بينة التوثيق والحقوق بينة التوثيق والحقوق
random

آخر الأخبار

تفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقالالتزام بالتعاقد (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوق الالتزام بالتعاقد (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقالالتزام بالتعاقد (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقإحصاء التركة كأصل للتملك (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقإحصاء التركة كأصل للتملك (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقالهوية والتعريف في الوثائق العدلية - بينة التوثيق والحقوق
random
جاري التحميل ...

إحصاء التركة كأصل للتملك (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوق

 

                         إحصاء التركة كأصل للتملك (الجزء الأول)

        


                     
                                   

يتم تحديد أصل الملك في العقارات المحفظة باللجوء إلى معاينة الرسوم العقارية  أو   الاطلاع على الشهادات والنسخ المستخرجة منها،[1] بينما تصعب الإحاطة بماهية وطبيعة الوثائق التي تشكل سندات للملك في العقارات غير المحفظة .

   وقد ظهر  لنا   –بعد الاستقراء- أن  وثائق  الملكية  العقارية  بالنسبة  للعقارات  غير  المحفظة، تنقسم إلى قسمين: أسباب للملك وقرائن على الملك.

وتتجلى أسباب الملك في عقود التصرفات العقارية، وذلك مثل  عقود  الأشرية   والهبات[2]  اللذين يعدان النموذجين الظاهرين لعقود المعاوضات والتبرعات.[3]

 وتعد أسباب الملك أقوى من حيث الحجية من القرائن على الملك. ونجد وثيقة الحيازة أو الملكية أو الاستمرار في طليعة هذه القرائن حسب المعتمد عند الفقهاء المسلمين.[4]

ومعلوم أن القرائن تدخل ضمن وسائل الإثبات؛[5] ومن بين أنواع القرائن في مجال تملك العقارات نجد الحيازة والحكم القضائي النهائي.[6]

أما إحصاء التركة[7] فهو في نظرنا يدخل ضمن القرائن إن توفرت فيه شروط معينة.

والإحصاء هو إثبات ملكية الموروث لما خلفه لورثته من بعد وفاته، ونقله إليهم عن طريق الإرث. ويقصد برسم إحصاء التركة عند الإطلاق الوثيقة الرسمية التي تحصى فيها ممتلكات الهالك.

 ولا تعد وثيقة الإحصاء أصلا معتبرا من أصول التملك إلا إذا أسست وفقا لقواعد الإحصاء الجاري بها العمل،[8] التي أشارت إليها المادة 377 من مدونة الأسرة.

وتتعلق قواعد الإحصاء الجاري بها العمل بتحديد الجهات المختصة بتلقي الإحصاء (مطلب أول) وبمعرفة الطرق التي يتم من خلالها هذا الإحصاء (مطلب ثاني).

 

 

المطلب الأول: الجهات المختصة بتلقي الإحصاء

 

تختلف الجهات المختصة بتلقي رسوم الإحصاء تبعا لجنسية الأطراف الراغبين في الإحصاء ولموطن وجود التركات، وهكذا فالجهة المختصة في تلقي رسوم الإحصاء المتعلقة بتركات المغاربة سواء ما وجد منها بأرض الوطن أو خارجه (أولا) هي مبدئيا غير الجهة المختصة في تلقي رسوم الإحصاء المتعلقة بتركات الأجانب الموجودة على أرض الوطن (ثانيا)، وفي كل الأحوال فإن تحديد الجهة المختصة يثير التساؤل حول مدى حجية الإحصاء المقام بواسطة الوثائق العرفية (ثالثا).

 

 أولا_ تلقي رسوم الإحصاء المتعلقة بتركات المغاربة.

 إذا تعلق الأمر بالمواطنين المغاربة، فإما أن تكون تركاتهم متواجدة بأرض الوطن أو تكون خارجه، وفي كل إما أن يكون هؤلاء المغاربة مسلمي الديانة، أو يكونوا غير مسلمين؛ فتختلف جهة تلقي رسوم الإحصاء تبعا لذلك.

 

أ‌-    تلقي رسوم الإحصاء المتعلقة بتركات المغاربة الموجودة على أرض الوطن.

 

 العدول هم الجهة الوحيدة المختصة بتلقي رسوم الإحصاء المتعلقة بتركات المغاربة المسلمين الموجودة على أرض الوطن، وذلك طبقا للمواد 252 و 377 و 394 من مدونة الأسرة؛[9] والفصل 241 من قانون المسطرة المدنية.[10]

والعدول أيضا هم المختصون وحدهم دون سواهم في إحصاء تركات المغاربة غير المسلمين وغير اليهود الموجودة داخل أرض الوطن، حسبما يستفاد من نص المادة الثانية من مدونة الأسرة؛[11] والفصل 3 من قانون الجنسية المغربي.[12]

أما تركات المغاربة اليهود الموجودة على أرض الوطن فيختص في إحصائها الموثقون العبريون.[13]

 

ب‌-  تلقي رسوم الإحصاء المتعلقة بتركات المغاربة الموجودة خارج أرض الوطن.

 أما تركات المغاربة الموجودة خارج أرض الوطن فالمختص بإحصائها وتصفيتها هم السفراء و القناصل والأعوان الديبلوماسيون العاملون بالخارج الذين أناط بهم المشرع بعض اختصاصات العدول ومن أهمها القيام بإحصاءات تركات المغاربة الموجودة خارج أرض الوطن.[14]

 

ثانيا_ تلقي رسوم الإحصاء المتعلقة بتركات الأجانب الموجودة على أرض الوطن.

