بينة التوثيق والحقوق بينة التوثيق والحقوق
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

الرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الثالث)- بينة التوثيق والحقوق

 

الرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الثالث)



 

ب- مدى إمكانية الإثبات بعقد إلكتروني في التوثيق الرسمي.

 ينص الفصل 2-1من ق.ل.ع على ما يلي: "عندما تشترط الكتابة لصحة تصرف قانوني، يمكن إعدادها وحفظها بشكل إلكتروني وفق الشروط المنصوص عليها في الفصلين 1-417 و2-417 أدناه.

 يمكن للملتزم، عندما يطلب منه بيان مكتوب بيده، أن يقوم بتحريره بشكل إلكتروني إذا

كان من شأن شروط تحريره ضمان أنه الوحيد الذي يمكنه القيام بذلك.

غير أن الوثائق المتعلقة بتطبيق أحكام مدونة الأسرة والمحررات العرفية المتعلقة بالضمانات الشخصية أو العينية، ذات الطابع المدني أو التجاري لا تخضع لأحكام هذا القانون، ماعدا المحررات المنجزة من لدن شخص لأغراض مهنته، والمحررات المنجزة من لدن مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها".

ففيما يخص موضوع التصرفات العقارية، نستنتج من الفصل السابق أنه لا يستثني من كتابة التصرفات العقارية بطريقة إلكترونية إلا الضمانات الشخصية أو العينية المكتوبة بطريقة عرفية لا طريقة رسمية، ومعنى ذلك أنه يمكن كتابة التصرفات العقارية –حتى لو دخلت في باب الضمانات- بطريقة إلكترونية رسمية عند العدول[1]، ولو تم التسليم بذلك، فستكون الشكلية هنا للإثبات – لا للانعقاد – حتى لو تعلق الأمر بالتصرفات العقارية.

وقد يرد على ذلك إشكال مفاده أن الكتابة الإلكترونية – المذكورة في هذا الفصل- لا تتعلق إلا بما يصح أن تكون فيه الشكلية للإثبات، فهي لا ترد على التصرفات العقارية ما دام أن الشكلية المتعلقة بهذه التصرفات لا تكون إلا شكلية انعقاد. 

وللجواب على ذلك نحيل على ما سنذكره في الفقرة اللاحقة من أن جانبا من الفقه نفى عن الشكلية عن أن تكون للانعقاد أصلا، خاصة عندما لا يقترن ذكر الشكلية بذكر الجزاء المترتب عن انعدامها وهو البطلان، ومعلوم أن البطلان يرد على أركان العقد الموضوعية إذا لم يصرح المشرع به كجزاء، وليس له محل في غير الأركان الموضوعية للعقد إلا إذا صرح به المشرع.     

وبالرجوع إلى الفصل 1-417 من ق.ل.ع [2] المحال عليه بمقتضى الفصل 1-2 نجده ينص على ما يلي: "تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق.

تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني للإثبات، شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق، شريطة أن يكون بالإمكان التعرف، بصفة قانونية، على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها".

والفصل 2- 417 من ق.ل.ع المحال عليه هو أيضا ينص على ما يلي: "يتيح التوقيع الضروري لإتمام وثيقة قانونية التعرف على الشخص الموقع ويعبر عن قبوله للالتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة.

تصبح الوثيقة رسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق.

عندما يكون التوقيع إلكترونيا، يتعين استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه بالوثيقة المتصلة به".

وبالجمع بين هذه الفصول يتبين أن الوثيقة الإلكترونية يمكن – في غير مجال الأحوال الشخصية- أن تتم بطريقة رسمية بمعاينة توقيع أصحابها عليها من قبل موظف عمومي له صلاحية التوثيق. ولو اعتبرنا العدول من الموظفين العمومــــيين الذين لهم صلاحــية التوثـيق، باعتبار أنهم يمثلون النظام العام وأنه يتم النظر إليهم بهذه الصفة في الميدان الزجري وكذلك في الميدان المدني حسب ما يفهم من المادة 418 من ق.ل.ع، فإننا نتساءل عن إمكانية كتابة العدول للوثائق العقارية بطريقة إلكترونية.

