشهادة عند كل تصرف على العقار غير المحفظ مهما كان نوع هذا التصرف ووقته.
وقد عبرت الهيئة الوطنية للعدول عن هذا
الفهم بمقتضى بلاغ لها طلبت فيه:"إيجاد حل لمشكل المادة 18 من المرسوم
المتعلق بتنظيم أحكام قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة والتي قطعت بدورها[10]الأرزاق على السادة
العدول، وربطت كل عمل أو تصرف في العقارات غير المحفظة بشهادة إدارية تسلمها
السلطة المحلية، لكن مصالح وزارة الداخلية لا تعترف بهذه المادة ولا تسلم هذه
الشهادة[11]، وبذلك ضاعت الحقوق".[12]
أما الفهم الصحيح فيقضي بأن الفقرة الثانية
من المادة 18 ينبغي تطبيقها في حالتين؛ تتمثل الأولى في تأسيس ملكية عقار غير محفظ
أو إثبات أي تصرف أو استغلال له[13] لأول مرة؛ [14] وتتجلى الثانية في عدم
إحضار طالب الشهادة لأي مستند يفيد الملك، أو إحضاره لمستند ضعيف ناقص لا يفيد
الملكية التامة أو التصرف التام.[15]
فالمطالبة بالشهادة الإدارية في غير هاتين
الحالتين "فيه نوع من تقييد حرية الإنسان في التصرف في ماله
وملكه؛ وهو ما قد يتعارض مع قاعدة التملك أو التمليك المنصوص عليها دستوريا...[16] ولا يعقل أن يقول بهذا
أحد".[17]
فكلما توفر طالب الشهادة على ما يفيد تملكه
للعقار كلما وجب الامتناع عن مطالبته بالشهادة الإدارية المذكورة؛ وبهذا المعنى
صرح منشور صادر عن وزارة العدل هذا مقتطف من نصه:"ونظرا إلى أن
مقتضيات هذه الفقرة تهدف إلى حماية الأملاك الجماعية والحبسية وأملاك الدولة
وغيرها من الترامي والتصرفات غير المشروعة؛ ونظرا إلى أن الهدف المذكور يتحقق
عندما يكون طالب الشهادة يتوفر على ما يفيد تملكه العقار غير المحفظ؛ وتفاديا لأي
اختلاف في التطبيق العملي؛ نطلب منكم إشعار السادة العدول بالمطالبة بالشهادة
الإدارية المشار إليها أعلاه، إذا تعلق الأمر بعقار غير محفـظ لا يتوفر
المعني بالأمر على ما يفيد تملكه له؛ وإعطاء ذلك ما يستحق من العناية والسهر
على تطبيقه بكل دقة واهتمام".[18]
لكن الإشكال ما زال قائما لأن اقتناع العدل
بأن المستند يفيد الملك أو لا يفيده يظل أمرا نسبيا مختلفا فيه ؛ ويتأثر بعادات
وأعراف دوائر انتصاب العدول، وبمواقف قضاة التوثيق، فضلا عن تباين المستويات
العلمية والثقافية للعدول. كما أن استحضار الشهادة الإدارية، يحسم في أمر ملكية
الدولة فحسب، إذ لا دخل لهذه الشهادة في الملكية الخاصة.
ثانيا- اقتراحات عملية بخصوص أصل التملك في العقارات غير المحفظة.
في انتظار الانتباه إلى معضلة أصل
التملك من قبل الدارسين والمشرع، رأينا أن نبدي بعض المقترحات العملية المتواضعة،
التي تتعلق بنقطتين[19] نصوغهما فيما يلي:
1- بخصوص مستندات التملك.
في هذا الجانب، ندعو – بحسب
الأصل- إلى اعتماد التفويتات الثلاثة الأخيرة المتواترة كحد أدنى لأصول التملك، مع التقيد بما يلي:
- لابد أن تكون تلك الأصول عبارة عن
تفويتات، أي عقود أو تصرفات تنشأ الملكية بموجبها مثل البيع والهبة والمعاوضة
والمخارجة والمناقلة .