 إذا تعلق الأمر بتركات يملكها أجانب مسلمون أو يهود بالمغرب، فإن الجهة المخول لها تلقي رسوم إحصاءاتهم كانت محددة في الموثقين والعدول بحسب ظهير 4 ماي 1925، إلا أن إلغاء هذا الظهير وعدم نص القانون 32.09 الذي حل محله[15] على مقتضيات مشابهة خلف فراغا تشريعيا آخر بالإضافة إلى ذلك الفراغ المتمثل في عدم النص مطلقا على الجهة المخول لها تلقي تركات الأجانب الموجودة بالمغرب فيما إذا كان هؤلاء ليسوا مسلمين ولا يهود.

فوجب إذن أن نرصد هذا الإشكال من خلال معرفة موقف المشرع المغربي المتمثل في ظهير 1925 الملغى (أولا) ومن خلال بحث المسألة في إطار القانون الدولي الخاص المغربي (ثانيا).

 

أ‌-       الجهة المختصة بتلقي تركات الأجانب بحسب ظهير 5 ماي 1925 الملغى.

 

كان الفصل الرابع من ظهير 4 مايو 1925(المتعلق بتنظيم التوثيق الفرنسي بالمغرب) ينص على ما يلي: "يمكن للموثقين الفرنسويين بالمغرب أن يحرروا طبقا لمقتضيات الشريعة الإسلامية أو الموساوية وبمعية العدول والموثقين الأهليين رسوم الإرث المتعلقة بالمسلمين أو الإسرائليين إذا كانوا من الرعايا الفرنسويين أو كانوا غير مغربيين وأصلهم من بلاد مجعولة تحت الحماية الفرنسوية".

ويستفاد من النص المذكور أن الاختصاص فيما يتعلق برسوم إرث الأجانب المسلمين الموجودة فوق التراب المغربي وخاصة الفرنسيين ومن في حكمهم – والتي يعد الإحصاء من بينها-[16] كان مشتركا بين العدول والموثقين على السواء.

إلا أن ظهير 4 ماي 1925 قد تم نسخه بمقتضى القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق[17] الذي دخل إلى حيز التنفيذ بتاريخ 25 نونبر 2012.[18]  وعلى عكس ظهير 4 ماي 1925 فإن قانون 32.09 لم يذكر الاختصاص النوعي للموثق على وجه التفصيل، بل نص على اختصاص نوعي مجمل بمقتضى المادة 35 التي جاء فيها :"يتلقى الموثق-ما لم ينص القانون على خلاف ذلك – العقود التي يفرض القانون إعطاءها الصبغة الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة العمومية أو التي يرغب الأطراف في إضفاء هذا الطابع عليها ويقوم بإثبات تاريخها وضمان حفظ أصولها وبتسليم نظائر ونسخ منها".[19] 

وأمام إجمال هذا النص فلا توجد قيود على الاختصاص النوعي للموثق إلا إذا وجد قانون يخول الاختصاص لجهة أخرى غير الموثق،[20] وذلك مثل قانون الحالة المدنية الذي يحصر الاختصاص في كتابة المحررات المتعلقة بالحالة المدنية في ضباط الحالة المدنية دون غيرهم.[21]

ومن ضمن الاستثناءات على اختصاص الموثق العقود المتعلقة بالأحوال الشخصية للمسلمين والوقف ونحوها فالموثق غير مختص نوعيا في توثيق عقد الزواج والطلاق والرجعة والتحبيس والرجوع عنه حيث جعلها المشرع من اختصاص العدول المنتصبين للإشهاد. فإذا قام الموثق بتوثيق محرر خارج عن اختصاصه كما في هذه الأحوال فإن مآل هذا المحرر البطلان كتصرف قانوني.[22]

ويدخل إحصاء المتروك بالنسبة لتركات المغاربة الموجودة على أرض الوطن في باب الاستثناء من الاختصاص النوعي للموثق، لأنه يعد –بحسب ما رأينا سابقا- اختصاصا حصريا للعدول.

ولذلك نرى أن من المناسب تفسير إجمال المادة 35 بتبني نفس الاختصاصات التي كانت مسطرة بصفة مفصلة في قانون 1925 الملغى،[23] والتي من بينها اختصاصه في كتابة تركات الأجانب المسلمين واليهود.[24]

ومهما يكن من أمر، وأمام غياب مقتضى تشريعي صريح يعالج هذه المسألة فليس أمامنا إلا أن نرصدها في إطار القانون الدولي الخاص.

 

ب‌-  الجهة المختصة بتلقي تركات الأجانب في القانون الدولي الخاص المغربي.

 

لا يوجد في التشريع المغربي لحد الآن نص صريح يحدد الجهة المختصة بتلقي رسوم إحصاء تركات الأجانب الموجودة بالمغرب إذا كانوا مسلمين أو يهودا، وذلك بحسب ما أوضحناه آنفا. ولا يوجد أيضا في التشريع المغربي- بحسب علمنا- أي نص قانوني يعين الجهة المختصة بتلقي رسوم إحصاء التركات الموجودة على أرض الوطن التي يكون جميع أطرافها أجانب غير مسلمين ولا يهود. وعليه فلا بد من معرفة القواعد الواجبة التطبيق إزاء هذا الفراغ التشريعي المتعلق بإحصاء تركات الأجانب الموجودة على أرض المغرب بصفة عامة سواء كانوا مسلمين أو يهودا أو كانوا غير مسلمين ولا يهود.

