تضمين الشهادات العدلية هو نسخ محتواها من قبل الناسخ
بأحد سجلات التضمين (أولا)؛ وهو إجراء يدخل في إطار حفظ الشهادات وصون الحجج
والوثائق من أجل أن يتم استخراج نسخ منها عند الحاجة (ثانيا).
أولا: تضمين الوثائق العدلية.
نصت المادة 32 من المرسوم التطبيقي لخطة العدالة لسنة
2008 في فقرتها الأولى على أن الشهادة تضمن بأكملها طبقا لمقتضيات المادة 11 من
القانون رقم 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة.[1]
وبالرجوع إلى المادة 11 المذكورة فإن تضمين الشهادات
أضحى من مهام النساخ واختصاصاتهم، بعدما كان في السابق من مهام العدول[2] من الناحية النظرية.[3]
ويتم التضمين بأن يضمن الناسخ بخط يده بمداد أسود غير
قابل للمحو الشهادة بأكملها طبق أصلها المحرر من قبل العدلين في السجل المخصص لها
مراعيا تتابع الشهادات حسب أرقام وتواريخ تضمينها دون انقطاع أو بياض أو إصلاح أو
إلحاق أو تشطيب إلا ما اعتذر عنه بالنسبة لغير البشر، وذلك خلال أجل ثمانية أيام
من تاريخ تسليم الشهادة إليه.[4] ثم
يكتب الناسخ بطرة الشهادة المضمنة بالسجل اسمه الكامل مذيلا بتوقيعه.[5]
وبعد ذلك يوقع العدلان في سجلات التضمين[6] أسفل الشهادات التي تلقياها داخل أجل 20
يوما من تاريخ تضمينها، ثم يخاطب القاضي في تلك السجلات داخل أجل شهر من تاريخ
التضمين على الشهادات المضمنة بها؛ كل شهادة على حدة.[7]
ولتفادي طول إجراءات عملية التضمين، يجري العمل في جل
أقسام التوثيق على أن يتم الخطاب على الشهادة مباشرة بعد أن يكتب الناسخ بطرتها
مراجع تضمينها.
ثم يأخذ الناسخ صورة شمسية للشهادة المخاطب عليها أو
نظيرا منها، ثم يعمل على نسخ محتويات الشهادات المصورة أو نظائرها في السجلات
المعدة لها بحسب أرقامها المتتابعة. فبموجب هذه العملية يتم الخطاب على الشهادة
المحررة قبل تضمينها بإفراغ محتواها بالسجل.
ونحن لا نرى بأسا في هذه العملية ما دام الهدف منها
رعاية المصالح المستعجلة للمتعاقدين ورفع الحرج عن العدول، كما أنها قد تساعد على
تدارك بعض الأخطاء بالرسوم وإعادة تحريرها قبل تضمين محتوياتها بالسجلات مع إعطائها
نفس مراجع التضمين التي منحت لها أولا.
ويدعو أغلب العدول إلى الرجوع إلى العمل بنظام
النظائر،[8] إلا أن هذا الرجوع ينبغي تقييده بكيفية يتم من خلالها
تفادي العيوب التي من أجلها تم التخلي عن نظام النظائر والعودة إلى نظام السجلات،
ومن هذه العيوب ضياع النظائر وعدم العثور عليها بسبب كثرة الأيادي التي نمسكها أو
بسبب عدم إيداعها أصلا من لدن بعض العدول؛ كما أن المسؤولية عنها كانت ضائعة بين
كتابة الضبط التي كانت تمسكها وبين النساخ الذين كانوا يحتاجونها مرارا من أجل أخذ
النسخ منها.
ولقد خفف من حدة هذا الوضع ما تقرر في عدد من أقسام
التوثيق من العمل بتقنية تسفير وتجليد النظائر السابقة كلما بلغت عددا معينا.
ومع أن القانون يسير في اتجاه رقمنة الإجراءات وكدا الاستغناء
عن مهنة النساخة وإلحاق النساخ بخطة العدالة، فأن ذلك لا ينبغي معه محو الآثار
الإيجابية المرتبطة بهذه المهنة، وفي مقدمتها الحفاظ على الأرشيف التوثيقي بما
يشكله من تراث لا مادي.
ثانيا: استخراج النسخ من الرسوم العدلية المضمنة.
