بينة التوثيق والحقوق بينة التوثيق والحقوق
random

آخر الأخبار

تفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقالالتزام بالتعاقد (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوق الالتزام بالتعاقد (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقالالتزام بالتعاقد (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقإحصاء التركة كأصل للتملك (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقإحصاء التركة كأصل للتملك (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوق
تفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقتفسير صيغ الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الخامس) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقعنصر السبب في الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقركن الرضا في الوثائق العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الرابع) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقمقتضيات تحرير الشهادة العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقالالتزام بالتعاقد (الجزء الثالث) - بينة التوثيق والحقوق الالتزام بالتعاقد (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقالالتزام بالتعاقد (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوقإحصاء التركة كأصل للتملك (الجزء الثاني) - بينة التوثيق والحقوقإحصاء التركة كأصل للتملك (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوق
random
جاري التحميل ...

مستند العلم في الشهادة العدلية (الجزء الأول) - بينة التوثيق والحقوق

 

                           مستند العلم في الشهادة العدلية (الجزء الأول)

 


تبنى الشهادة العدلية على حصول العلم بالمشهود به، والقطع بمعرفته وتحقيقه، ولذلك لا بد لكل شاهد من بيان الدليل أو المصدر الذي يعتمد عليه في شهادته؛ وهو ما يسمى بمستند العلم بالشهادة.

ومن أنواع هذا المستند ما يؤدي إلى العلم اليقيني الذي يوجب الحكم بالشهادة، ومنها ما يؤدي إلى الظن الغالب القريب من العلم الذي يوجب هو كذلك الحكم بالشهادة، ومنها ما يؤدي إلى الشك والتردد فيوجب بطلان الشهادة.

ومستندات العلم التي يعتمد عليها العدول حاليا...يمكن تقسيمها إلى قسمين بارزين: ‏مستندات خاصة كالمعاينة والحضور وسماع الإقرار أو الاعتراف من المشهود عليه مباشرة؛ أي بدون واسطة من أحد من غير الترجمان، ومستندات عامة وتتمثل في المجاورة والمخالطة والاطلاع الأكيد على الأحوال".[1]

ولما كانت الشهادات الاسترعائية تبنى على اليقين والقطع-بحسب الأصل- لأنها تخبر عن وقائع حدثت في الماضي، فيجب أن تؤسس هذه الشهادات على المستند الخاص الذي يؤدي إلى اليقين. ولما كانت الشهادات الأصلية إنما يشهد فيها العدلان على أمور أنشأها الأطراف بإرادتهم، فمستند العدلين في هذه الحالة يتمثل في حضور الأطراف عندهم مصحوبين بالوثائق وطلبهم من العدلين الإشهاد عليهم، وتجسيد إرادتهم بواسطة التوقيعات.

ولذلك فالحديث عن المستند في الشهادات الأصلية مداره على وجود الإرادة وظهورها جلية في مجلس العقد؛ فإذا بدا أن هذه الإرادة قد تتعطل لسبب من الأسباب، فقد تحدث الفقهاء عن وسائل لحماية ودعم وتقوية مستند العلم حتى يؤدي إلى العلم اليقيني أو الظن القريب من اليقين بحسب الأحوال.

وتأسيسا على ما ذكر، سنفصل الكلام فيما يأتي على وظيفة المستند في الشهادة (مطلب أول) وعلى وسائل دعم وتقوية هذا المستند (مطلب ثاني).

 

المطلب الأول: وظيفة مستند العلم بالشهادة

 

يسهم مستند العلم بالشهادة في بيان كيفية وصول العلم بالشهادة إلى الشاهد، ولا بد أن يؤدي المستند إلى علم يقيني أو إلى علم قريب منه، فلا يصلح كمستند إلا ما أدى إلى هذين _بحسب الأصل_، ولا يمكن الاطلاع على هذه الوظيفة إلا بذكر المستند في الشهادة حتى يعلم إن كان مما يؤدي إلى العلم أو الظن. فوجب –إذن- أن نبين ما يصلح أن يكون مستندا للعلم بالشهادة (أولا) ثم ما يتعلق بذكر هذا المستند في صيغة الشهادة (ثانيا).

 

 أولا- ما يصلح أن يكون مستندا للعلم بالشهادة.

 تكلم الفقهاء على ما يصلح أن يكون مستندا للشاهد في تحمله للشهادة، فذكروا أن الذي يصلح أن يكون مستندا لتحمل الشهادة هو ما يوصل إلى العلم واليقين بالمشهود به كقاعدة عامة، ثم ما يوصل إلى الظن الغالب القريب من اليقين في أحوال محددة حصرا نظرا للضرورة.

وكل ما لا يوصل إلى هذين الأمرين فلا يقبل أن يكون مستندا لتحمل الشهادة، من ذلك ما يؤدي إلى الشك في معرفة المشهود به، أو تكون المعرفة مبنية على ظن ضعيف، فتكون أقرب إلى الجهل منها إلى الصواب، أو ما يؤدي إلى احتمال أوجه متعددة وكل ما احتمل واحتمل سقط به الاستدلال.[2]

وغالبا ما يتم الوصول إلى العلم اليقيني أو الظني القريب منه عن طريق المستندات المباشرة، لكن العلم الظني القريب من اليقين، قد يتم الوصول إليه في بعض الأحيان بواسطة مستندات غير مباشرة أي عن طريق ما تحمله الشاهد بواسطة غيره، وأهمها مستندا السماع والنقل.

فنحن هنا نتكلم عن الأمرين اللذين يصلح كل واحد منهما أن يكون مستندا لتحمل الشهادة؛ وهما: العلم واليقين ثم الظن الغالب القريب من اليقين، لننتقل إلى الحديث عن أهم المستندات غير المباشرة وهي السماع والنقل.

 أ- العلم واليقين.

 لا يصح للشاهد شهادته بشيء حتى يحصل له به العلم، إذ لا تصح الشهادة إلا بما علم، وقطع بمعرفته[3] لا بما فيه شك ، ولا بما يغلب على الظن معرفته.[4]

ويدرك العلم اليقيني حسب فقهاء المذهب المالكي "بأحد أربعة أشياء: الأول: العقل بانفراده، فإنه يدرك بعض العلوم الضروريات، مثل أن الاثنين أكثر من الواحد، فيعلم به حال نفسه من صحته وسقمه وإيمانه وكفره، وتصح بذلك شهادته على نفسه وما أشبه ذلك.