وهذه القواعد القانونية يمكن استنباطها من القانون الدولي الخاص المغربي؛ وبمقتضى هذه القواعد فينبغي العمل بالاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل المغرب، وحيث أنه لا توجد-بحسب علمنا- أي اتفاقية  تنص على القواعد الواجب تطبيقها بخصوص إحصاء تركات الأجانب الموجودة بالمغرب، فينبغي أن يصار إلى تطبيق قاعدة الإسناد المغربية.

وبما أن إحصاء المتروك ينتمي إلى طائفة الأحوال الشخصية بحسب التشريع المغربي، فإن قاعدة الإسناد في هذه الحالة تقضي بتطبيق القانون الوطني للموروث؛ وبمقتضى هذه القاعدة لا عبرة بموطن هذا الموروث ولا بمكان وفاته.[25]

وبالرجوع إلى هذا القانون الأجنبي فقد نجده يحصر تلقي الإحصاءات في القناصل والسفراء كما فعل المشرع المغربي بخصوص تركات المغاربة الموجودة خارج أرض الوطن،[26] وقد لا نجده يقرر أي شيء بخصوص هذه المسألة، ففي هذه الحالة نرى أنه لا مانع يمنع العدول ولا الموثقين (العصريين)[27] من تلقي رسوم إحصاء تركات الأجانب الموجودة فوق التراب المغربي وفق القانون الوطني للدولة التي ينتمي إليها الموروث،[28] وذلك بصفة مطلقة ما دام الإحصاء يستجيب لشرطين:

الشرط الأول: أن يكون الموروث مسلما وكل ورثته مسلمين، أو يكون غير مسلم وكل ورثته غير مسلمين.[29]

الشرط الثاني: أن لا يتعارض التلقي مع النظام العام المغربي.

ويترتب على إعمال فكرة النظام العام في باب الإحصاء أن لا يتلقى العدول والموثقون شواهد الإحصاء إلا بصفة مقيدة  -غير مطلقة- وذلك إذا ما وجدت حالة من الحالات الآتية:

الحالة الأولى: إذا كان الموروث الأجنبي مسلما وورثته كلهم غير مسلمين فإنهم لا يرثون فيه وتؤول التركة الموجودة في المغرب إلى الدولة المغربية.[30] وإذا كان بعض الورثة مسلما والبعض الآخر غير مسلم آلت التركة كلها إلى الورثة المسلمين.[31] وفي هذه الحالة يمكن -في نظرنا- إقامة الإحصاء لفائدة الخزينة المغربية بطلب منها إذا كان كل الورثة غير مسلمين، أو لفائدة الورثة المسلمين بطلب منهم إذا كان معهم ورثة غير مسلمين.[32]

الحالة الثانية: إذا كان الموروث غير مسلم والورثة كلهم مسلمون آلت التركة الموجودة في المغرب إلى الدولة المغربية.[33] وإذا كان بعض الورثة مسلما والبعض الآخر غير مسلم آلت التركة كلها إلى الورثة المسلمين.[34] وهذه الحالة تنطبق عليها قواعد الإحصاء نفسها التي تنطبق على الحالة الأولى.

الحالة الثالثة: إذا كان القانون الأجنبي يحرم التوارث في الأموال الخاصة فمن الضروري استبعاد ذلك القانون وتطبيق قواعد مدونة الأسرة بحسب ما رأيناه سابقا.

الحالة الرابعة: تتعلق بكيفية توزيع الإرث إذا كان الموروث أجنبيا مسلما والورثة أجانب مسلمين، إذ يتم ذلك بمقتضى قواعد (مدونة الأسرة) لا بمقتضى القانون الوطني للموروث.[35]

لكن مقتضيات مدونة الأسرة لا ينبغي تطبيقها –في نظرنا- إلا إذا كان الورثة من جنسيات مختلفة تتباين قواعد التوارث بينها، كأن يكون بعضها يورث ذوي الأرحام وبعضها لا يورث إلا ذوي الفروض والعصبة، أو بعضها يورث جدتين وبعضها يورث ثلاث جدات، ففي هذه الحالة ينبغي أن يصار إلى تطبيق مدونة الأسرة. أما إذا كان الورثة كلهم من جنسية الموروث المسلم نفسها فينبغي تطبيق قواعد القانون الأجنبي، لعدم مساسها بالنظام العام المغربي، إلا أن يختار الورثة مجتمعين- سواء من استفاد منهم أو من لم يستفد من الإرث- تطبيق القانون المغربي، أو  أن يتعذر على العدل التأكد من مقتضيات ذلك القانون الأجنبي خاصة إذا لم يدل الورثة بأية وثيقة تبين مقتضيات ذلك القانون؛ فحينئذ يلتزم العدل بتطبيق ما تنص عليه مدونة الأسرة.

 

 ثالثا_ مدى شرعية الإحصاء المقام بواسطة الوثائق العرفية.