- لا ينبغي أن تكون تلك الأصول عبارة عن
وصايا أو رسوم إراثة؛ نعم يمكن قبول رسم الإراثة وكذلك الوصية إذا كانت مضمنة به
شريطة أن يكون من بين الأصول الثلاثة عقد تفويت واحد على الأقل؛ فلو أن شخصا (أ)
أراد بيع عقاره الذي ورثه عن والده (ب) الذي ورثه بدوره عن والده (ج) الذي اشتراه
من (د)، فإن (أ) يستند في هذه الحالة إلى أصول تملك قوية فيجوز له بيع عقاره، لكن
ذلك مشروط بأن لا يكون رسم الشراء الواقع من (د) إلى (ج) مجردا عن أصل التملك؛ فلا
بد هنا من أصل واحد على الأقل تتم معاينة مراجعه برسم الشراء ولو لم يتوفر لدى (أ)
عند لحظة التفويت، ونستثني من هذا المقتضى تلك الأشرية والهبات التي تمت وفق ظهير
7 فبراير 1944 المنظم للمحاكم الشرعية[20]- المنسوخ- فتلك الأشرية
يمكن الاعتماد عليها[21] إذا أعقبها رسمان
آخران يتعلقان بالتفويت أو الإراثة.
- لابد أن يكون واحد من الأصول على الأقل قد
أنجز داخل مدة السنوات العشر الأخيرة السابقة عن التفويت لأن هذه المدة هي أقل مدد
الحيازة الاستحقاقية، فإن كانت الرسوم كلها ترجع إلى فترة ما قبل السنوات العشر،
فيكلف الراغب بالتفويت بإقامة رسم ملكية،[22] فإن ادعى العجز عن ذلك
يكتب رسم التفويت بناء على الأصول المتوفرة إذا وافق المفوت إليه على ذلك مع
الإشارة إلى ذلك في الرسم، ويستحسن في هذه الحالة أن يستأنس العدل بكل الوثائق
التي تفيد الحيازة وإن كانت لا تعتبر سندات تملك، كفواتير الماء والكهرباء وشواهد
الإقامة وغيرها.[23]
- إذا كان أصل التملك الذي بيد الراغب في
التفويت عبارة عن حكم قضائي نهائي، فيعتمد عليه كأصل تملك معتبر دون طلب إحضار
الوثائق التي يستند إليها هذا الحكم، لأن الحكم القضائي يطهر السبب الذي استند
عليه من عيوبه. أما إذا كان ترتيب الحكم القضائي هو الأخير في سلسلة أصول الملك
إذا ابتدأنا الحساب من الرسم الذي يستند إليه طالب التفويت، فإنه لا يعتمد عليه
لوحده إذا ثبت لدى العدل –بوسيلة ما- أنه أنجز بناء على هذا الحكم تفويت آخر،[24] وذلك حتى لا يساعد العدل الأطراف على التدليس.[25] وإذا صدر الحكم قبل
بداية السنوات العشر السابقة على التصرف فيطبق بشأنه ما قلناه آنفا.
- ما نراه في الحكم القضائي يطبق على رسم
الحيازة التي تتمتع هي الأخرى بخاصية التطهير[26] وعلى الرسم العدلي
المثبت لانتقال ملكية عقار غير محفظ عن طريق النزع الجبري للملكية.[27
- إذا كانت أصول الملك المتواترة والمطردة
تقل عن ثلاثة -في حدود ما رسمناه سابقا- فيلجأ إلى تقنية الحيازة إن توفرت مدة
العشر سنوات، وإلا فينجز رسم إحصاء تكمل به الأصول الثلاثة شريطة أن يتم الإحصاء
بناء على تلك المستندات حتى لو كانت تنقص عن العدد المطلوب، أو ينجز الإحصاء
بواسطة شهود اللفيف عند عدم وجود الوثائق، وينبغي أن يستأنس العدل بكل الوثائق التي
لا تفيد الملك مثل فواتير الكهرباء والخرائط والتصاميم وغيرها. ولا ينبغي العمل
بالإحصاء المستند إلى مجرد أقوال الورثة إلا عند تفويت حق عيني يملكه القاصر
لفائدة أحد الورثة أو الأغيار، أو تفويت حق عيني يملكه أحد الورثة لفائدة القاصر،
والكل في إطار قواعد مدونة الأسرة وقانون المسطرة المدنية. ولا يمكن للورثة
الرشداء أن يفوتوا لفائدة الورثة الآخرين الرشداء أو الأغيار بناء على هذا الإحصاء
المجرد عن مستندات الملك.