الثاني: العقل مع الحواس الخمس، حاسة السمع وحاسة البصر، وحاسة الشم وحاسة الذوق، وحاسة اللمس؛ فيدرك بالعقل مع حاسة السمع الكلام وجميع الأصوات، ولذلك (أجاز المالكية) شهادة الأعمى على الأقوال، إذا كان المشهود عليه قد لازمه كثيرا حتى يتحقق الأعمى كلامه ويقطع عليه...

"وأما اختلاف العلماء في شهادة الأعمى، والشهادة على الخط، ونحو ذلك فليس خلافا في الشهادة بالظن (أي الظن الغالب الذي سيأتي ذكره) بل الكلام في ذلك في تحقيق مناط. فالمالكية يقولون: الأعمى قد يحصل له القطع بتمييز بعض الأقوال فيشهد بها، ويحصل للبصير القطع ببعض الخطوط فيشهد بها فما شهد إلا بالعلم (اليقيني القاطع)، والشافعية يقولون لا يحصل العلم في ذلك لالتباس الأصوات وكثرة التزوير في الخطوط فهذا هو مدرك التنازع بينهم".[5]

ويدرك بالعقل مع حاسة البصر جميع الأجسام والأعراض والمبصرات، ولذلك (أجاز المالكية) شهادة الأصم على الأفعال، و...الشهادة على الخط. ويدرك بالعقل مع حاسة الشم جميع الروائح المشمومات، فيدرك بها حال المسكر، فيراق الخمر، ويحد شاربها بالشهادة على الرائحة...

ويدرك بالعقل مع حاسة الذوق جميع الطعوم المذوقات، ولذلك تجوز الشهادة به في اختلاف المتبايعين في صفة المبيع، كالزيت الحلو وعكسه، والعسل الشتوي والزبيب والسمن المتغير، وغير ذلك مما يكثر ذكره.

ويدرك بالعقل مع حاسة اللمس جميع الملموسات على اختلاف أنواعها، (ولذلك جاز عند المالكية) شهادة أهل المعرفة في اختلاف المتبايعين في صفة المبيع في اللين والخشونة وما أشبه ذلك.

الثالث: حصول العلم بالأخبار المتواترة، فإنه يحصل به العلم بالبلدان النائية والقرون الماضية، وظهور النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه إلى الإسلام، وقواعد الشرع ومعالم الدين، وكذلك تجوز الشهادة بما علم من جهة الأخبار الصحيحة في باب...النسب والموت وولاية القاضي وعزله وضرر الزوجين وما أشبه ذلك...قال ابن رشد في المقدمات: فالعلم المدرك من هذه الوجوه الثلاثة علم ضرورة، يلزم النفس لزوما لا يمكنها الانفصال منه، ولا الشك فيه.

الرابع: العلم المدرك بالنظر والاستدلال، فالشهادة بما علم من جهة النظر والاستدلال جائزة، كما تجوز بما علم من جهة الضرورة، وذلك مثل ما روي أن أبا هريرة شهد أن رجلا قاء خمرا فقال له عمر: أتشهد أنه شربها؟ فقال: أشهد أنه قاءها، فقال عمر: ما هذا التعمق؟ فلا وربك ما قاءها حتى شربها.[6]

ومن هذا الباب شهادة خزيمة؛ فقد"صحت شهادة خزيمة، ولم يحضر شراء الفرس... وشهادة خزيمة كانت بالنظر والاستدلال".[7]

ومن ذلك شهادة... أهل المعرفة في قدم الضرر (والعيب) وحدوثه... وما أشبه ذلك.

ومن هذا المعنى: شهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للنبيين على أممهم بالبلاغ، وشهادة المؤمن بأن الله وحده لا شريك له، وأنه حي عالم قادر، إلى غير ذلك من الصفات التي هو عليها، لعلمه بذلك من النظر والاستدلال...".[8]

 ب- الظن الغالب القريب من اليقين.

 هناك بعض الأمور التي يصعب على الشاهد فيها أن يشهد على سبيل القطع واليقين، "ولأجله أجاز الشارع للشاهد فيها أن يعتمد على الظن الغالب الذي ينشأ عنده من القرائن والأمارات لأنه هو الذي في قدرته، ومن القواعد الأصولية أنه لا تكليف إلا بفعل اختياري؛ ولو كانت الشهادة في تلك المسائل مبنية على القطع لضاعت حقوق كثيرة وتعطلت الأحكام فيها. قال الشاطبي: والأصل في الشهادة ألا تكون إلا عن قطع، لكن إذا لم يمكــــــن ذلك فــــــلا بد من التنزل إلى ما دونه للضرورة، أصله الشهادة عند الحاكم لا تفيد في الغالب إلا الظن ويقضى بها. يعني فهذا دليل على جواز الشهادة بالظن الغالب".[9]  

ومن هذا الصنف من الأمور التي يشهد فيها بالظن الغالب القريب من اليقين دون القطع، الشهادة بأن المديان معدم، فإن الشهود إنما يشهدون على علمهم، وقد يكون الباطن بخلافه، فاستظهر باليمين في ذلك على المشهود له، فبقيام البينة على ذلك، مع يمينه استحق حكم المعدم وسقط عنه الطلب ما دام على تلك الحال.

ومنه الشهادة على عدة الورثة: فهذه الشهادة أيضا على غلبة الظن، لا القطع، لأن الشهود لا يقطعون بعدم وجود أي وارث سوى ما ذكروا، فيستحيل عليهم ذلك، لأنه قد يوجد وارث لا علم لهم به، لذلك فصيغة شهادتهم هي أن يقولوا: "لا نعلم له وارثا غيرهم في سائر البلاد"،ولا يجوز لهم أن يقولوا: "لا وارث له "هكذا بالقطع، وإلا كانت الشهادة زورا.

ومنه الشهادة في الشيء المستحق، خاصة إذا كان عقارا؛ فهذه الشهادة تكون على الظن الغالب كذلك. فصيغة شهادة الشهود أن يقولوا: "لا نعلم أنه باع ولا وهب ولا خرج عن يده بوجه من وجوه انتقالات الأملاك". فلو قالوا: "نشهد أنه شيئه وملكه لم يبعه ولا فوته" كانت الشهادة زورا.

