بينة التوثيق والحقوق بينة التوثيق والحقوق
random

آخر الأخبار

الرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء السادس)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الخامس)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الرابع)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الثالث)- بينة التوثيق والحقوقالرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الثاني)- بينة التوثيق والحقوق الرضائية والشكلية في التصرفات العقارية (الجزء الأول)- بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوق
random
جاري التحميل ...

مستند العلم في الشهادة العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوق

 

                       مستند العلم في الشهادة العدلية (الجزء الثاني)

 


ثانيا - ذكر المستند في صيغة الشهادة.

اتفق الفقهاء أن كل شهادة لا بد لها من مستند يستند إليه الشاهد في تحصيل العلم بها، وينبغي أن يكون هذا المستند مما يؤدي إلى العلم اليقيني أو العلمي المبني على الظن القريب من اليقين. ويترتب على عدم وجود المستند في الشهادة أن يعتري الشهادة ما يسمى بالتلفيف، وهو قد يؤدي إلى استفسار الشهود أو بطلان الشهادة بحسب الأحوال.

 لكن وجوب بناء الشهادة على مستند تحملها قد لا يعني أن ذكر الشاهد لمستنده واجب دائما؛ إذ اختلف الفقهاء حول مستند الشهادة هل يجب ذكره والنص عليه في صيغة الشهادة أم لا يجب ذكره؟

فقد ذهب بعض فقهاء النوازل[1]من المالكية إلى أن الشاهد لا يلزمه ذكر مستند علمه في صيغة الشهادة وهو مصدق في طريقة علمه.

بينما خالفهم الشيخ الصنهاجي من المالكية الذي ذهب إلى أن ذكر مستند العلم بالشهادة "واجب، فلا بد (للشهود) أن يبينوا الطريق الموصلة لمعرفة ما شهدوا به. فإن سكتوا عنه وجب استفسارهم؛ فإن تعذر (الاستفسار لغيبتهم أو موتهم) صحت(الشهادة) من العلماء، وبطلت من غيرهم (أي من الشهود من العوام)".[2]

وهذا الرأي القاضي بوجوب ذكر المستند هو ما ذهب إليه الشيخ محمد العزيز جعيط التونسي عندما قال: "ويلزم في البينات الاسترعائية بيان مستند العلم في الشهادة، فإن أهمل ذلك لم يصح القضاء بها، حتى يبين مستند العلم؛ فإن تعذر البيان لموت الشهود بطلت تلك البينة".[3]

وواضح من القولين المذكورين أن الشيخين المالكيين، وإن كانا يتفقان على وجوب ذكر المستند فإنما يختلفان في مآل الشهادة التي لم يذكر فيها المستند، إذ يوجب الشيخ الصنهاجي استفسار شهودها إذا لم يكونوا علماء أو عدولها إذا لم يكونوا مبرزين؛[4]  بينما يرى الشيخ جعيط بطلان الشهادة مباشرة عند عدم ذكر المستند؛ ولعل رأي الشيخ الصنهاجي أولى بالصواب لأن إعمال العقود أولى من إهمالها، وكذا مراعاة للخلاف الذي يرى أن ذكر المستند ليس شرطا.

وعمل العدول اليوم على ما ذكره الشيخ الصنهاجي الغازي الحسيني من وجوب ذكر المستند في الشهادات،[5]  وقد عمل الشيخ الصنهاجي على التصريح بوجوب ذكر المستند في كتابه "التدريب على تحرير الوثائق العدلية "الذي يعد شرحا وتتميما  وتعقيبا على صيغ الشيخ بناني -الملقب بفرعون الوثائق-، إذ نص الشيخ الصنهاجي في عدة مواضع من كتابه على كل حالة لم يذكر فيها بناني المستند بأنه ترك واجبا كان يجب ذكره،[6]  واستمر ذكر المستند واجبا عند كل من ألف في الوثائق بعد الشيخ الصنهاجي؛ وهم قلة معدودون. كما استمر بذلك عمل العدول إلى يومنا هذا.

وذهب بعض الشافعية[7] إلى أن الشاهد الذي يكون مستند شهادته هو الاستفاضة أو التصرف والبناء والهدم في الأملاك، لا يجوز له أن يذكر مستند علمه بشهادته. فإن ذكر المستند بأن قال: أشهد بالاستفاضة أن هذه الدار ملك زيد، لم تقبل شهادته، لأن ذكر المستند يخرم الجزم بالشهادة.

وكذلك لو قال: أشهد أن هذه الدار ملك لزيد، لأني رأيته يتصرف فيها مدة طويلة بالبناء والتخريب والإسكان والإيجار بغير مانع مع شيوع ملكيته لها بين الناس، فكل هذا يبطل شهادته إذا ذكره، لأن ذكره للمستند يشعر بعدم جزمه بالشهادة، إذ لو كان العلم أو غلبة الظن حصل عنده بالملك لزيد بهذه الأسباب لجزم بالشهادة بالملك، فشرطه أن لا يشهد، ما لم يحصل له إما علم أو غلبة ظن، مستنده حصول هذه الأسباب عنده ومشاهدته لها وسماعه وغير ذلك فمتى حصل له ما ذكر أقدم على الشهادة باتا جازما بالملك.