- ينبغي أن يعتبر رسم الإحصاء المجرد عن
المستندات أو الشهود إذا كان كل الورثة رشداء عدما ولغوا لا ينبغي احتسابه، إلا أن
يكون حكم قضائي قد اعتبره ضمن أصول الملك، فالمرجع للحكم لا للإحصاء.
2- ما ينبغي عمله بخصوص
الشهادة الإدارية .
بخصوص الشهادة الإدارية التي تفيد أن
العقار ليس محبسا أو جماعيا أو ينتمي إلى أملاك الدولة، نبدي ما يلي:
- ليست الشهادة الإدارية المذكورة في المادة
18 من الشروط التي تتوقف عليها صحة الوثائق، إذ لا يترتب الإبطال أو البطلان على
عدم ذكرها بمراجعها في وثيقة الحيازة أو في التصرف بالتفويت. لكن ينبغي أن نعتبر
أنها من شروط الخطاب على الوثيقة في الحالة الواجب أن تتوفر فيها؛ نعم إذا حدث
وخاطب القاضي على الوثيقة غير المتضمنة لمراجع الشهادة الإدارية – في حالة ما إذا
كان هذا التضمين واجبا- وذلك نتيجة الغلط أو نتيجة اعتقاده بأنها غير لازمة في
الحالة الموجودة أمامه، فإن الشهادة تعتبر صحيحة وعاملة إذا توفرت الشروط الأخرى
التي يعتبرها المشرع أركانا.
ونحن نقرر هذا المقتضى لأنه قد يثبت
بأن العقار ينتمي إلى الملكية الخاصة- سواء ملكية الراغب في التفويت أو ملكية
غيره- فهنا لا يضر عدم ذكر الشهادة الإدارية بوثيقة الحيازة أو التصرف، وقد يثبت
بأن العقار ينتمي إلى أملاك الدولة أو الأوقاف، فهنا تبطل الوثيقة حتى لو ذكرت
فيها مراجع الشهادة الإدارية، لأن التصرف في الأملاك العامة بالتفويت ممنوع- بحسب
الأصل- وهو مقتضى من النظام العام يبطل كل ما يخالفه.[28]
- نرى أن الشهادة الإدارية لا تعد واجبة إلا إذا أراد الراغب في التفويت التصرف في العقار لأول مرة أو لم يتوفر على أي سند يفيد الملك ولو واحدا، فهي غير واجبة إذا وجد أصل تملك واحد على الأقل يفيد الملكية كوثيقة الهبة أو البيع أو الحكم القضائي أو الإحصاء المستند إلى أصول تملك معتبرة أو الإحصاء بواسطة الشهود[29] أو الإحصاء بمجرد تصريحات الورثة إن وجد بينهم محجور وكان التفويت منه أو لفائدته، أو الحيازة.
- نرى أن الشهادة الإدارية غير واجبة إذا
أشارت إلى مراجعها وثيقة تملك سابقة ولو كانت هذه الوثيقة بعيدة من حيث المدة ولا
يوجد ارتباط تسلسلي بينها وبين أصول الملك الأخيرة، فلا ضير في ذلك ما دامت هذه
الوثيقة تتعلق بنفس العقار المذكور بالأصول الأخيرة،[30] ولأن المقصود بالشهادة
الإدارية هو إفادة انتفاء الملكية العامة دون الملكية الخاصة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - مرسوم رقم 2.08.378 صادر في 28 من شوال 1429(28أكتوبر 2008) بتطبيق أحكام القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة، ج.ر عدد 5687 بتاريخ 2 ذي الحجة 1429(فاتح ديسمبر 2008)، ص 4403.