ونجيب على ذلك بما أجاب به أحد الباحثين[3] فيما يتعلق بالموثق (العصري) "إن العقود الإلكترونية هي عقود تبرم عن بعد، لذلك فالحضور الشخصي للموثق في مجلس العقد هو أمر مستبعد، إذ لو كان المجلس واحدا لما كانت الحاجة للتعاقد الإلكتروني أصلا، وبناء عليه فغاية ما يمكن تصوره هنا هو حضور الموثق الفعلي لوضع التوقيع الإلكتروني لأحد الأطراف فقط. ثم بعد ذلك يرسل الوثيقة إلكترونيا للطرف الآخر للغرض نفسه أمام موثق آخر أو أمام نفس الموثق إذا أمكنه الانتقال للطرف الآخر؛ غير أن مثل هذا الفهم ينطوي على تعقيدات تتنافى مع مصالح الأطراف بل ومع طبيعة عمل الموثق نفسه.

أما إذا كان المقصود في النص القانوني هو الحضور الافتراضي للموثق. أي أن تكون معاينته لوضع التوقيع الالكتروني افتراضية كذلك، فهذا يتطلب معدات تقنية وبرمجة متطورة جدا لكي توفر مجالا لتلاقي الموثق بالأطراف على شبكة الإنترنيت على غرار الندوة الفيديوفونية أو منتدى النقاش وهي إمكانية غير متاحة حاليا للموثقين في أغلب البلاد المتقدمة فبالأحرى في بلادنا؛ حيث لا يزال استعمال وسائل الاتصال في التوثيق لدينا على الطبع وتخزين البيانات وعلى البريد الإلكتروني والويب.[4]  

ومن خلال قراءة متأنية للفصلين 1-417 و2-417 يتبين أن مهمة الموثق تتجلى أساسا في معاينة وضع التوقيع على الوثيقة ولا تمتد تلك الصلاحية إلى مراقبة مضمونها والإشهاد على صحة الإرادة بالموافقة عليها من لدن المتعاقد...

وبالنسبة لطبيعة توقيع الموثق كموظف عمومي على الوثيقة الرسمية الالكترونية إلى جانب الأطراف، فإن المشرع المغربي سكت عن هذه المسألة. وهو السكوت الذي يدعو للتمسك بالمقتضيات العامة المنظمة لعمل الموثقين العصريين إلى حين تدخل المشرع بتعديلها صراحة...".

والظاهر أن المشرع المغربي أتاح الولوج إلى أصل المحرر لأطراف العقد دون سواهم، وهو المستفاد من صيغة الفقرة الثانية من الفصل 440 ق.ل.ع.[5]

وذلك يعني أن الموثق أو العدلين لا يمكن أن يكون لهم وسيلة لحفظ الوثيقة إلكترونيا، وعليه فليس للعدلين –إذا وجدت إمكانية لإشهادهم على العقد الإلكتروني على ما فيها من صعوبة بالغة- سوى أن يحتفظا بالنسخة الورقية للوثيقة المنجزة إلكترونيا.

ونظرا لصعوبة عملية التوثيق العدلي للمحررات الإلكترونية، فإننا نقترح تتميما لما سبق أن اقترحناه في الوثائق العرفية والوثائق المنجزة من لدن وكلاء الأعمال، أنه يمكن أن يرسل الطرفان كل بواسطة بريده الإلكتروني إلى البريد الإلكتروني لأحد العدلين، وثيقة من الوثائق الإلكترونية المنجزة عرفيا من أجل أن يخرجها عبر الطابعة في صورة ورقية ويكتب بمذكرة الحفظ إشهادا بإضفاء الرسمية عليها، ثم يصورها عبر الماسح الضوئي ويرسل صورة الإشهاد بالرسمية مخاطبا عليه إلى الأطراف، لكن تطبيق هذا الأمر رهين بأن يتأكد العدل بأن الأطراف أبرموا عقدا إلكترونيا عرفيا بالفعل، وأنهم استوفوا جميع الإجراءات المتعلقة بالتسجيل واستخلاص الضرائب اللازمة.[6] 


عن الكاتب

محمد الكويط

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

تابع المدونة من هنا

جميع الحقوق محفوظة

بينة التوثيق والحقوق

2025