وعلل هذا الفقه ما ذهب إليه بأنه قد يحصل العلم للشاهد بقرائن لا يمكن التعبير عنها باللفظ، بأن هذه الدار ملك زيد ويجزم بذلك؛ ولو أراد أن يعبر عن القرائن التي حصل له العلم بها لم يجد إلى ذلك سبيلا. واستثنى هذا الفقه من ذلك أن يسأل الحاكم الشاهد عن المستندين السابقين، فيجب عليه ذكرهما حينئذ.

 أما أغلب فقهاء الشافعية فقد فصلوا في مسألة ذكر المستند بين حالتين؛ فإن صرح الشاهد بذكر المستند على وجه الريبة والتردد فلا تقبل، وإن ذكره للتقوية أو لحكاية الحال فتقبل، وبهذا التفصيل قيد هؤلاء الفقهاء ما ذهب إليه الحموي.[8]

والخلاف المتقدم – سواء فيما ذكره المالكية أو الشافعية- إنما يتعلق بالشهادات الاسترعائية – سواء كانت علمية أم لفيفية- لأنها هي التي تحتاج لبيان طرق العلم بها، أما الشهادات الأصلية فلا يتعلق بها الاختلاف المذكور، لأن الشاهد فيها –حسبما سنفصل فيه لاحقا- لا يشهد بما في علمه، وإنما يملى عليه، فالذي له علم بموضوع الشهادة هو المملي لها على الشهود.

ولذلك ففي الشهادات الأصلية يعتبر إشهاد المشهد، أو إذنه، أو حضوره هو المستند، فإذا ذكر الإشهاد أو الإذن أو حضور المتعاقدين كان ذلك كأنه المستند للشاهد في الشهادة.

وكذلك لا يجب ذكر مستند الشهادة في الشهادة الاسترعائية السماعية لأن الشاهد فيها يشهد بالسماع من الناس أما هو فلا علم له بما ورد في السماع، لأن العلم يحصل بأمور قطعية كالمعاينة والتواتر وهذا لم يحصل له.

لكن ذكر السماع كمستند جائز، ولا يضر عند فقهاء المغرب ذكره كأن يقول: ومستندهم السماع المذكور.[9]

وغالبا ما يكون مستند الشهود في الشهادة الاسترعائية غير السماعية – التي يجب ذكر المستند فيها- هو المخالطة والقرابة والمصاهرة والاتصال والاطلاع على الأحوال والمجاورة؛ "وهذا إذا اتحدوا في مستند العلم فإن كان لكل واحد منهم مستند خاص ذكرته مع اسمه فتقول مثلا "علمه الأول والثاني والثالث بالمصاهرة والرابع بالمجاورة والباقون بالمخالطة والكل بالاطلاع على الأحوال" وللتأكيد تقول (أيها العدل الموثق) "والاطلاع التام على الأحوال"".[10]

ولأهمية الشهادة الاسترعائية -علمية كانت أو لفيفية-اشترط بعض ‏الفقهاء فيها أن تكون مؤسسة على المستند الخاص لا على المستند العام، ونصوا على أنه لا يقبل من الشهود ‏ أن يقولوا -‏مثلا - إنا نعرف فلانا استلف من فلان أو باع له كذا؛ فلا بد أن يقولوا في شهادتهم إنهم حضروا السلف أو أقر عندهم بذلك، وكذلك في البيع لا بد أن يقولوا في شهادتهم عليه أنه باع منه كذا بمحضرهم أو بإقراره.[11]

‏ولكن لما كان شرط العلم اليقيني المبني أساسا على المستند الخاص لا يتوفر في كل الأحوال، ولا يتحقق في كل الشهادات، وكان الظن الغالب قائما مقامه في حال تعذره، ناسب على ما يبدو، أن تكون المجاورة أو المخالطة أو الاطلاع التام على الأحوال هي مستند الشهود وعلمهم في شهادتهم الاسترعائية، واستقر العمل بذلك وجرى منذ مدة طويلة، ولعل هذا هو ما يفسر وجود الوثائق العدلية الاسترعائية المتوارثة – سواء العلمية منها أو اللفيفية- مؤسسة غالبا على المستند العام وليس على المستند الخاص، أو قد يكون ذلك هو المتيسر والمتاح.[12]

وقد تدعو الضرورة إلى أن يكون مستند العلم متمثلا في إقرار المشهود له لدى الشهود بما يشهدون به، ومن ذلك ما ذكره الصنهاجي عند عرضه لموجب إثبات الإنفاق عند قوله: "ولا يعلمون أنه قطع عنه النفقة طول المدة المذكورة كل ذلك في علمهم بالمخالطة والمشاهدة والاطلاع-أو تقول علموه بإقرار الكافل لديهم بذلك-...".[13]

ولذلك، فقد لا يتسنى في أحيان كثيرة معرفة بعض تفاصيل واقعة معينة إلا في مجلس الشهادة، فقد يشهد الشهود على واقعة الإراثة التي بمقتضاها مات رجل وترك زوجته وأولاده ووالديه، فتجد أن بعض الشهود يعرف الوالدين دون البعض لأن هذين الوالدين عادة ما يسكنون في منطقة بعيدة عن سكنى الهالك؛ فيجوز لأجل ذلك – في نظرنا- أن يكون المستند في المجلس نفسه من خلال إقرار طالب الشهادة والورثة للشهود بالورثة الذين لا يعرفونهم  إلا سماعا لتعذر غيره، غير أننا نقيد ذلك بوجوب استفسار الشهود حتى يتبين من خلال هذا الاستفسار مستند كل واحد منهم.