[2] - قانون رقم 16.03 يتعلق بخطة العدالة الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.56 بتاريخ 15 من محرم 1427(14 فبراير 2006)، ج.ر
عدد 5400 بتاريخ فاتح صفر 1427(2 مارس 2006)، ص 567.
[3] - العلمي
الحراق،التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته فـي مدونة
الأسرة ،مكتبة دار السلام، الرباط ، طبعة 2009، ج 2 ، ص 58-59.
[4] - العلمي
الحراق،الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة ،مطبعة كانا برينت، الرباط
،الطبعة الأولى 2009،ص 97-98.
[5] - الحراق،التوثيق،
م س،بالموضع نفسه.
[6] - يقصد القواعد
الفقهية والاجتهادية المقررة في المذهب المالكي.
[7] - المرجع والصفحة
نفسهما.
[8] - الحراق، الوجيز،
م س ، ص 97.
[9] - وذلك كرسم
الملكية المشار فيه إلى كون السلطة المحلية سبق لها أن سلمت شهادة إدارية وأفادت
فيها كون العقار ليس ملكا جماعيا ولا حبسيا ولا ملكا من أملاك الدولة وغيرها،
وكرسم إحصاء تركة مبني على رسوم التملك المعتبرة.
- المرجع السابق، بالموضع نفسه، الهامش 39.
[10] - جاءت هذه العبارة
في سياق الاعتراض على الفقرة الثانية من قانون المالية لسنة 2010 التي خولت للموثق
(العصري) وحده صلاحية كتابة العقود المتعلقة بالسكن الاجتماعي.
[11] - لتجاوز نوع من
التعامل السلبي الذي يلاقيه تفعيل المادة 18... تم إعداد مشروع دورية مشتركة...(من
ضمن ما جاء فيه):"إلا أنه لوحظ من خلال التطبيق العملي لمقتضيات هذه
المادة وجود اختلاف في كيفية تفعيلها أدى إلى عدم الاستجابة لبعض طلبات المواطنين
الرامية إلى الحصول على الشهادة الإدارية المذكورة في الوقت المناسب؛و من أجل
توحيد إجراءات تسليم هذه الشهادة؛ وتفاديا للأعباء المادية والمعنوية التي قد
يتكبدها المواطنون المعنيون؛ وإعمالا لمقتضيات المادة 18 المشار إليها أعلاه على
وجه سليم؛ يتعين سلوك الإجراءات التالية...".
- للإطلاع على الإجراءات التي تضمنها مشروع الدورية انظر:
- محمد أوزيان ، عوائق تفعيل المادة 18 من المرسوم المتعلق بتطبيق خطة
العدالة ، افتتاحية مجلة الحقوق المغربية، العدد 11 ، السنة 2011 ، ص9 وما بعدها.
إلا أن الآجال التي تضمنتها تلك الإجراءات قد تعد نسبيا طويلة من وجهة نظر بعض
المالكين الذين يستعجلون التفويت خشية ضياع فرصة إيجاد المشترين من أيديهم، ولذلك فالحل
–في نظرنا- هو أن يبرم الأطراف عقد وعد بالبيع مشفوعا بدفع عربون يتضمن أن التفويت
النهائي يتوقف على تمام إجراءات تسليم الشهادة الإدارية.
[12] - بلاغ المكتب
التنفيذي للهيئة الوطنية للعدول الصادر في 11 صفر 1431 موافق 27/01/2010.