  بناء على ما ذكر في الفقرات السابقة يظهر بوضوح أن إقامة إحصاء المتروك برسوم عرفية عملية غير قانونية؛ ولا يسوغ قبول الإحصاءات المقامة بواسطتها من قبل كل الجهات الرسمية في الدولة؛ بدءا من المصادقة على صحة الإمضاءات التي توضع عليها، ومرورا بالمصالح الضريبية التي يتعين عليها عدم اعتمادها في استخلاص المبالغ الضريبية المختلفة، وانتهاء بعدم بناء أي تفويت عليها من قبل العدول وغيرهم؛ وكذا التصريح ببطلانها من قبل القضاء.[36]

وربما استنبط البعض من المادة 4 من مـــــــدونة الحـــــقوق العينية أنها تبيح لـــــغير العــــــدول -من موثقين ومحامين مقبولين للترافع أمام محكمة النقض وغيرهم- تحرير رسوم الإحصاء في الحالة التي نحن بصددها، وهذا الفهم مردود من جهة أن مدونة الحقوق العينية تدخل في إطار الأحوال العينية، بينما يدخل الإحصاء في نطاق الأحوال الشخصية؛ ومن جهة أن المادة المذكورة تتحدث عن التصرفات المتعلقة بإنشاء الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، والحال أن الإحصاء لا يدخل في نطاق تلك التصرفات المذكورة.

ومع أننا لسنا ضد مبدأ الحرية التعاقدية للمواطنين، إلا أن إقرار الوثائق العرفية في مجال إحصاء المتروك ينبغي أن يتقيد بالنظام العام والمقتضيات القانونية اللازمة. ولضمان ذلك فإننا ندعو إلى إحداث كناش للملكية في مجال العقارات غير المحفظة، وهي تقنية دعا إليها بعض الباحثين،[37] حيث قال: "وكنت ذكرت... أننا لا نرى لبقاء العمل بتثبيت أصل المستند برمته مع الشهادة المحررة على الطريقة القديمة، مسوغا معقولا ولا مبررا ملموسا، وكنت اقترحت لنفس الهدف... إحداث كناش خاص بكل عقار غير محفظ أو ليس في طور التحفيظ، يملكه الشخص الواحد على شكل كناش الحالة المدنية "الدفتر العائلي" يسمى كناش الملكية تحرر فيه كل الشهادات وعمليات التفويت التي قد ترد عليه ويكون بيد مالكه، على أن تكون نسخة منه طبق الأصل مودعة لدى كتابة ضبط القاضي المكلف بالتوثيق، تسجل فيها هي الأخرى تلك العمليات أو الشهادات بالموازاة مع الكناش الآخر...".

وقد اقترح الباحث  اعتماد هذه التقنية بمناسبة دعوته إلى إنهاء العمل بعملية إلصاق الرسوم العدلية بعضها ببعض، وهي عملية لم يعد لها محل لا في العمل التوثيقي ولا بحسب القانون،[38] ولذلك فإننا ندعو إلى العمل بهذا المقتضى من باب الحفاظ على الملكية ودعما لأصول التملك.

ولكن الكناش المقترح لن يعتبر ذا فائدة إلا أن يقترن بتقنية أخرى يخول بمقتضاها للعدول إضفاء الصبغة الرسمية على جميع العقود العرفية المنصبة على العقارات غير المحفظة، ومن أجل ذلك ينبغي حظر الكتابة في هذا الصنف من العقارات على الموثقين،[39] لأن هؤلاء لا يتعاملون مع قاضي التوثيق الذي يمسك كناش الملكية.

وينبغي أن لا يتم إضفاء الرسمية إلا على العقود العرفية المنجزة طبق المقتضيات القانونية، سواء كتبت من قبل الأطراف أنفسهم أو الكتاب العموميين أو بعض المهنيين أو الإدارات. فمن شأن ذلك أن يفضي إلى المسك الجيد لأصول الملك بواسطة كتابة ضبط قاضي التوثيق وتضمين ملخصاتها بكنانيش الملكية.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] - معرفة أصل الملك في العقارات المحفظة تتم بالاطلاع على هذا الرسم العقاري بعين المكان (المعاينة المباشرة)؛ أو عبر ولوج قاعدة بيانات إلكترونية مخصصة للاطلاع على ما يتضمنه هذا الرسم العقاري من معلومات ووثائق تخص أصحاب الحقوق (المعاينة الإلكترونية)، ويمكن أن تتم بمجرد الاطلاع على نسخة من هذا الرسم أو ما يسمى بالنظير، أو الاعتماد على ما تضمنته مجموعة من الشهادات المستخرجة منه مخصصة لإثبات الحقوق الواردة به.

 [2] - من العقود الأخرى التي تعد أسبابا للملك نذكر عقود المناقلة والتولية والتصيير والإقالة والمغارسة والصلح والجعالة والاعتصار والنحلة.لكن رسوم الأشرية والهبات وما شاكلها لا تفيد الملك إلا إذا استندت هي نفسها إلى أصول تملك معتبرة، فالتفويتات المجردة عن هذه الأصول لا تفيد الملك ولا تدل عليه.                                                                     

    وهذا ما ذهب إليه الفقهاء والموثقون من أن "الشهادة بالابتياع (أو التفويت عامة) لا توجب ملكا ولكن توجب اليد (أي الحيازة)... لأن الشراء يكون من المالك وغيره... وقول الموثق اشتراه ممن كان بيده لا يفيد ملكية لبائعه لأن كونه بيده(أو في حيازته) أعم من كونه ملكا له والأعم لا إشعار له...".

- عبد السلام الهواري، شرح الهواري لوثائق بناني، شركة القادريين، فاس، 1949، ص 144.