ومنه الشهادة بأن فلانا رشيد أو سفيه: فهي أيضا تكون على الظن الغالب، لأن الرشد والسفه لا يرى ولا يسمع وإنما يستنتج من القرائن والتصرفات الظاهرة التي قد تكون مصطنعة ومخالفة للحقيقة.[10]

"وتسمى الشهادة المبنية على غلبة الظن شهادة بظاهر الحال، والقاعدة (عند المالكية) أن كل بينة شهدت بظاهر الحال يستظهر معها بيمين على باطن الأمر".[11]

"وهذه اليمين مكملة للنصاب لأن الشهود...لم يقطعوا بالشروط المذكورة في الواقع (التي تلزم في تلك الشهادات) وإنما عندهم الظن الغالب بجلها اعتمادا على القرائن، وقد يكون الباطن بخلاف ذلك، فلا بد من حلف (المشهود له) على باطن الأمر، ومن القواعد (حسبما ذكرنا) أن كل بينة شهدت بشيء على حسب علمها فلا بد أن يحلف المشهود له بتا على باطن الأمر...ويستثنى من هذا حصر الورثة والتزكية، والترشيد وضده (التسفيه) والتعريف، وعسر الأبوين  لينفق الولد عليهما، واستحقاق العقار، فلا يمين في هذه الأمور مع أن الشهادة فيها على العلم[12]( أي الظن الغالب).

غير أن الشهادة بالظن الغالب أو ما يسمى بالعلم لا ينبغي أن يفهم منها أن الشاهد يمكن أن يدلي بشهادته بصيغة تفيد أنه متردد فيها أو غير جازم بما شهد به، كأن يقول " هذا ما ثبت في ظني" لأن هذه الصيغة تختلف عن صيغة "هذا ما في علمي" لأن الأولى تحمل على الظن الضعيف الذي يرادف الشك، أما الثانية فتفيد الظن الغالب القريب من القطع الذي يثبت به العلم، والصيغة الأولى باطلة ومبطلة للشهادة، لأن "مبنى الشهادة على العلم، فإذا تعذر أو تعسر وجب كتبها على ما لا ينافي أصلها (وهو العلم اليقيني) لأجل المحافظة على رونقها. قال تعالى:" وما شهدنا إلا بما علمنا"[13]"[14].

ولذلك يفهم عدم صحة ما ذهب إليه العلامة القرافي عندما أثار إشكالا مفاده أن بناء الشهادة على العلم لا يقتضي بالضرورة أن لا يؤدي الشاهد إلا ما كان يقطع بعلمه، بل يجوز له – حسب القرافي- أن يشهد بناء على الظن الضعيف.

قال القرافي في ذلك: "اعلم أن قول العلماء لا تجوز الشهادة إلا بالعلم ليس على ظاهره فإن  ظاهره يقتضي أنه لا يجوز أن يؤدي إلا ما هو قاطع به، وليس كذلك بل يجوز له الأداء بما عنده من الظن الضعيف في كثير من الصور؛ بل المراد بذلك أن يكون أصل المدرك علما فقط. فلو شهد بقبض الدين جاز أن يكون الذي عليه الدين قد دفعه فتجوز الشهادة عليه بالاستصحاب الذي لا يفيد إلا الظن الضعيف، وكذلك الثمن في البيع مع احتمال دفعه، ويشهد بالملك الموروث لوارثه مع جواز بيعه بعد أن ورثه، ويشهد بالإجارة، ولزوم الأجرة مع جواز الإقالة بعد ذلك بناء على الاستصحاب.

والحاصل في هذه الصور كلها إنما هو الظن الضعيف، ولا يكاد يوجد ما يبقى فيه العلم إلا القليل من الصور من ذلك النسب...فإنه لا يقبل النقل فيبقى العلم على حاله، ومن ذلك الشهادة بالإقرار فإنه إخبار عن وقوع النطق في الزمن الماضي، وذلك لا يرتفع، ومن ذلك الوقف إذا حكم به حاكم أما إذا لم يحكم به حاكم فإن الشهادة إنما يحصل فيها الظن فقط إذا شهد بأن هذه الدار وقف لاحتمال أن يكون حاكم...حكم بنقضه فتأمل هذه المواطن فأكثرها إنما فيها الظن فقط، وإنما العلم في أصل المدرك لا في دوامه...".[15]

وفي رد قول القرافي قال المحقق أبو القاسم ابن الشاط: "ما قاله (القرافي) من أن الشاهد في أكثر الشهادات لا يشهد إلا بالظن الضعيف غير صحيح، وإنما يشهد بأن زيدا ورث الموضع الفلاني مثلا أو اشتراه جازما بذلك لا ظانا، واحتمال كونه باع ذلك الموضع لا تتعرض له شهادة الشاهد بالجزم لا في نفيه، ولا في إثباته، ولكن تتعرض له بنفي العلم ببيعه أو خروجه عن ملكه على الجملة فما توهم أنه مضمن الشهادة ليس كما توهم، والله تعالى أعلم".[16]

وأضاف  بن معجوز في التعقيب على القرافي أن كلامه فيه نظر "لأنه يوهم أنه يجوز للشاهد أن يشهد بما تحمله من غير أن يتحرى الحقيقة، ويتعرف على واقع الحال، ولا أن يبحث عما إذا كان ما تحمل به قد تغير أو بقي على ما كان عليه عند تحمله لشهادته. وهذا ليس صحيحا، لأن الفقهاء يشترطون في الشاهد أن لا يشهد إلا بما حصل له به العلم اليقيني أو الظن الغالب عند الضرورة، واستمر على يقينه أو ظنه ذلك إلى أن أدى شهادته. ولذلك اشترطوا أن يذكر في شهادته أنه لا يعلم أنه وقع ما يبطل شهادته".[17]

واستدل بما ذكره التسولي من أن "شهادة الشاهد بحق غير عاملة حتى يذكر في شهادته انتفاء علمه بالمبطل لها".[18] 

 ج- السماع.