تعد الشهادات المضمنة بسجلات التضمين رسوما
تامة، وهي بذلك تشكل الأصول التي تؤخذ منها النسخ إذا ما كانت مذيلة بتوقيع عدليها
وخطاب القاضي المكلف بالتوثيق بالسجل، وذلك ما صرحت به المادة 38 من قانون 16.03
المتعلق بخطة العدالة.[9]
وفي حالة تخلف الشرطين المذكورين[10] أو أحدهما في الشهادات المضمنة فإنها
تعتبر بذلك رسوما غير تامة؛ وكيفية استخراج النسخ من هذه الرسوم حددها النص
التنظيمي[11] المتمثل في المادة
35 من المرسوم التطبيقي.[12]
وبمقتضى هذه المادة فإن "الشهادات
المضمنة بسجلات التضمين غير التامة؛ إما أن تكون غير مخاطب عليها من طرف القاضي
المكلف بالتوثيق وموقعة من طرف العدول المعنيين بها، وإما أن تكون غير موقعة من
طرف العدول المعنيين بها، فهما إذن حالتان: حالة عدم الخطاب عليها من طرف القاضي
في وقت أدائها عنده، وحالة عدم التوقيع عليها من طرف العدول المتلقيين المحررين
لها.
أ- فإذا كانت مذيلة بتوقيع عدليها وغير مخاطب
عليها من طرف القاضي المعني بها فإن الفقرة الأولى والثانية والثالثة نصت على
أنه يتعين على القاضي الذي قصر في عمله ولم يخاطب عليها في وقت تكليفه بمهام
التوثيق أن يخاطب عليها الآن ولو زالت عنه صفة التكليف بشؤون التوثيق وأصبح يمارس
مهام قضائية أخرى؛ بل يجب عليه أن يقوم بواجبه الذي فرط فيه سابقا ولو زالت عنه
صفة القاضي، كأن يكون قد أعفي من مهام التوثيق أو يكون قد انتقل للعمل إلى محكمة
أخرى أو يكون قد استقال أو تقاعد أو عزل أو غير ذلك، ففي كل الأحوال يتعين عليه –إذا
كان يستطيع ذلك– أن يخاطب على الشهادات التي قصر في الخطاب عليها بسجلات التضمين
بالصفة التي كانت له إبان تكليفه بالتوثيق، والمرتبطة بتصفية الأشغال الواجبة
عليه، وذلك تحت طائلة المسؤولية في ذلك.
نعم إذا كان لا يستطيع الخطاب لمرض أصابه مثلا أو
غيره من الموانع التي تمنعه من التوقيع فإنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها؛
وبالتالي ننتقل إلى حل آخر وهو أنه إذا كان العدلان المعنيان بهذه الشهادة أو
الشهادات ما زالا على قيد الحياة، فإنه يجب عليهما أن يؤكدا شهادتهما أمام القاضي
الذي يمارس التوثيق حاليا بهامش الشهادة بسجل التضمين بكتبهما: "نؤكدها" مع
توقيعهما وتأريخهما ذلك، ثم يتم الخطاب عليها من طرف القاضي المذكور بعد مراقبتها
والتأكد من سلامتها؛ وسواء كان العدلان المعنيان ما زالا يمارسان المهنة أو
استقالا أو أعفيا أو أسقطا أو عزلا أو غير ذلك، لأن العبرة في حالتهما للصفة التي
كانت لهما في وقت تلقي الشهادة وتحريرها وأدائها الأول لا للحالة التي هما عليها
الآن؛ ولأن الشهادة قد أديت سابقا وخوطب على الأصل الذي يفترض أنه سلم لصاحبه وضاع
منه في ظروف غامضة، وأن كناش التضمين هو الذي بقيت به الشهادة غير تامة.
ب- فإن كانت الشهادات المضمنة بسجلات التضمين غير
مذيلة بتوقيع عدليها؛ فإن الفقرة الرابعة والخامسة والسادسة نصت على أنه:
- يتعين على العدلين توقيعها وتأكيدها لدى القاضي
الذي يمارس شؤون التوثيق حاليا بالصفة التي يحملانها إن كانا ما زالا من العدول
المنتصبين للإشهاد، أو التي كانت لهما إبان ممارستهما للخطة، والمرتبطة بتصفية
الأشغال الواجبة عليهما قبل أي انتقال أو استقالة أو إسقاط أو عزل، وذلك تحت طائلة
المسؤولية عن ذلك.