وعليه، فقد وقع  مشرع مدونة الحقوق العينية في السهو عندما ذكر في الفقرة الثانية من المادة 3 ما يلي: "لا تفيد عقود التفويت ملكية العقارات غير المحفظة إلا إذا استندت على أصل التملك وحاز المفوت له العقار حيازة متوفرة على الشروط القانونية". ومحل السهو هو قوله "وحاز" عوض "أو حاز". 

 [3] - ومن ضمن العقود التي تشكل أسبابا للملكية – في نظرنا- نجد حاليا ذلك العقد الذي استحدثته مدونة الأسرة المتمثل في تدبير أموال الزوجين المكتسبة بعد الزواج.

 [4] - تعد الحيازة في الفقه الغربي سببا للملك وليست مجرد قرينة على الملك، ولذلك يشترط لها شرطين فقط؛ هما السيطرة الفعلية ونية التملك. وقد تأثر المشرع عندنا بهذه النظرة الغربية عند تعريفه للحيازة وذكر آثارها، فقد جاء في الفقرة الأولى من المادة 239:" تقوم الحيازة الاستحقاقية على السيطرة الفعلية على الملك بنية اكتسابه". وجاء في المادة 260 :" يترتب على الحيازة المستوفية لشروطها اكتساب الحائز ملكية العقار"، كما أنه ذكرها ضمن القسم الأول من الكتاب الثاني المعنون ب: أسباب كسب الملكية.  ولكنه عاد ليستقي شروط الحيازة من الفقه المالكي الذي سطر تلك الشروط بناء على اعتباره الحيازة قرينة على الملك ومظهرا من مظاهره وشاهدا عرفيا عليه، وهكذا جاء في المادة 240 من مدونة الحقوق العينية ما يلي:" يشترط لصحة حيازة الحائز:

1- أن يكون واضعا يده على الملك؛                                                                            

2- أن يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه،

3- أن ينسب الملك لنفسه، والناس ينسبونه إليه كذلك؛

4- ألا ينازعه في ذلك منازع؛

5- أن تستمر الحيازة طول المدة المقررة في القانون؛

6- وفي حالة وفاة الحائز يشترط بالإضافة إلى ذلك عدم العلم بالتفويت".

- وللاطلاع على الرأي الذي يقضي بأن الحيازة قرينة على الملك ومظهر من مظاهره وليست سببا له انظر:

- محمد القدوري. حيازة العقار وحيازة المنافع وأحكام المياه ودعاوى حماية الحيازة، دار الأمان للنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى 2005، ص 65 وما بعدها.

ويستند هذا الرأي إلى الفقه المالكي؛ ذلك أن الحيازة المجردة – في هذا الفقه- لا تدل على الملك ولا تعتبر حجة ولا سندا للملك ما لم تكن مستندة إلى شراء أو هبة ونحو ذلك؛ قال ابن عرضون: " الذي جرى به العمل بفاس أن تنسخ رسوم الأصول (أي الرسوم المثبتة للتملك) فوق عقد الشراء، فإن لم تكن رسوم للأصول فاستمرار الملك (الحيازة)؛ويكتب في ذلك(في الوثيقة العدلية) ما نصه: "وبأن علم المشتري أن لا أصول إلا استمرار الملك فدخل على ذلك ورضي به."... ولو لم يعلم بذلك المشتري إلا بعد العقد ولم يرض به لم يلزمه البيع فالرسوم(أي رسوم الهبات والأشرية والتفويت بعامة) على هذا أقوى من استمرار الملك وحده...".

- انظر: أبو الشتاء بن الحسن الغازي الحسيني، التدريب على تحرير الوثائق العدلية، مطبعة ومكتبة الأمنية، الرباط، الطبعة الثانية 1995، الجزء الأول، ص 171.

[5] - ينص الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي: "وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي:

1) إقرار الخصم.                                                                                         

 2) الحجة الكتابية.

3) شهادة الشهود.

4) القرينة.

5) اليمين والنكول عنها".

 [6] - الحكم القضائي النهائي الصادر في موضوع الملكية لا يعد سببا للملك، بل هو قرينة قاطعة على الملك لا يجوز دحضها بالدليل المعاكس؛ وفي ذلك ينص الفصل 453 من ق.ل.ع على ما يلي: "القرينة القانونية تعفي من تقررت لمصلحته من كل إثبات. ولا يقبل أي إثبات يخالف القاعدة القانونية".

ولذلك فقد نظم المشرع المغربي المقتضيات المتعلقة بقوة الأمر المقضي التي تحظى بها الأحكام النهائية ضمن القرائن في الفصلين 451 و 452 من ق.ل.ع.

 [7] - تنص المادة 321 من مدونة الأسرة على ما يلي: "التركة مجموع ما يتركه الميت من مال أو حقوق مالية".

- انظر قانون 70.03 يتعلق بمدونة الأسرة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.04.22  في 12 من ذي الحجة 1424(3فبراير 2004) ج.ر عدد 5184 الصادرة يوم الخميس 5 فبراير 2004.

 [8] - تنص المادة 377 من مدونة الأسرة في فقرتها الأولى ما يلي: "على المصفي بمجرد تعيينه، أن يقوم بإحصاء جميع ممتلكات الهالك، بواسطة عدلين طبقا لقواعد الإحصاء الجاري بها العمل. كما عليه، أن يقوم بالبحث عما للتركة أو ما عليها من ديون".