 تبنى على مستند السماع – وهو مستند غير مباشر-شهادة تعرف بشهادة السماع. وهي -حسب ابن عرفة-: "لقب لما يصرح فيه الشاهد باستناد شهادته لسماع من غير معين"؛ فتخرج شهادة النقل لأن المنقول عنه فيها معين، وتخرج شهادة البت لأن الشاهد لا يصرح فيها بالسماع، أي لا يشهد به، وإنما يشهد بأمر آخر وهو المطلوب إثباته كالنسب والضرر ونحو ذلك.[19]  ولهذه الشهادة  ثلاث مراتب:

"المرتبة الأولى: تفيد العلم وهي المعبر عنها بالتواتر، كالسماع بأن مكة موجودة ومصر ونحو ذلك، فهذه إذا حصلت كانت بمنزلة الشهادة بالرؤية وغيرها مما يفيد العلم.

المرتبة الثانية: شهادة الاستفاضة: وهي تفيد ظنا قويا، يقرب من القطع ويرتفع عن شهادة السماع، مثل أن يشهد أن...عبد الرحمن بن القاسم من أوثق من أخذ عن الإمام مالك...

المرتبة الثالثة: شهادة السماع: وهي التي يقصد الفقهاء الكلام عليها[20]...".[21]

وهذه المرتبة الأخيرة  تفيد ظنا ليس في قوة الظن الذي تفيده شهادة الاستفاضة، وقد أجيزت للضرورة. وشهادة السماع "إنما جازت للضرورة لأنها على خلاف الأصل؛ إذ الأصل أن الإنسان لا يشهد إلا بما علم مما تدركه حواسه".[22]

وصفتها: "أن يشهد شاهدان أو أربعة على الاختلاف في ذلك،[23] أنهم لم يزالوا يسمعون أن هذه الدار (مثلا) صدقة على بني فلان...قد تواطئوا على ذلك عندهم، وكثر سماعهم له وفشا حتى لا يدرون ولا يحفظون ممن سمعوه، من كثرة ما سمعوا به من الناس من أهل العدل وغيرهم، ولا يكون السماع بأن يقولوا سمعنا من أقوام بأعيانهم يسمونهم أو يعرفونهم، إذ ليست حينئذ شهادة سماع، بل هي شهادة على شهادة،[24]  فتخرج عن حد شهادة السماع".[25] 

وحتى تكون شهادة السماع على تلك الصفة اشترط لها العلماء شروطا سبعة: الأول: أنه لا يستخرج بها من يد حائز، وإنما يشهد بها لمن كان الشيء بيده فتصحح حيازته.[26]  والثاني تطاول الزمان وطول العهد مع اختلاف في المدة.[27] والثالث: السلامة من الريب، فإن شهد اثنان بالسماع، وفي القبيلة مائة من أسنانهما لا يعرفون شيئا من ذلك، لم تقبل شهادتهما إلا أن يكون علم ذلك فاشيا فيهم.[28] والرابع: أن يحلف المشهود له، لاحتمال أن يكون أصل السماع من شاهد واحد، والشاهد الواحد لا بد معه من اليمين. والخامس: أن لا يسموا المسموع منهم، وإلا كان نقل شـــــهادة فلا تقبل إذا كان المنقول عنهم غير عدول.[29]

والسادس: أن يشهد بذلك اثنان فصاعدا، ويكتفى بهما على المشهور؛[30] والسابع: أن يكون السماع فاشيا من الثقات، على اختلاف في مسألة حصوله من الثقات.[31]

وأما محل شهادة السماع، فقد اختلف الفقهاء المالكية في المواطن التي يشهد فيها بالسماع، فذكر منها ابن رشد (الجد) واحدا وعشرين موطنا، وزاد عليها ابنه ستة فكملت سبعة وعشرين موطنا في أبيات قاما بنظمها،[32] وأوصلها القرافي إلى سبعة وثلاثين موطنا.[33]

ومن هذه المواطن التعديل والإسلام والرشد، وخطوط الشهود الأموات، مثل أن يقول سمعت من أهل العدل: أن هذه الشهادة شهادة فلان بخط يده.[34]

 ومن مواطن شهادة السماع المتعلقة بالتصرفات العقارية وما قاربها نذكر رسوم الإراثة[35] والإيصاء بالنظر،[36] والحيازة أو ثبوت الملك القديم،[37] والحبس القديم.[38]

ومن الناحية العملية لم يعد الاعتماد على شهادة السماع غالبا في إثبات هذه الحقوق العقارية أو غيرها؛ ولعل ذلك لا يعود فقط إلى وجود وسائل إثبات أخرى أكثر قوة، وإنما يرجع أيضا إلى الجهل بكنه هذه الشهادات وطبيعتها من قبل العدول والمتعاقدين والإدارات؛ لكن قد تدعو الضرورة أحيانا إلى الاعتماد على هذه الشهادة كما في الصور التي مرت معنا؛ غير أننا نضبط المسألة بأن يكون لدى من يرغب في تثبيت حقه بواسطة شهادة السماع وثائق أخرى كافية لاعتبارها بداية حجة، فتكون شهادة السماع حينئذ بمثابة شهادة شهود تعزز بداية الحجة هذه. ومن أمثلة ذلك أن يثبت الحائز القديم أنه هو أو أبوه أو جده قد اشترى العقار من مورث القائم عليه المستحق أو أنجز له رسم حيازة، غير أنه لم يعد يتوفر إلا على صورة شمسية غير مصادق عليها لهذا الشراء أو الحيازة، أو على مجرد التوصيل العدلي، والحال أنه لم يتمكن من إنجاز رسم التعريف بشكلي العدلين لضياع سجل التضمين وكناش الجيب معا. ونحن نرى ذلك من باب الحفاظ على الحقوق من الضياع.

 د- النقل.

 عرف ابن عرفة النقل فقال: "النقل عرفا إخبار الشاهد عن سماعه شهادة غيره أو  سماعه إياه لقاض".[39]

فمعنى هذا التعريف أن الشاهد يخبر القاضي بشهادة سمعها عن غيره بتكليف من هذا الغير له؛ أو أنه سمع ذلك الغير يؤدي الشهادة أمام القاضي ولم يحكم بها ذلك القاضي في ذلك الوقت، ثم غاب أو مات الشاهد الأصلي فقام الشاهد الفرعي يؤدي هذه الشهادة ويدخل في التعريف تسلسل شهادة النقل.