- وإذا تعذر استخراج نسخة الشهادة من سجلات
التضمين؛ أو من النظائر المحفوظة بكتابة الضبط؛ كأن توجد الشهادة مضمنة بسجل
التضمين بكيفية غير قانونية، أو أصابها بتر أو أكلت القرضة بعض كلماتها أو ما شابه
ذلك؛ وكانت متلقاة بكناش الجيب المعمول به سابقا، أو بمذكرة الحفظ بصفة غير
قانونية، والعدلان ما زالا منتصبين بمكان الإشهاد، أعادا تحريرها بإذن كتابي من
القاضي المكلف بالتوثيق الحالي بناء على طلب ممن له الحق في ذلك.
- فإن زالت عن العدلين صفة الانتصاب لخطة العدالة،
أو عاقهما عائق عن إعادة تحريرها، فتسلك في حقهما مسطرة التعريف؛ لأنه في هذه
الحالة لا عبرة بما ضمن في سجل التضمين، وتعتبر الشهادة كأن لم تؤد بعد أمام
القاضي، وبالتالي يتعين سلوك مسطرة التعريف في حق العدلين المعنيين بهذه الشهادة
أو الشهادات لأدائها بالنيابة عنهما من طرف عدلين آخرين يمارسان مهامهما بصفة
قانونية في الوقت الحالي".[13]
- فإن عاقهما أو أحدهما عائق عن تأكيد شهادتهما،
كأن يفقدا أهليتهما أو يغيبا غيبة فقد واختفاء، فتسلك في حقهما أو أحدهما مسطرة
التعريف المنصوص عليها في المادة 21 (من المرسوم التطبيقي)؛ أي بالرجوع إلى كناش
الجيب أو إلى مذكرة الحفظ أو إلى الشهادة ذاتها المضمنة بنفس السجل حسب
الحالة.
ويخضع استخراج نسخ الشهادات العدلية لعدة قواعد منها أن
المشرع في المادة 12 من قانون 49.00 فرق بين أصحاب الشهادات و ذوي حقوق هؤلاء وبين
الأغيار. فلم يشترط في حق الأولين للحصول على النسخ سوى أن يدلوا بطلب كتابي يؤشر
عليه القاضي المكلف بالتوثيق؛[14]
بينما اشترط في حق الأغيار أن يدلوا إلى الناسخ بأمر كتابي معلل[15] يصدره القاضي المكلف بالتوثيق.
ويشترط المشرع المغربي في النسخة المستخرجة أن تتم
الإشارة في طليعتها إلى هوية طالبها ومراجع الطلب أو الأمر القضائي،[16] وبطرتها إلى مراجع التضمين والتسجيل[17] واسم وتوقيع الناسخ الذي أنجزها.[18]
ولم يشترط المشرع – بصفة صريحة- ما اشترطه أغلب
الفقهاء الموثقين في النسخة من أن تكون بطريقة التسجيل على القاضي وأن تطلب لغاية
محددة.
ونتحدث عن هذين الشرطين الفقهيين والتوثيقيين المهمين
وفق ما يلي:
1 - التسجيل على القاضي.
"يقصد
بالتسجيل على القاضي عند العدول، الشهادة على القاضي المكلف بالتوثيق بصحة الرسم
أو النسخة عنده أو بثبوتهما لديه الثبوت التام...(والتسجيل) على القاضي شكل من
أشكال الخطاب على الرسم؛ (وهو) يكون في شهادة اللفيف كما يكون في استخراج النسخ.
وعبارات التسجيل على القاضي في النسخة أن يكتب الناسخ
بعد الفراغ من نقل النسخة من أصلها وحل علامتي شهيدي الأصل وإثبات نص الخطاب:"...انتهت
وبأصلها قوبلت فماثلته وطابقته، وبذلك أشهد الأستاذ فلان بن فلان الفلاني[19]، قاضي التوثيق بكذا وهو...[20] سدده الله باستقلال النسخة لديه
الاستقلال التام لديه بواجبه وهو أرشده الله بحيث يجب له ذلك من حيث ذكر وفي تاريخ
كذا..."