[9] - تنص المادة 252 من م.أس على ما يلي: "يقوم العدلان بأمر من القاضي المكلف بشؤون القاصرين وتحت إشرافه، بالإحصاء النهائي والكامل للأموال والحقوق والالتزامات، وذلك بعد إخبار النيابة العامة وبحضور الورثة والنائب الشرعي والمحجور إذا أتم الخامسة عشرة سنة من عمره. وتمكن الاستعانة في هذا الإحصاء وتقييم الأموال وتقدير الالتزامات بالخبراء".

وتنص المادة 394 على ما يلي:" لكل وارث، الحق في أن يتسلم من العدلين نسخة من الإراثة ونسخة من إحصاء التركة تبين مقدار نصيبه في الإرث، وتعين ما آل لكل واحد من أموال التركة".

 [10] - ينص الفصل 241 من قانون المسطرة المدنية في فقرته الأولى على ما يلي:" يتم الإحصاء إذا كان له ما يبرره وفق الإجراءات التالية:

يعين القاضي تلقائيا أو بطلب كل من له مصلحة عدلين للقيام بالإحصاء بحضور الأطراف أو ممثليهم. وإذا لم يتأت استدعاء أحد الأطراف لبعد أو غيبة أو غير ذلك عين القاضي من يمثله".

 -انظر: ظهير شريف بمثابة قانون رقم  1.74.447 المؤرخ في 11 رمضان 1394(28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية،ج.ر عدد 3230 مكرر بتاريخ 30/09/1974 ص 2741 حسبما غير وتمم وعدل.

[11] - تنص المادة 2 من مدونة الأسرة على ما يلي:" تسري أحكام هذه المدونة على :

1- جميع المغاربة ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى؛

2- اللاجئين بمن فيهم عديمو الجنسية، طبقا لاتفاقية جنيف المؤرخة ب 28 يوليوز لسنة 1951 المتعلقة بوضعية اللاجئين؛

 3- العلاقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا؛

 4- العلاقات التي تكون بين مغربيين أحدهما مسلم.

 أما اليهود المغاربة فتسري عليهم قواعد الأحوال الشخصية العبرية المغربية".

ومعلوم أن مدونة الأسرة لم تتطرق  لأي جهة أخرى ما خلا العدول في المسائل التي هي من صميم الأحوال الشخصية.

[12] - ينص الفصل 3 من قانون الجنسية المغربية على ما يلي: "يطبق قانون الأحوال الشخصية و الميراث (مدونة الأسرة) الخاص بالمغاربة المسلمين على جميع المواطنين باستثناء المغاربة المعتنقين الديانة اليهودية فإنهم يخضعون لقانون الأحوال الشخصية المغربي العبري.

غير أن المقتضيات الآتية فيما بعد تطبق على المغاربة غير المسلمين و غير اليهود.

1 - يحرم عليهم تعدد الزوجات.

2- لا تطبق عليهم القواعد المتعلقة بالرضاع.

3- يجب أن يصرح بتطليقهم بطريقة قضائية بعد إخفاق محاولة التوفيق بين الزوجين و إجراء بحث حول أسباب طلب الفراق.

و في حالة الخلاف فيرجح قانون الزوج أو الأب".

انظر: قانون الجنسية المغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.58.250 بتاريخ 21 صفر 1978 (6 شتنبر 1958) ج. ر عدد 2395 في 19شتنبر1958 المعدل بمقتضى قانون 62.06 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.80 في 3 ربيع الأول 1428 (23 مارس 2007) ج. ر عدد 5513 في 02 أبريل2007.

 [13]- يستفاد ذلك من مقتضيات المادة 2 من مدونة الأسرة والفصل 3 من قانون الجنسية. كما يستفاد من خلال ظهير 11 رجب 1336(23 أبريل 1918) في تنظيم المحاكم الإسرائيلية ومحرري الوثائق لديها الذي جاء في ديباجته ما يلي:" ولما كان من المتعين تحسين سير المحاكم الإسرائيلية وضبط ما يتعلق بتحرير الوثائق المختصة باليهود...".

انظر: ج.ر عدد 266 الصادرة في 03 يونيو 1918.

وقد تم النص على أجرة إحصاء التركة المقام بين اليهود بمقتضى القرار الوزيري في تحديد الأجور التي تقبض على الرسوم التي يحررها الموثقون العبريون(صوفريم).انظر: ج.ر عدد 2149 في 01 يناير 1954 ص 24.

وأيضا بمقتضى قرار وزير العدل رقم 06.1130 بتاريخ 15يونيو2006. انظر:ج.ر عدد 5435 في 03 يوليو2006.

[14] - وذلك بمقتضى الفصل الثاني من الظهير الشريف رقم 421.66 الصادر في 8 شعبان 1389(20 أكتوبر 1969) يتعلق باختصاصات الأعوان الدبلوماسيين والقناصل العاملين بالخارج، انظر:ج.ر عدد 2981 الصادرة في 17 دجنبر 1969، وكذا بمقتضى الفصول من 38 إلى 51 من المرسوم التطبيقي له رقم 2.66.646 بتاريخ 21 ذي القعدة 1389 (29 يناير 1970) انظر: ج.ر عدد 2988 الصادرة في 04 فبراير 1970؛ ووفقا كذلك للتعليمات المشتركة الصادرة عن وزراء الخارجية والداخلية والشغل والتكوين والعدل والمالية المتعلقة بالمسطرة التي يجب اتباعها فيما يخص تركات المغاربة الموجودة بالخارج المعدلة بمقتضى الدورية المشتركة عدد 7/د/07 بتاريخ 07 شتنبر2007.