وتسمى الشهادة على الشهادة في القانون الحديث بالشهادة غير المباشرة، وبالشهادة السماعية، لكن تسميتها بالشهادة السماعية فيه التباس بالشهادة السماعية في اصطلاح الفقهاء المالكية والتي يسميها الفقهاء الحنفية والقانونيون "الشهادة بالتسامع".[40]

وعليه فمعنى الشهادة على الشهادة _أو شهادة النقل حسب المصطلح المتداول في كتب الفقه المالكي_: "هو أن يشهد شاهد أن غيره يشهد بالحق الفلاني مع كونه لم يره هو ولم يبصره، فيقال حينئذ أنه شهد على شهادة غيره، ويسمى شاهد الفرع، وأما ذلك الغير - المشهود على شهادته - فيسمى شاهد الأصل".[41]

ولا يوجد في أصول الشرع ما يدل على حجية الشهادة على الشهادة، بل إن الشهادة المباشرة نفسها وقع التشديد والاحتياط في قبولها، ولم يبح للشاهد أن يشهد إلا إذا علم وتأكد من المشهود به ثم إن "القياس يمنع قبول شهادة النقل، وذلك لأن الشهادة المباشرة نفسها إنما أعطيت لها الحجية بطريق الشرع مع قيام شبهة الكذب فيها لعدم عصمة الشهود للضرورة وشدة الاحتياج إلى إثبات الحقوق، فلو لم نقبلها لضاعت حقوق كثيرة، وهذا في الشهود الذين يقولون: إنهم عاينوا الشيء وعلموه بأنفسهم لا بواسطة غيرهم، فكيف يكون الحال إذن إذا ضوعفت هذه الشبهة وزادت عند شهادة النقل لتعدد أوجه احتمال الكذب؟ لأنه يحتمل فيها أن الأصول كذبوا في شهادتهم، ويحتمل أن الفروع كذبوا في النقل عنهم، من أجل هذا كان من مقتضى القياس عدم قبول شهادة النقل بالمرة، وعدم إدراجها ضمن وسائل الإثبات؛ إلا أن الاستحسان أباح قبولها لشدة الاحتياج إليها، لأن الشاهد الأصلي قد يعجز عن أداء شهادته لبعض العوارض التي تصيبه من مرض أو سفر أو غير ذلك، فلولم نبح له أن يشهد غيره على شهادته ليؤديها ذلك الغير بدله أمام القضاء عند الاحتياج لترتب على ذلك ضياع حقوق أناس كثيرين، وفى هذا من الضرر ما لا يخفى، فوجب القبول لذلك، ولكون هذه العلة ليست خاصة بشهود الأصل، بل تكون أيضا في شهود الفرع، بأن يمرض هذا الفرع، ويعجز عن القدوم إلى المحكمة، ونحتاج إلى إثبات الحق الأصلي فيجوز للشاهد الفرعي أن يشهد غيره على شهادته هذه، ولهذا أجاز الفقهاء الشهادة على الشهادة، والشهادة على الشهادة على الشهادة وإن بعدت، لأن الضرورة قد تلجئ لمثل ذلك".[42]

وقد أجمح الفقهاء كلهم على جواز شهادة النقل في الأموال.[43] والأموال هي ما يدعى في القانون الوضعي بالأحوال العينية؛ وهي تشمل الالتزامات المدنية والحقوق العينية. ومن هذه الحقوق العينية نجد التصرفات العقارية؛ فيجوز فيها بحسب الأصل شهادة النقل.

و يشترط في شهادة النقل شروط؛[44]

  منها تعذر حضور الشاهد الأصلي أمام القضاء؛ بحيث يموت الشاهد الأصلي، أو يكون مريضا مرضا يعسر معه عليه الحضور للأداء، أو يكون الشاهد الأصلي في مكان لا يلزمه فيه الحضور إلى مكان الأداء.[45]

ومنها أن يستمر الشاهد المنقول عنه على العدالة إلى أن يؤدي الشاهد الناقل شهادته، فإذا طرأ على الشاهد الأصلي ما يوجب رد شهادته قبل أن يؤدي الشاهد الناقل أو الفرعي شهادته لم تقبل هذه الشهادة، لأن شهادة النقل تعتبر امتدادا للشهادة الأصلية، التي لا تقبل إذا طرأ على صاحبها قبل الأداء ما يجعل شهادته غير متوفرة على شروط القبول. ولأجل معرفة حال الشاهد الأصلي لا بد أن يعين الشاهد الناقل الشخص الذي ينقل عنه شهادته باسمه.[46]

ومنها ألا يظهر من الشاهد الأصلي ما يدل على كذب الشاهد الناقل، كأن يكذبه الشاهد الأصلي.

ومنها أن يكون الناقل ذكرا، فلا يجوز نقل الأنثى ولو عن أنثى، لكن المالكية يقبلون نقل النساء فيما تقبل فيه شهادتهن الأصلية.

ومن الشروط أن ينقل عن كل شاهد أصلي شاهدان اثنان من الذكور أو ما يقوم مقامهما من النساء فيما تقبل فيه شهادتهن.

ومن الشروط أيضا أن يستحفظ الشاهد الأصلي الشاهد الفرعي على تحمل الشهادة وأدائها بأن يقول له اشهد على شهادتي بكذا، لأن الفرع ينوب عن الأصل في القيام بالأداء عند الضرورة، ولا شهادة بغير أداء، لكن هذا الشرط وإن ذكر عند الجمهور، فالمالكية لم يسلموا به لأنهم يرون بحسب ما رجح عندهم من قول ابن القاسم عن مالك أن الفرع إن شاهد الأصل يؤدي الشهادة عند الحاكم فله أن ينقلها عنه.[47] 

ويبدو من خلال السياق العملي الحالي لخطة العدالة أن شهادة النقل تعد شهادة منعدمة، إلا أن نقرر بأنها جائزة -من حيث المبدأ- في الشهادات الاسترعائية العلمية على الخصوص، حيث توجد إمكانية أن يشهد بالنقل عدلان منتصبان عن عدلين منتصبين آخرين لمانع يصيبهما، إذا ما أذن الأصليان للفرعيين بذلك صراحة؛ لكن هذه الحالة الخاصة –على فرض إمكانها في عصرنا- تحتاج إلى نص تشريعي صريح.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]- العلمي الحراق، التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطـبيقاته فـي مدونـة الأسرة، مكتبة دار السلام، الرباط، طبعة 2009،ج 1، ص 459.