ولا يرتبط عدم تسليم الشهادة بكون السلطات المحلية لا تعترف بها- على حد ما
ذكره البيان- بل إن الوزارة تستند في امتناعها إلى ما تراه من أن :"إقدام
الإدارة على تسليم شهادة تنفي بها تملكها للعقار المراد توثيقه عند العدل، فإن ذلك
يمنعها من أية منازعة مستقبلية فيه مهما كان السبب، إذ ستؤول هذه الشهادة كإقرار
من الإدارة بعدم التملك، وهو أمر لن تقع أي إدارة فيه حفاظا على الصالح العام...
(وهو موقف يجد دعما من جانب من الباحثين استنادا إلى ما يلي:)
- هناك عقارات لم تخضع بعد لنظام التحفيظ
العقاري وبالتالي ينبغي ضبط وضعيتها بدقة؛
- الدولة ما زالت لم تسترجع بعد جميع
العقارات الفلاحية في إطار ظهير 26 شتنبر 1963 المتعلق بأراضي الاستعمار وظهير 2
مارس 1973 المتعلق باسترجاع العقارات العائدة ملكيتها لأشخاص ذاتيين أو معنويين
أجانب؛
- هناك عقارات أخرى قد تؤول إلى الدولة
مستقبلا في إطار النصوص المتعلقة بالتركات الشاغرة وغير ذلك من وسائل التملك
الأخرى".
- محمد أوزيان ، م س.
[13] - أو إحصاء متروك.
[14] - الحراق،التوثيق،
م س، ص 59.
[15] - وذلك كما إذا كان
المستند المدلى به عبارة عن رسم عرفي ( لم يحرر ضمن المقتضيات القانونية)، أو رسم
هبة أو صدقة أو شراء عدلي لم يشر فيه إلى مستندات تملك المفوتين الأصليين ؛ وكرسم
إحصاء تركة مبني على مجرد تصريحات الورثة.
- انظر : الحراق، الوجيز، م س، ص 97 هامش 40.
[16] - ينص الفصل 35 من
الدستور المغربي على ما يلي: "يضمن القانون حماية حق الملكية.
ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون، إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية
الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق
الإجراءات التي ينص عليها القانون...".
- انظر: دستور المملكة المغربية الصادر بتنفيذ نصه الظهير الشريف رقم 1.11.91
في 27 من شعبان 1432(29 يوليوز 2011)، ج ر عدد 5964 مكرر الصادرة في 30/07/2011 ص
3600.
[17] - الحراق، م س، ص
98.
[18] - منشور عدد 40 س ،
صادر عن مديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل بتاريخ 13 يوليوز 2009 تحت عنوان:"حول
تطبيق مقتضيات المادة 18 من المرسوم التطبيقي للقانون المتعلق بخطة العدالة".
[19] - وهناك نقطتان
أخريان سبق التطرق إليهما ضمن المقترحات المتعلقة بمعضلة وكلاء الأعمال في مقال آخر من هذه المدونة، وتتعلقان
بإحداث كناش لملكية العقارات غير المحفظة ، وبإضفاء الصبغة الرسمية على العقود
العرفية من لدن العدول.
[20] - ظهير 7 فبراير
1944 المنظم للمحاكم الشرعية ، ج.ر (بالعربية) عدد 1634
في 18/02/1944 ، ص 153.
[21] - بينما يرى بعض
الباحثين خلاف ذلك بدعوى "أن هذه الرسوم المجردة من تملك البائع
(المنجزة وفق ظهير 7 فبراير 1944) لا تثبت الملك بل فقط انتقاله من شخص إلى آخر".
- انظر: محمد الربيعي، الأحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم،
مكتبة المعرفة، مراكش، الطبعة الأولى، أكتوبر 2008، ص 194.