ومن أهم ما يميز وثائق التسجيل على القاضي – رسوما كانت
أو نسخا- أن تكون مذيلة بتوقيع العدلين الشاهدين على القاضي، لا بتوقيع القاضي كما
هو الشأن في باقي الشهادات الأصلية التي تذيل بالخطاب، أي أن العدلين يشهدان على
القاضي بثبوت الرسوم أو النسخ عنده، على عكس الشهادات التي تذيل بخطاب القاضي حيث
تكون عبارات الخطاب وتوقيع القاضي آخر ما يكتب في الوثيقة، فيكون القاضي هو الذي
يشهد على العدلين بأداء الشهادة عنده ".[21]
ويبدو أن التسجيل على القاضي لم يعد شرطا في النسخ
المستخرجة – على عكس ما ذهب إليه جمهور الموثقين-[22]
إذ أن "المادة 35 من القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة،
وكذا المادتين 21 و 38 من المرسوم الجديد، تشير بقوة إلى عدول المشرع المغربي عن
طريقة التسجيل إلى الاكتفاء بخطاب القاضي بالطريقة التي يتم بها الخطاب على سائر
الرسوم العدلية الأخرى، وذلك ما دام أن القاضي المكلف بالتوثيق ملزم بالخطاب على
كل شهادة؛ وخطابه على النسخة هو شهادة منه بمطابقتها لأصلها، أنى كانت الصيغة التي
يخاطب بها....
ولذلك فإن خطاب القاضي على النسخ بالصيغة الجديدة وهي
صيغة "الحمد لله أعلم بأدائها ومراقبتها" هو
شهادة منه بمطابقتها لأصولها على كل حال؛ كما أن الخطاب على النسخ بهذه الصيغة
الجديدة، هو مطابق لما يجري به العمل في هذه الأقسام؛ كما أنه موافق لمقتضيات
الفصل 441 من قانون الالتزامات والعقود[23] الذي
أعطى نفس القوة الإثباتية لنسخ الوثائق المضمنة في سجلات القضاة التي لأصولها، إذا
شهد هؤلاء القضاة بمطابقتها لها، أنى كان شكل الخطاب وصيغته".[24]
2- طلب النسخة لغاية محددة.
القاعدة
التوثيقية تقضي بأن يحكم بموجب الأصول لا بموجب نسخها، فإن تعذر وجود أصولها صير
إلى النسخ، وهو كالضرورة التي يجب أن تقدر بقدرها، أو كالاستثناء الذي ينبغي أن
يفسر تفسيرا ضيقا ولا يتوسع فيه...وبناء على ذلك فقد تقرر عند موثقي المذهب
المالكي أن لا تعطى النسخ من الشهادات العدلية إلا بضوابط ولأغراض محددة.[25]
غير أنه يلاحظ على المادة 12 من قانون 49.00 –السابق
ذكرها- أن المقتضيات القانونية الواردة بها لم تقيد طالبي النسخ ببيان سبب استخراج
النسخة؛ "وكان على المشرع أن يفعل، خصوصا أن فساد الناس وتحايلهم
على الأحكام وأكلهم الأموال بالباطل في تزايد دائم وفي تصاعد مستمر، وإطلاق جواز
أخذ النسخ من الشهادات بدون بيان السبب، يفتح المجال أمام المحتالين والنصابين؛
ويشجعهم على أن يعددوا نسخ رسومهم ليرهنوا ويبيعوا ويبرموا التصرفات بشكل عبثي يضر
بمصالح الناس وحقوقهم...
ولذلك ينبغي أن لا تسلم نسخ الشهادات ولو لأصحابها إلا
عند الاقتضاء، كأن يضيع الأصل للمشهود له، أو تطلب منه نسخة في حاجة معينة ولو مع
وجود الأصل، وذلك بعد تقديم طلب مكتوب في الموضوع يشار فيه وجوبا إلى الغاية التي
من أجلها طلبت النسخة، وأن لا تستعمل ولا يعمل بموجبها إلا في هذه الغاية وحدها،
ولا يجوز العمل بها في غرض آخر سوى ما ذكر في الطلب".[26]
غير أن إقرار ذلك مرتبط –في نظرنا- بتخفيض الأجرة المستخلصة عن النسخ، خاصة لفائدة الأشخاص الذين أثبتوا أنهم سبق لهم الحصول على نسخة أولى من أجل استعمالها في غرض آخر.
وإذا ما نظرنا إليه من واقع أقسام التوثيق، نجد أن النسخ
أصبحت –كما يعتبر ذلك جل العدول-مصدرا للإثراء بلا سبب بالنسبة لبعض النساخ الذين
يستحوذون على مداخيل النسخ، دون الالتفات إلى مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 9
من المرسوم التطبيقي للقانون رقم 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة[27] التي تنص على أن أجرة استخراج نسخ
الرسوم تقسم ثلاثة أقسام بالتساوي بين الناسخ والعدلين.[28]
ومن نتائج ذلك أن أغلب العدول أصبحوا يطالبون بفك
الارتباط بينهم وبين النساخ. والمشرع –كما ألمحنا إلى ذلك سالفا- يتجه إلى الاستغناء عن هذه المهنة وإلحاق
ممتهنيها بفئة العدول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - قانون رقم 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة
النساخة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.01.124 الصادر في 29 من ربيع
الأول 1422 (22 يونيو 2001 ) منشور ب: ج.ر. عدد 4918 بتاريخ 27 ربيع الثاني
1422 (19 يوليو2001)، ص 1864.