- أشار إلى هاتين الدوريتين: العلمي الحراق، التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة، مكتبة دار السلام، الرباط، طبعة 2009.الجزء 2، ص64. 

[15] - القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم  1.11.179 في 25 ذي الحجة 1432(22 نونبر2011) ج. ر. عدد 5998 بتاريخ 27 ذي الحجة 1432 (24 نونبر2011)، ص 5611.

 [16] -  العلمي الحراق،م.س، ص 63.

[17] - سبقت الإشارة إلى مراجعه أعلاه.

[18] - انظر المادة 134 من قانون 32.09 التي تنص على ما يلي: "يدخل هذا القانون حيز التنفيذ سنة بعد نشره بالجريدة الرسمية".

[19] – الراجح أن إضفاء الرسمية على العقود يعتبر وصفا لعمل الموثق وليس اختصاصا.

[20] - وقد عبر بعض الفقه عن ذلك بأنه يجب على الموثق أن يكون مختصا بتحرير الاتفاق من حيث الموضوع.

- انظر: سليمان مرقس، موجز أصول الإثبات في المواد المدنية، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة 1957، ص 40.


  [21] - Robert Beudant et Paul Lerebours Pigeonniere , Cours de droit civil Français , tome 7 , L.G.D.J , 2ème  édition , 1954 , p 874.

 

[22] - انظر: بوشعيب البوعمري، البطلان في الممارسة التوثيقية، مساهمة في أعمال اللقاء الوطني الأول بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب المنظم بمدينة مراكش  يومي 2 و 3 نونبر2012 تحت شعار: "آفاق مهنة التوثيق على ضوء قانون 32.09 والعمل القضائي".

[23] - وهي اختصاصات كثيرة ترجع في مجملها إلى أربعة اختصاصات  مستخلصة من ظهير 4 ماي 1925 مضافا إليه فصول ظهير التوحيد والتعريب والمغربة لسنة 1965 ومقتضيات القانون 44.00 والقانون 18.00 والقانون 51.00، والاختصاصات الأربعة هي:

- العقود الخاضعة لأحكام القانون  الدولي الخاص، ومنها إمكانية توثيق عقود الأحوال الشخصية للأجانب إذا لم تكن قائمة على طقوس دينية كإجراءات جوهرية فيها، فمثلا يختص الموثق في توثيق عقود الزواج والطلاق للفرنسيين والإسبان دون اليونانيين على اعتبار الطابع الديني المحض الذي يميز زواجهم.

- تأسيس التسيير القانوني للشركات وتغييرها.

- التصرفات الواقعة على العقار المحفظ أو الذي في طور التحفيظ.

- التصرفات الواردة  على العقارات غير المحفظة إذا كانت خاضعة لأحكام القانون 18.00 (المتعلق بالملكية المشتركة) أو القانون 44.00 (المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز)  أو القانون 51.00 (المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار)، وكذا عقود الوصايا والأكرية والقسمة والتصفية المتعلقة بالعقارات غير المحفظة عموما والتي رخص استثناء للموثقين (العصريين) بتلقيها طبقا للفقرة الثالثة من الفصل الخامس من ظهير التوثيق العصري في إطار اضطلاعهم بالمهام المنوطة بهم قانونا.     

- وللاطلاع بتفصيل على الاختصاصات الممنوحة للموثق في إطار ظهير 1925 (الملغى) انظر: عبد المجيد بوكير، التوثيق العصري المغربي، مكتبة دار السلام، الرباط، الطبعة الثانية 2010، ص 86 وما يليها.

 [24] - عمليا أصبح الموثقون يتلقون وثائق إحصاء تركات المغاربة المسلمين الموجودة بالمغرب، نظرا للخلط بين مصطلح "الجرد"  الوارد في المادة 65 من المدونة العامة للضرائب و مصطلح " الإحصاء" الوارد د بمدونة الأسرة التي أسندت الاختصاص للعدول فحسب، ومصدر هذا الخلط هو أن للمصطلحين معا ترجمة واحدة بالفرنسية : inventaire.

[25] - موسى عبود، الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، أكتوبر 1994،ص 266.

[26] - وفق ما رأيناه سابقا.

[27] - وقد أضفنا الموثقين ( العصريين) لأنه لا يوجد نص يحصر هذا الاختصاص في العدول على غرار نصوص م.أس التي رأيناها آنفا بخصوص إحصاء تركات المغاربة المسلمين وغير المسلمين الموجودة على أرض الوطن. وقد كنا نود أن نضيف التوثيق العرفي عملا بمبدأ "الأصل في المعاملات الإباحة" لولا أن إحصاء تركات الأجانب الموجودة على أرض الوطن يتضمن أمورا من النظام العام المغربي يتعذر على الأطراف الأجنبية الإلمام بها-في العادة-. نعم، سنأتي على ذكر  مقترح نود أن يضمنه المشرع في قانون خطة العدالة يتعلق بمنح العدول صلاحية إضفاء الصفة الرسمية على العقود العرفية، وذلك حتى يتسنى التأكد من مطابقة هذه العقود للمقتضيات القانونية وللنظام العام.