وبالرغم من أن الأشرية المجردة لا تثبت الملك ولا تفيد انتقاله، إذ لا يمكن
للملك أن ينتقل إلى شخص إلا إذا ثبت لفائدة الشخص الذي انتقل منه، فإننا مع ذلك
نرى أن الأشرية التي تمت في إطار ظهير 1944 ينبغي الاستناد إليها لأن المشرع رتب
عليها آثارها للأسباب التي رآها صالحة في وقتها، ثم إن عدم إعمالها يؤدي إلى
التكليف بمستحيل وإلى نقض المراكز القانونية التي نشأت في ظلها، خاصة إذا تعدد
الورثة وتواترت المناسخات وكثرت التصرفات على العقار؛ نعم قد يقال بأن الأولى هنا
هو اللجوء إلى إقامة رسم الحيازة أو الملكية، لكن قد يتعذر ذلك بسبب النزاع بين
الورثة أو بسبب عدم إيجاد شهود كبار السن عاصروا تصرف الموروث والورثة من بعده،
فإذن ينبغي إعمال تلك الرسوم من باب أن الضرورات تبيح المحظورات.
[22] - ولا بأس من تضمين
رسم الحيازة السبب الذي استند إليه ولو كان عبارة عن رسم تفويت واحد على لسان
الشهود إن هم علموا ذلك، أو بواسطة بيان لمراجع رسم التفويت بعد طليعة وثيقة
الحيازة.
[23] - لأن هذه
الوثائق تعد من باب القرائن التي تتعزز بها شهادة اللفيف؛ وقد تعتبر
بعضها في حالات خاصة ونادرة من باب بداية الحجة بالكتابة التي يتم
تعزيزها بالشهادة أو القرائن ، والشهادة هنا هي شهادة اللفيف.
[24] - كأن يبيع صاحب
الحكم القضائي عقاره لشخص بناء على هذا الحكم، ثم يأتي مرة أخرى ويبيع نفس العقار
لشخص آخر بناء على نفس الحكم.
[25] - يتمثل هذا
التدليس في إمكانية بيع نفس العقار مرتين أو ثلاثا بناء على الحكم القضائي.
[26] - للحيازة أثر مطهر
للملكية؛ مثلها في ذلك مثل الحكم القضائي ، وهذا أمر كاف للقول بأن الحيازة قرينة
على الملك وليست سببا فيه ، لأن الحيازة إنما تطهر السبب في الملك الذي انبنت عليه
، والذي يأتي في صورة عقد أو تصرف.
[27] - يعتبر نزع
الملكية الجبري سببا من أسباب كسب الملكية بالنسبة لمن حصل على ذلك الشيء أو الحق
الذي انتزع من مالكه. ويتمثل ذلك في البيع الذي يجرى تنفيذا لحجز واقع على منقول
أو عقار، وسواء كان هذا العقار محفظا أو غير محفظ.
فلو فرضنا أن حكما صدر ضد شخص بأداء مبلغ من المال ولم يؤده، فإن المحكمة تحجز
منقولاته وعقاراته إن اقتضى الأمر ذلك، ثم تباع بالمزاد العلني طبقا لإجراءات خاصة
منصوص عليها في المسطرة المدنية، وعندما يرسو المزاد على آخر مزايد يصبح مالكا لما
وقعت عليه المزايدة، ويحق له أن يطلب تسجيل اسمه في الرسم (العقاري إذا كان العقار
محفظا)...كما يحق له أن يطلب إقامة رسم عدلي إذا كان الأمر يتعلق بعقار غير محفظ
يثبت به انتقال ملكية ذلك العقار إليه.
- محمد ابن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي،
مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية 1999، ص 346.
[28] - قد يتعرض العدل
هنا للمسؤولية التأديبية وللمسؤولية المدنية التقصيرية في حالة ضرر أصاب الدولة أو
الجماعة أو الأحباس.
[29] - قد يكون الإحصاء
بواسطة الشهود ذريعة إلى عدم الإدلاء بالشهادة الإدارية، فنحن نرى إزاء ذلك أنه من
المستحسن أن يتأكد العدل من الحيازة إن أمكن بواسطة وثائق لا تفيد الملك مثل
الفواتير وشواهد الإقامة وتواصيل الضرائب والتصاميم وغيرها.
[30] - نعم يعمل
بالاطراد والتسلسل والتواتر بالنسبة لأصول الملك الثلاثة الأخيرة فما فوقها، ولكن
لا نرى العمل به بخصوص الشهادة الإدارية.