[2]- عبد السلام العسري، شهادة الشهود في القضاء الإسلامي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه من دار الحديث الحسنية بالرباط، دار القلم، الرباط، الطبعة الأولى 2007، ج 1، ص 326.

[3]- لقوله تعالى: "إن الظن لا يغني من الحق شيئا" (سورة يونس آية 36)؛ وقوله عز وجل: "ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" (سورة الإسراء آية 36)؛ وقوله سبحانه: "ستكتب شهادتهم ويسألون"  ( سورة الزخرف آية 19).

 [4]- إبراهيم ابن فرحون، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1995، ج 1، ص 174.

[5]- أحمد بن إدريس القرافي، كتاب الفروق المسمى: أنوار البروق في أنواء الفروق، دراسة وتحقيق مركز الدراسات الفقهية والاقتصادية، دار السلام، القاهرة، الطبعة الأولى 2001، ج 4، ص 1186.

[6]- روي هذا الأثر في كتاب تاريخ المدينة لابن شبة النميري في باب إقامة عمر الحدود على القريب والبعيد، تحت رقم 1336.كما أسندت القولة –في واقعة أخرى- إلى عثمان رضي الله عنه بلفظ "إنه لم يتقيأها حتى شربها" حسبما رواه مسلم في صحيحه، حديث رقم 1706-1707.

 [7] - القول للقرافي فيما نقله عن صاحب المقدمات الممهدات وهو ابن رشد (الجد). انظر:

- القرافي، الفروق، م.س، ج 4، ص 1186، في الفرق السادس والعشرون والمائتان بين قاعدة ما يصلح أن يكون مستندا في التحمل وبين قاعدة ما لا يصلح أن يكون مستندا.

وقد استدل الجمهور بحديث خزيمة –رضي الله عنه- الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين، على كون الإشهاد على الحقوق مستحب غير واجب، ووجه الاستدلال في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى من أعرابي فرسا دون إشهاد، ولو أشهد لما تجرأ الأعرابي على إنكار البيع للنبي عليه الصلاة والسلام؛ إما لأنه نسي أو لأنه جحد.

قال ابن كثير – رحمه الله-: "فأما الإشهاد على البيع، فقد قال تعالى: ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثني ابن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير في قول الله: (وأشهدوا إذا تبايعتم ) يعني: أشهدوا على حقكم إذا كان فيه أجل أو لم يكن، فأشهدوا على حقكم على كل حال... وهذا الأمر محمول عند الجمهور على الإرشاد والندب، لا على الوجوب. والدليل على ذلك حديث خزيمة بن ثابت الأنصاري، وقد رواه الإمام أحمد: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري، حدثني عمارة بن خزيمة الأنصاري، أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي، فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس، ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه، حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه النبي صلى الله عليه وسلم، فنادى الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه، وإلا بعته، فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي، قال: "أوليس قد ابتعته منك؟" قال الأعرابي: لا والله ما بعتك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل قد ابتعته منك". فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى الله عليه وسلم والأعرابي وهما يتراجعان، فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدا يشهد أني بايعتك. فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي: ويلك! إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقول إلا حقا. حتى جاء خزيمة، فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم ومراجعة الأعرابي يقول هلم شهيدا يشهد أني بايعتك. قال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته. فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال: "بم تشهد؟" فقال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين. وهكذا رواه أبو داود من حديث شعيب، والنسائي من رواية محمد بن الوليد الزبيري كلاهما عن الزهري، به نحوه".

- إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشـقي، تفـسير ابن كــثير، دار طيـبة، 1422هـ - 2002م،ج 1، ص 725-726.

[8]- ابن فرحون، التبصرة، م.س، ج 1، ص 175.

[9]- أبو الشتاء الغازي الحسيني الصنهاجي، التدريب على تحرير الوثائق العدلية، مطبعة ومكتبة الأمنية، الرباط، الطبعة الثانية 1995،ج 1 ص 146.

[10]- محمد ابن معجوز، وسائل الإثبات في الفقه الإسلامي، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة من دار الحديث الحسنية بالرباط، مطبعة النجاح الجديدة، 1995، ص 68.

 [11]- الصنهاجي، التدريب، م س، ج 1 ص 146.

  [12]- الصنهاجي، التدريب، م س، ج 1 ص 125.

[13]- سورة يوسف، من الآية 81.

[14]- الصنهاجي، التدريب، م س، ص 146.

[15]- القرافي، الفروق، م س، ج 4، ص 1187-1188.

[16]- قاسم بن عبد الله المعروف بابن الشاط، حاشيته المسماة" "إدرار الشروق على أنوار الفروق"، مضمنة في  كتاب القرافي: "أنوار البروق في أنواء الفروق" (المسمى اختصارا بالفروق)، طبعة عالم الكتب، ت.ط.غ.م، ج 4، ص 56.

 [17]- ابن معجوز، وسائل الإثبات، م س، ص 69.

 [18]-  علي بن عبد السلام التسولي، البهجة في شرح التحفة، حققه وضبطه وصححه: محمد عبد القادر شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت،الطبعة الأولى 1418 هـ - 1998م، ج 1، ص 90.

[19]- العسري، شهادة الشهود، م س، ج 2، ص 573.

[20]- أي أن هذه المرتبة هي المقصودة بشهادة السماع إذا أطلقت مجردة.

[21]- ابن فرحون،التبصرة، م س، ج 1، ص 295.

 [22]- أحمد بن محمد الخلوتي المالكي المصري، الشهير بالصاوي، "بلغة السالك لأقرب المسالك" المعروف بحاشية الصاوي على الشرح الصغير للشيخ أحمد الدردير، ضبطه وصححه: محمد عبد السلام شاهين، طبع دار الكتب العلمية، بيروت الطبعة الأولى 1415هـ، الجزء الرابع، ص 278.