[2] - وذلك بمقتضى
الفصل 25 من القانون رقم 81.11 المنظم لخطة العدالة (الملغى).
[3] - ظل
التضمين من الناحية العملية من اختصاص النساخ في مجمل أقسام التوثيق، ورأى العدول
في التضمين أنه إلقاء لمسؤولية فعل على عاتقهم وهم في الواقع لا يمارسونه، وكانوا
يطالبون بإقرار الواقع وتحميل النساخ مسؤولية عملهم هذا بنصوص قانونية، وهو ما تمت
الاستجابة له بصدور قانون رقم 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة.
[4] - ما لم ينص
على خلاف ذلك (من المادة 11 من قانون رقم 49.00).
[5] - المادة 14 من
قانون 49.00.
[6] - تنص المادة
31 من المرسوم التطبيقي على ما يلي: "يجب أن تستعمل لتضمين الشهادات العدلية
السجلات الآتية:
- سجل الأملاك العقارية لتضمين الوثائق المتعلقة بالحقوق العينية
العقارية؛
- سجل التركات والوصايا؛
- سجل خاص بتضمين نصوص عقود الزواج؛
- سجل رسوم الطلاق؛
- سجل باقي الوثائق.
تحدد نماذج هذه السجلات بقرار لوزير العدل، ويؤشر على صفحاتها القاضي
المكلف بالتوثيق بعد ترقيمها ووضع الطابع على كل صفحة منها قبل الشروع في
استعمالها؛ باستثناء السجل الخاص بتضمين نصوص عقود الزواج".
[7] - الفقرة الثانية
من المادة 32 من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة.
[8] - تستفاد الفترة
التي ساد فيها نظام العمل بالنظائر من المادة 38 من قانون 16.03 التي جاء
فيها: "لا تؤخذ النسخ إلا من الشهادات المضمنة بسجلات التضمين، أو من النظائر
المحفوظة بصفة قانونية بكتابة الضبط خلال فترة نظام النظائر من فاتح يوليو 1983
إلى 16 يونيو 1993 شريطة أن تكون مذيلة بتوقيع عدليها وخطاب القاضي المكلف
بالتوثيق".
[9] - انظر
نص المادة 38 من قانون 16.03 في الهامش أعلاه.
[10] - بالإضافة
إلى الشرطين السابقين كان الفقهاء قديما يشترطون في الأصل الذي تؤخذ منه النسخة أن
يكون مما يجوز نسخه؛ فقد "نص فقهاء التوثيق العدلي على أن كل رسم يخشى مع
إعادة كتبه أو أدائه إعادة المطالبة بالحق، فإنه لا يصح أخد النسخة منه، وذلك كرسم
الدين و الوصية و القراض والأمانة والوديعة، و ذلك تفاديا لأن يتقاضى الحق بالأصل
فيتكرر التقاضي بالنسخة، أو يقع إبراء في الأصل بإسقاط أو معاوضة أو بغيرهما، ثم
يطالب بالحق بالنسخة مرة ثانية...
والواقع أنه... لا معنى لهذا الحصر، وأن العبرة في المنع المذكور ليست في هذه
العقود بذاتها، وإنما هي في مدى الخشية من وقوع المطالبة بالحق مرة أخرى، فكل عقد
– كيفما كان نوعه – يخشى فيه إعادة التقاضي بالحق يمنع استخراج النسخة منه.
أما ما لا يخشى فيه تكرار المطالبة بالحق بإعادة كتبه و أدائه أو نسخه، فإنه
لا يمنع فيه ذلك ويجوز أخد النسخ منه، وذلك كعقود الملكيات و البيع وغيرها، وكذلك
إذا كان الهدف من استخراج النسخ هو لمجرد الطعن فيها وإظهار عيوبها، إذ يجوز
استنساخها.
وقد كان المشرع المغربي في السابق يأخذ بأحكام الفقه المذكورة بخصوص الشهادات
التي يمنع أخد النسخ منها إذا خيف تكرار التقاضي بالحق على المشهود عليه، إذ كان
الفصل الثامن من ظهير 7 فبراير 1944، ينص على أن النسخ لا تؤخذ إلا من الرسوم التي
يجوز أخذ النسخ منها شرعا، وهي بطبيعة الحال الرسوم المشار إليها أعلاه كرسم الدين
وشبهه.