 


[1]- منهم الشيخ المهدي الوزاني فيما ذكره عن الشيخ العربي الزرهوني عن الموثق محمد بن حمدون بناني أنه لا يرى ذكر الشاهد لمستنده شرطا.

انظر: - محمد المهدي الوزاني، النوازل الكبرى أو "المعيار الجديد" مطبعة فضالة، المحمدية، الطبعة الأولى 1999، ج 9، ص 89.

 [2]- الصنهاجي، التدريب، م.س، ج 1، ص 20.

 [3]- محمد العزيز جعيط، الطريقة المرضية في الإجراءات الشرعية على مذهب المالكية، مكتبة الاستقامة، تونس، الطبعة الثانية، ص 155.

[4]- كان العدول – في عهد الصنهاجي- وهو عهد الاستعمار الفرنسي للمغرب، مصنفين إلى عدول مبرزين وعدول غير مبرزين، وكان إلى جانبهم شهود تقبل شهاداتهم في بعض الأمور إن تمت تزكيتهم، ولم يعد في عصرنا شيء من ذلك قائما، فوجب استفسار شهود اللفيف وكذلك العدلين اللذين يشهدان شهادة علمية كلما لم يتم ذكر المستند في الوثائق.

[5]- لم تكن الكتب المؤلفة قبل الشيخ محمد بناني الشهير بفرعون المتوفى سنة 1261 هـ، تذكر المستند، ولما جاء الشيخ بناني فرعون أخذ يذكر المستند في بعض الأحيان؛ ومع الشيخ أبي الشتاء الصنهاجي المتوفى في سنة 1945 للميلاد أصبح ذكر المستند واجبا.

 [6]- مما قاله الصنهاجي مثلا في التعقيب على بناني: "ولم يذكر المؤلف هنا مستند علم الشهود فيما شهدوا به، مع أنه واجب في كل شهادة علمية كما سبق، فتزيد هنا: علموه بالمخالطة والمجاورة والاطلاع".

- التدريب، م س، ج 1، ص 121-122.

[7]- إبراهيم بن عبد الله ابن أبي الدم الحموي، "أدب القضاء" أو "الدر المنظومات في الأقضية والحكومات"، تحقيق محمد مصطفى الزحيلي، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1970، ص 392.

[8]- من تعليق  المحقق محمد مصطفى الزحيلي في:

- إبراهيم بن عبد الله ابن أبي الدم الحموي، "أدب القضاء" أو "الدر المنظومات في الأقضية والحكومات"، تحقيق محمد مصطفى الزحيلي، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1970، ص 392.

[9]- عند قول الشيخ بناني: "كل ذلك في علمهم وصحة يقينهم" فيما كتبه في وثيقة الاسترعاء في إضرار الزوج بزوجته، وهي وثيقة تبنى على السماع الفاشي بحسب الأصل، قال الشيخ الصنهاجي في التعقيب عليه: "وهذا مناقض لصدر الوثيقة لأن صدرها يدل على أن الشهود لا علم لهم بالضرر المذكور وإنما سمعوه من الناس سماعا فاشيا، وسبق أن السماع الفاشي يفيد مجرد الظن ولا يفيد الظن القوي فضلا عن العلم واليقين، وعجز الوثيقة يفيد أن الشهود عالمون بالضرر ومتيقنون به، وهذا هو التناقض وهو من مبطلات الرسوم، فالصواب حذف كل ذلك في علمهم وصـحة يقينهم، لأن شهادة اللفيف هنا هي شهادة السماع... وشهادة السماع لا تحتاج لذكر المستند لأنها ليست علمية فقوله بالسماع الفاشي الأولى حذفه أو تقول ومستندهم السماع المذكور وإن كان غير واجب ذكره في وثيقة السماع...".

- التدريب على تحرير الوثائق العدلية، م س، ج 1، ص 92.

 [10]- الصنهاجي، التدريب على تحرير الوثائق العدلية، م س،  ج 1، ص 20.

[11]-  محمد العمراني، دور الوثيقة في المجتمع، مقال نشر بمجلة كلية الشريعة، عدد 6، شوال 1406 موافق غشت 1980، ص 85.

[12]- انظر: الحراق، التوثيق، م.س، ج 1، ص 460-461.

[13]- الصنهاجي، التدريب على تحرير الوثائق العدلية، م س، ج 1، ص86.

عن الكاتب

محمد الكويط

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

تابع المدونة من هنا

جميع الحقوق محفوظة

بينة التوثيق والحقوق

2025