 [23]- وحاليا فهي تجري في الغالب بواسطة اللفيف المستفسر الذي يقوم مقام أربعة عدول؛ وما زال متصورا أن تجري بواسطة أربعة عدول منتصبين في المواطن التي تقام فيها، غير أن ذلك نادر أو منعدم في وقتنا.

[24]- الشهادة على الشهادة هي شهادة النقل، وسيأتي معنا قريبا.

[25]- ابن فرحون،التبصرة، م س، ج 1، ص 295- 296.

[26]- جاء في التبصرة: "قال ابن المواز: مثل أن يكون رجل حائز دارا، فيثبت رجل أنها لأبيه أو لجده، وهذا الرجل المدعي كان غائبا، فيقيم الحائز بينة بالسماع في تطاول الزمان أنه اشتراها من أبي هذا القائم أو من جده أو ممن صارت إليه منه، فيحكم له ببقائها في يده بهذه الشهادة... واشترط في المدونة في قبول شهادة السماع لتقرير الدار في يد الحائز أن تقول الشهود سمعنا أنه اشتراها هو أو أبوه أو جده من هذا القائم فيها، أو من أبيه أو من جده، ولو قالوا: سمعنا أنه اشتراها ولا ندري ممن لم تنفع الشهادة لجواز أن يكون اشتراها من غاصب... وكذلك السماع في الأحباس، إذا شهدت بينة بالسماع أنه حبس على الحائزين له وهو تحت أيديهم، أو يكون لا يد لأحد عليه، فتشهد بينة بالسماع أنه حبس على بني فلان، أو لله تعالى ما بقيت الدنيا، فهذا الذي تصح فيه شهادة السماع إذا تطاول الزمان".

- ابن فرحون، التبصرة، م س،ج 1، ص 296.

[27]- جاء في التبصرة: "قال مالك لا تجوز شهادة السماع في ملك الدار خمس سنين. قال ابن القاسم: وإنما تجوز فيما أتت عليه أربعون أو خمسون سنة... قال ابن الهندي وروي أنها تجوز في العشرين؛ لأن الشهود تبيد في ذلك لقصر الأعمار. وقيل إن كان وباء فهي طول وإلا فلا، يعني الخمسة عشر؛ لأن في الوباء تموت الشهود فتفيد حينئذ شهادة السماع".

- ابن فرحون، التبصرة، م.س، ج 1، ص 296.

 [28]-  ورد في التبصرة ما يلي: "قال ابن القاسم: فإن شهد بذلك شيخان كبيران قد باد جيلهما قبلت شهادتهما، وإن لم يشهد بذلك غيرهما، قال ابن الهندي: إذا كانا عدلين... ومثل ذلك لو كانا طارئين فشهدا باستفاضة موت أو نحوه ببلدهما، وليس معهما من ذلك الموضع غيرهما فشهادتهما جائزة".

- ابن فرحون، التبصرة، م س، ج 1، ص 296.

 [29]- جاء في التبصرة: "وقال بعض الشيوخ شهادة السماع إذا كان ينتزع بها فلا تجوز إلا على السماع من العدول، وإن كانت ليقر بها في يد الحائز فهذه مختلف في اشتراط العدالة فيها... قال ابن الهندي:... وزعم بعضهم أنهم إذا قالوا في شهادتهم من أهل العدل أنها ليست شهادة على السماع، وإنما هي شهادة على شهادة، فلا بد لهم من تسمية العدول الذين شهدوا على شهادتهم، ويرى القائل بذلك أن شهادة السماع تنعقد بقولهم: لم يزالوا يسمعون سماعا فاشيا، وسقط من الشهادة من أهل العدل... الدليل على أن ذلك ليس كما قال: أن الشهادة بالسماع الفاشي إذا سقط منها أهل العدل، فلا تعمل الشهادة ولا تفيد؛ لأنه قد يسمع ذلك من اللفيف وغير العدول، ولا تقبل الشهادة ولا تعمل شيئا، فالشهادة في السماع لا تكمل إلا بأن يضمن فيها أهل العدل وغيرهم، ولا تكون الشهادة بذلك شهادة على قوم مسمين بأعيانهم، كما ظهر للقائل بذلك؛ لأنه قد ينسى السامعون العدول الذين سمعوا ذلك منهم، وهم قد أيقنوا أنهم سمعوا ذلك سماعا فاشيا متصلا من أهل العدل وغيرهم، وعلى تجويز ذلك وعقده في المكاتب مضى الناس وأثبتت السجلات والأحكام ولم يأت آخر هذه الأمة بأفضل مما جاء به أولها".

- ابن فرحون، التبصرة، م.س، ج 1، ص 296-297.

[30]- وقد سبق القول بأن شهادة السماع تجري حاليا باللفيف المستفسر. لكن قد يتم الإعراض  في بعض المناطق وبحسب الحالات عن إجرائها بواسطة اللفيف المستفسر الذي يقوم مقام العدول الأربعة، والاكتفاء باللفيف العادي الذي يقوم مقام العدلين، ولعل ذلك سببه الركون إلى القول المشهور الذي يقضي بأن العدلين يكفيان في شهادة السماع.

[31]- جاء في التبصرة:" قال ابن عبد السلام: أما كونه فاشيا فمتفق عليه، وأما كونه من الثقات فمنهم من شرطه ومنهم من لم يشترطه؛ لأن المقصود أن يحصل للشاهد علم أو ظن يقاربه، وربما كان خبر العدل في بعض الأوقات مفيدا، لما يفيده خبر العدل لقرائن تحتف به، ومنهم من رأى أنه لا بد من السماع من غير العدل ومن العدل، وأن كون السماع مقصورا على أهل العدل يخرجه إلى نقل الشهادة عن المعينين، وذلك باب آخر".

- ابن فرحون، التبصرة، م س، ج 1، ص297.

 [32]- التبصرة، م س، ج 1، ص297-298.

[33]- الفروق، م س، ج 4، ص 1186 وما يليها.

قال القرافي بعدما ذكر تلك المواطن:" فهذه سبعة وثلاثون موطنا، رأى الأصحاب أنها مواطن ضرورة تجوز فيها شهادة السماع، ويجوز تحمل الشهادة فيها بالظن الغالب".

- م.س. بنفس الموضع.