أما القانون الجاري به العمل الآن؛ فإنه أطلق في جواز أخد النسخ من الشهادات
ولم يفرق بين شهادة وأخرى في ذلك، وهو اتجاه سليم لا يسعنا إلا أن نحبذه و نؤيده؛
لأنه إذا كان في الزمن الماضي ما يوجب التفريق بين رسم الدين والوصية و غيرهما،
اعتبارا لما كان عليه أكثر الناس في دفع الوثائق إلى من هي عليه؛ إذا أدى الدين أو
نفذ الالتزام بوجه عام، فإنه اليوم لم يعد ما يوجب هذا التفريق، وأضحى الناس واعين
بأن ما قبض بإشهاد لا يسلم إلا بإشهاد؛ وصار يذكر على ألسنتهم بأن "من جمعانا
يفرقانا" في إشارة إلى أن العدلين اللذين أشهدا على العقد أولا هما من يشهدان
على نقيضه ثانيا، وبالتالي كل من له مصلحة في نسخ أحد الرسوم المضمنة بكنانيش
التضمين؛ أو المودعة بكتابة ضبط قاضي التوثيق في شكل نظائر لها؛ يستطيع أن يتقدم
بطلب لأجلها".
- العلمي الحراق، التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي
وتطـبيقاته فـي مدونـة الأسرة، مكتبة دار السلام، الرباط،طبعة 2009، ج 1، ص
436-438.
[11] - تنص الفقرة
الثانية من المادة 38 من قانون 16.03 على ما يلي:" تحدد كيفية استخراج
النسخ في حالة تخلف الشرطين المذكورين أو أحدهما بنص تنظيمي".
[12] - تنص المادة 35 من
المرسوم التطبيقي لسنة 2008 على ما يلي: " تحدد كيفية استخراج النسخ في
حالة تخلف الشرطين المنصوص عليهما في المادة 38 من القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة
العدالة المشار إليه أعلاه كما يلي:
إذا كانت الشهادة مضمنة بسجل التضمين وموقعة من طرف العدلين وغير مخاطب عليها
من طرف القاضي في وقته؛ فإنه يتعين عليه الخطاب عليها بالصفة التي يحملها أو التي
كانت له إبان تكليفه بالتوثيق، والمرتبطة بتصفية الأشغال الواجبة عليه قبل أي
انتقال أو استقالة أو تقاعد أو عزل أو نحو ذلك.
فإن حصل له مانع والحال أن العدلين ما زالا على قيد الحياة، أكدا وجوبا
شهادتهما بالصفة التي يحملانها أو التي كانت لهما أمام القاضي الحالي بطرتها
"نؤكدها" مع التوقيع والتاريخ، ويتم الخطاب عليها من طرفه بعد مراقبتها
والتأكد من سلامتها.
أما إذا عاقهما أو أحدهما عائق عن تأكيد شهادتهما فتسلك مسطرة التعريف المنصوص
عليها في المادة 21 (من المرسوم التطبيقي لسنة 2008).
إذا كانت الشهادة المضمنة بسجل التضمين غير موقعة من طرف العدلين،
فإنه يتعين عليهما توقيعها وتأكيدها لدى القاضي الحالي بالصفة التي
يحملانها أو التي كانت لهما ؛ والمرتبطة بتصفية الأشغال الواجبة عليهما قبل أي
انتقال أو استقالة أو إسقاط أو عزل.
إذا تعذر استخراج نسخة الشهادة من سجلات التضمين، أو من النظائر المحفوظة
بكتابة الضبط، وكانت متلقاة في كناش الجيب المعمول به سابقا، أو بمذكرة الحفظ بصفة
قانونية، والعدلان ما زالا منتصبين بمكان الإشهاد ؛ أعادا تحريرها بإذن كتابي من
القاضي المكلف بالتوثيق، بناء على طلب ممن له الحق في ذلك.
أما إذا زالت عن العدلين الصفة ؛ أو عاقهما عائق عن إعادة تحريرها، فتسلك
مسطرة التعريف".
[13] - الحراق، التوثيق،
م س،ج 1، ص 334-336.