[28] - ويتم إثبات القانون الأجنبي عادة بتقديم شهادة من قبل بعض الفقهاء أو شهادة تسلم من الهيئات الديبلوماسية، وقد قبلت محكمة النقض الفرنسية الاستشهاد بمؤلفات فقهية؛ وفي مصر فإن هذا الإثبات يتم بتقديم نسخة رسمية أو كتاب من السفارة، بنص القانون الأجنبي مصادق على أي منهما رسميا من قبل هذه السفارة.

- انظر: محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2001، ص 203 هامش 162.

وليس هناك ما يمنع - في نظرنا- من أن يطبق العدل أو الموثق العصري القانون الأجنبي المتعلق بدولة الموروث في مجال الإحصاء إذا كان عالما به بطريقة من الطرق، وذلك مراعاة للأصل الذي يقضي بأن القانون ينبغي العلم به وتطبيقه من الجميع، ولا يتوقف تطبيقه على ضرورة التمسك به وإثباته من قبل المتعاقدين أو الخصوم، فذلك شأن الوقائع لا القانون.

- وللاطلاع على هذه المسألة التي ترجع إلى الإشكالية المتعلقة بالفصل بين الواقع والقانون يرجى الاطلاع على: محــمد الكشبور، م س، ص 199 وما بعدها.

 لكن لما كان الوقوف على القانون الأجنبي أمرا صعبا على غير المتخصصين، فإننا نرى أن لا يركن الموثق إلى علمه المجرد بالقانون الأجنبي، بل ينبغي أن يصرح الأطراف لديه باطلاعهم على هذا القانون وعلمهم به إذا كان الورثة كلهم يحملون جنسية الموروث نفسها، إذ الأصل أن لا يعذر أحد بجهل القانون المطبق في بلاده، وعلى العدل أو الموثق أن يشير إلى هذا التصريح ضمن وثيقة الإحصاء. لكن إذا اختلفت جنسيات الورثة أو بعضهم عن جنسية الموروث، أو ادعى الورثة أو بعضهم عدم معرفتهم بقانون دولة الموروث حتى لو كانوا ينتمون إليها بجنسياتهم، لسبب من الأسباب كأن يكونوا قضوا أعمارهم بعيدين عن دولتهم الأم، ففي هاتين الحالتين ينبغي للموثق أو العدل أن يمتنع عن تلقي الشهادة المتعلقة بالإحصاء إلا إذا أحضر الأطراف وثيقة من الوثائق السابقة التي تثبت القانون الوطني للموروث.

 [29] - وذلك لأنه لا توارث بين المسلم وغير المسلم.

[30] - ويمكن –في نظرنا- أن يخصص للورثة غير المسلمين تعويض عيني أو نقدي نظرا للضرر الذي أصابهم من جراء فقد عائلهم المتوفي- شريطة إثبات الضرر- لا بموجب نظام التوارث الإسلامي الذي يمنع التوارث بين المسلم وغير المسلم، إذ بمقتضى قواعد العدل والإنصاف والتسامح فإن المسلم الذي ينفق على أهله غير المسلمين وهو حي لا يرضى أن يعيشوا من بعده عالة متسولين، وقد أجرى عمر بن الخطاب نفقة من بيت المال على شيخ يهودي هرم كان يتكفف الناس، وينبغي أن ينظر إلى هذه المسألة في نطاق مبادئ العدالة وفي نطاق مقاصد الشريعة الإسلامية التي تمنع الاستفادة من مجهودات الناس حال شبابهم وقوتهم وتركهم لعاديات الزمان حال كبرهم وعجزهم.

[31] - عبود، م.س، ص271.

[32] - ولا بد من التأكد من أن الورثة الآخرين غير مسلمين بواسطة الوسائل القاطعة التي ليس من بينها عدم حملهم لأسماء عربية، وإن اقتضى الأمر ينبغي استدعاءهم وتقييد تصريحهم بعدم الإسلام في رسم الإحصاء، وهذا هو الأولى، وإلا وجب أن يتوقف العدل ويمتنع عن تلقي الإحصاء.

[33] -خالف معاوية بن أبي سفيان جمهور المسلمين فأجاز أن يرث المسلم غير المسلم ومنع أن يرث غير المسلم المسلم.

 -انظر: عبد الرحمن بلعكيد، علم الفرائض،مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الخامسة 2006،ص114.

 و المشرع المغربي ذهب مع رأي الجمهور  وهو الراجح .

 [34] - موسى عبود، م.س، بنفس الموضع.

[35] - موسى عبود، م س، ص 271-272.

[36] - العلمي الحراق، التوثيق، م س، ص 64.

[37] - الحراق،التوثيق، م.س،ج 2، ص 51-52.

[38] - ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 30 من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة تنص على ما يلي:"ترفق أصول المستندات التي أسست عليها الشهادة مع وثيقتها وتسلم لأصحابها"، فقد نصت المادة على الإرفاق وهو خلاف الإلصاق.

[39] - كان الموثقون -حتى قبل صدور مدونة الحقوق العينية- يختصون بتحرير العقود المتعلقة بالعقارات غير المحفظة في بعض الحالات الاستثنائية كتلك المنصوص عليها في الفصل 618.3 من قانون الالتزامات والعقود فيما يتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز، وفي المادة الأولى من القانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، وفي المادة الأولى من قانون 18.00 المنظم للملكية المشتركة.

عن الكاتب

محمد الكويط

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

تابع المدونة من هنا

جميع الحقوق محفوظة

بينة التوثيق والحقوق

2025