[14] - تنص الفقرة
الأولى من المادة 12 من قانون 49.00 على ما يلي: "تستخرج نسخ الشهادات
المشار إليها في المادة 11، إذا تعلق الأمر بأصحاب الشهادات أو ذوي الحقوق بناء
على طلب كتابي يؤشر عليه القاضي المكلف بالتوثيق".
[15] - وغني عن البيان
أن هذا الأمر المعلل يسبقه طلب موقع من طالب النسخة يبين فيه أن مصلحته تتوقف على
تلك النسخة. وهذا ما كان يشير إليه الفصل 31 من قانون خطة العدالة السابق الذي ورد
في فقرته الثانية ما يلي: "وإذا تعلق الأمر بغير أرباب الشهادات وذوي الحقوق
أصدر القاضي التوثيق أمرا مبنيا على الطلب المقدم إليه بتسليم نسخة لطالبها بعد أن
يثبت أنه لا يستطيع التوصل إلى حقه إلا بها".
[16] - تنص المادة 13 من
قانون 49.00 على ما يلي:"يشار في طليعة النسخة المستخرجة إلى الاسم الشخصي
والعائلي لطالبها وتاريخ ومكان ولادته ومحل سكناه ورقم وتاريخ بطاقته الوطنية، أو
أية وثيقة تثبت هويته، وإلى الطلب الكتابي المؤشر عليه من طرف القاضي ؛ أو الأمر
الصادر عنه ".
[17] - تنص المادة 33 من
المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة على ما يلي: " يجب أن ينص بهامش
الشهادات وبنسخها قبل الخطاب عليها على اسم السجل المضمنة به ورقمه والعدد
الترتيبي والصفحة وتاريخ التضمين؛ وكذا مراجع التسجيل بالنسبة إلى نسخ الرسوم
الخاضعة له".
وقد أثارت هذه المادة انتقاد بعض الباحثين حيث قال: "غير أننا ما زلنا
نلاحظ على قانون المهنة أنه يكتفي بوجوب تضمين أصول الشهادات فقط، دون النسخ التي
تستخرج منها...والذي نراه أفيد في هذا الصدد، وضبطا لطلبات استخراج النسخ من
الشهادات، وعملا بقواعد الاحتياط الحافظة للحقوق والأعراض والأموال، أن يشار وجوبا
في طليعة رسم النسخة إلى الهوية الكاملة لطالب النسخة، وإلى الغاية التي لأجلها
طلبت، وأن يشار بهامش الشهادة بكناش يحدث لهذه الغاية، أو بكناش التضمين نفسه، إلى
تاريخ أخذ النسخة، وفي هذه الحالة ينبغي أن تترك بسجلات التضمين خانة كافية تسمى
خانة الملاحظات أو أي اسم آخر مفيد، وتكون صيغة التضمين مثلا: "بتاريخ كذا
وبطلب من فلان بن فلان الفلاني بطاقته الوطنية رقم... أخذت نسخة منه أو منها بقصد
الحفظ أو الطعن أو الإدلاء بها للمحكمة أو للمحافظة العقارية أو..." على أن
تدرج طلبات استخراج النسخ بمذكرات الحفظ، وتوقع من طرف أصحابها والعدلين المعنيين
بالأمر وذلك كما هو الشأن في تلقي باقي الطلبات والشهادات.
ومن شأن العمل بهذا المقترح، جعل حد لمن تسول له نفسه التلاعب بمصالح الناس،
أو النصب والاحتيال عليهم بواسطة النسخ، أو يقلل من ذلك على الأقل، كما أن من شأن
ذلك تمكين القاضي من معرفة عدد النسخ التي استخرجت من هذه الشهادة وطالبيها
والأغراض التي استخرجت من أجلها، وبالتالي لا يأذن لنفس الشخص، أو الأشخاص الذين
سبقوا لهم أن استخرجوا نسخا منها، باستخراج مزيد من النسخ منها إلا لضرورة ملحة
ولسبب معقول".
- الحراق، التوثيق، م س، ج 1، ص 447.
[18] - تنص المادة 14 من
قانون 49.00 على ما يلي: "يتعين على الناسخ الذي قام بعملية التضمين أو
بعملية النسخ أن يكتب بطرة الشهادة المضمنة بالسجل والنسخة المستخرجة اسمه الكامل
مذيلا بتوقيعه".
[19] - وفقا للطريقة
السابقة كان القاضي – الذي يشهد عليه بصحة المقابلة والمماثلة والمطابقة للنسخة
المستخرجة- يكتب هنا اسمه الكامل...أما اليوم فقد أصبحت النسخة توقع من طرفه كما
توقع الشهادات الأصلية.
[20] - كان القاضي يضع
توقيعه في هذا البياض، وقد تغير هذا أيضا وفقا لعبارة الخطاب الجديدة.
[21] - الحراق، التوثيق،
م س، ج 1، ص 441-442.
[22] - "إذا كان
جمهور موثقي المذهب (المالكي) على أن النسخة إذا لم تكن مذيلة بالتسجيل على القاضي
بالصحة والثبوت أو الاستقلال تعتبر مجرد تقييد وزمام فقط ولا يعتد بها، ولا يحكم
بمقتضاها، فإن بعضهم ذهبوا إلى جواز الاعتداد بالنسخة والحكم بمقتضاها إذا ثبتت
عدالة ناسخها، ولو لم تكن مسجلة على القاضي، ومعنى هذا أن النسخة يمكن أن تؤخذ
بدون تسجيل على القاضي، أي تحرر من أولها إلى حل علامتي شهيدي الأصل وإثبات نص
الخطاب، ثم يقال انتهت وبأصلها قوبلت فماثلته وطابقته، وبه شهد شهيداه عبد ربه
(...) وعبد ربه (...) ثم يخاطب القاضي بصيغة الخطاب التي يخاطب بها على الرسوم
الأصلية أي بصيغة "الحمد لله أعلم بأدائها ومراقبتها"".
- الحراق، التوثيق، م س، ج 1، ص 442.
[23] - ينص الفصل
441 من ق.ل.ع على ما يلي: "النسخ المأخوذة، وفقا للقواعد المعمول بها، عن
المحررات الخاصة أو العامة المودعة في خزائن المستندات (الأرشيف) بواسطة أمين هذه
الخزائن تكون لها نفس قوة الإثبات التي لأصولها. ويسري نفس الحكم على نسخ الوثائق
المضمنة في سجلات القضاة، إذا شهد هؤلاء القضاة بمطابقتها لأصولها".
[24] - الحراق، التوثيق،
م س، ج 1، ص 443-444.
[25] - للاطلاع على هذه
الضوابط والأغراض، وكذا وضعيات تسليم النسخ من حيث المضمون والشكل يرجى النظر في:
الحراق، التوثيق، م س، ج 1، 444-445.
[26] - الحراق، التوثيق،
م س، ج 1، ص 439-440.
[27] - المرسوم عدد
2.01.2825 الصادر في 6 جمادى الأولى 1423 موافق 17/07/2002 بتطبيق أحكام القانون
رقم 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة؛ انظر: ج.ر عدد 5030 الصادرة بتاريخ 6
جمادى الآخرة 1423 (15 أغسطس 2002)، ص 2335.
[28] - تنص المادة 9 من
المرسوم التطبيقي للقانون المنظم للنساخة على ما يلي: "يتقاضى الناسخ عن
استخراج نسخ الرسوم والبحث عنها في السجلات أجرته من طالب النسخة، طبق التعريفة
المحددة بقرار لوزير العدل، مقابل وصل مستخرج من الكناش المشار إليه في الفقرة
الأولى من المادة 8 أعلاه.
تقسم أجرة استخراج نسخ الرسوم على ثلاثة أقسام بالتساوي بين الناسخ والعدلين
الموقعين للنسخة المستخرجة، بعد تأكدهما من مطابقتها لأصلها".
وتطبيقا للفقرة الأولى من هذه المادة صدرت عدة قرارات تحدد تعريفة أجرة
تضمين الشهادات واستخراج نسخها، كان بعضها ينسخ بعضا، وآخرها هو قرار وزير
العدل رقم 3064.19 الصادر بتاريخ 29 ربيع الاخر 1441 الموافق 26 ديسمبر 2019
تحدد بموجبه تعريفة أجرة تضمين الشهادات واستخراج نسخها وشكل كناش الوصلات،
المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6852 الصادرة بتاريخ 4 جمادى الاخر 1441 الموافق 30
يناير 2020، ص 455.
وقد حدد هذا القرار الأخير في البند (ب) من مادته الأولى أجرة نسخ العقود في
350 درهم بالنسبة للقسمة - أو المخارجة- والملكية والبيع وإحصاء التركة والمحاسبة،
وفي 300 درهما بالنسبة للحالات الأخرى؛ وفي كل ذلك تضاف ثلاثون درهما عن كل صفحة
غير الأولى من صفحات النسخة؛ وتؤدى ثلاثون درهما مقابل البحث عن الشهادات في كل
سجل من سجلات التضمين.