[34]- الشهادة على السماع جائزة في التعريف بخطوط وأشكال العدول، فيجوز لعدلين منتصبين حاليا أن يشهدا بالسماع على خطي وشكلي عدلين ميتين طالما أنهما يعرفان خطيهما وشكليهما وإن لم يريانهما، وهذه مسألة إن لم نذكرها في محلها من هذه الأطروحة، فإننا نثبتها هنا لما رأينا أنه الأنسب.

[35]- في قضية عرضت على محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) تم نقض ما قامت به محكمة الاستئناف من استبعاد الإراثة التي أسست عليها الدعوى وعللت ما انتهت إليه بكون الإراثة المدلى بها من الطاعنين ساقطة عن درجة الاعتبار لاعتمادها على السماع، ومما جاء فيه: "حقا، حيث ثبت صحة ما عابه الطاعنون على القرار ذلك أن شهادة السماع يعمل بها في الميراث. والمحكمة لما استبعدت الإراثة المدلى بها من طرف الطاعنين للعلة المشار إليها بالوسيلة ورتبت على ذلك عدم ثبوت صفتهم تكون قد خالفت القواعد الفقهية المشار إليها أعلاه وعرضت قرارها للنقض".

- القرار عدد  3058المؤرخ في 21 ماي 1997، الصادر في الملف المدني عدد 94/1319، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد المزدوج 53-54، السنة 1999، الإصدار الرقمي دجنبر 2000، ص 60-63.

 [36]- جاء في التبصرة:"إذا شهدوا أنهم لم يزالوا يسمعون أن فلانا كان في ولاية فلان، وأنه كان يتولى النظر له والإنفاق عليه بإيصاء أبيه به إليه، أو بتقديم قاض عليه، وإن لم يشهدهم أبوه بالإيصاء ولا القاضي بالتقديم، ولكنه علم ذلك بالاستفاضة من أهل العدل وغيرهم، فإن ذلك جائز، وتصح الوصية إذا شهد بذلك شاهدان... وسئل ابن زرب عن وصي قامت له بينة بعد ثلاثين سنة، بالسماع على تنفيذ وصية أسندت إليه، فقال شهادتهم جائزة ".

- ابن فرحون، التبصرة، م.س، ج 1، ص 298.

[37]- فإذا استمرت حيازة شخص لعقار مدة طويلة كعشرين سنة – على اختلاف-، ثم قام عليه بعد ذلك شخص كان غائبا أو كان صبيا بلغ بعد مرور المدة، وأثبت هذا الغائب أو الصبي نسبة الملك له لأنه انجر إليه من والده أو جده وأدلى برسوم الإراثة أو المناسخة، فقال الذي بيده الملك أنه اشتراه من قوم انقرضوا وانقرضت معهم البينة المباشرة، وأتى ببينة سماعية تشهد له بهذا الشراء من أبي القائم مدعي الاستحقاق أو جده، فإن هذه الشهادة تنفعه ويبقى الملك بيده. وسبب اشتراط طول المدة أن ذلك مظنة انقراض البينات المباشرة القطعية فلهذا اكتفي من الحائز بشهادة السماع.

- انظر: العسري،شهادة الشهود، م س، ج 1، ص591.

- عثمان بن المكي التوزري، توضيح الأحكام على تحفة الحكام، المطبعة التونسية، الطبعة الأولى 1339 هـ-1921م، ج 1، ص 118.

وقال الصاوي: "والموضوع أن صاحب بينة السماع حائز للشيء المتنازع فيه، وإلا قدمت بينة البت. والكلام في حيازة لا يثبت بها الملك، إما لقصرها، وإما لكون المدعي القائم على الحائز كان غائبا أو حاضرا قام به مانع. وأما الحاضر الذي لا مانع له إذا سكت العشر سنين فلا تسمع له دعوى ولا بينة في العقار...

وهاهنا بحث قوي: وهو أنه إذا كانت دعوى القائم على الحائز مجردة فالحوز كاف في دفعها من غير احتياج إلى بينة بسماع، وكذا إذا كان مع دعوى القائم بينة سماع؛ لأنه لا ينزع بها من يد حائز، فإن كان معها بينة قطع فبينة".

- أحمد الخلوتي الصاوي، بلغة السالك، م.س. ج 4، ص 279.

 [38]- قال القرافي: "فلا بد أن يشهد الشهود أن ذلك كان يحاز بما تحاز به الأحباس، ويحترم بحرمتها، وأنها كانت ملكا لمن بتل فيها الحبس المذكور، ويجاوزونها بالوقوف عليها، وإن لم يشهدوا بأنها تحاز بما تحاز به الأحباس، وتحترم بحرمتها سقطت الشهادة. وقال بعض الأندلسيين: لو شهدوا على أصل المحبس بعينه لم يكن حبسا، حتى يشهدوا بالملك للمحبس يوم حبس".

(و) قال ابن الهندي: إذا ذكروا في وثيقة الشهادة على السماع في الحبس اسم المحبس، وكان قد توفي فلا بد من إثبات موته، وعدة ورثته على تناسخ الوراثات، ثم يعذر في ذلك إلى ورثته، فإن لم يكن لهم مدفع نفذ ذلك، وقد قيل: إنه إذا بعد عهد موت المحبس وتعذر إثباته وإثبات ورثته أن ذلك ساقط وأنه لا يلزم إثبات ذلك، والقائل بذلك يحدد بنحو الخمسين والستين سنة، وكذلك يسقط مع القدم إثبات الملك، وإن قال الشهود سمعنا أنها حبس، ولم نسمع عن المحبس من هو، لم يضر ذلك الشهادة وهي تامة.

فرع: وهل يلزم ذكر المدة التي سمعوا فيها ؟ ويذكرون ذلك في الوثيقة، قال المتيطي: أما إسقاط مدة السماع، فهو الذي جرى به العمل".

- الفروق، م س،  ج 4، ص1186 وما يليها.

[39]- محمد الرصاع الأنصاري، شرح حدود ابن عرفة، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، 1412هـ، 1992م، ص 648.

[40]- عبد السلام العسري، م س،ج 1، ص 561-562.

[41]- العسري، م س، ج 2، ص 561.

[42]- علي قراعة، الأصول القضائية في المرافعات الشرعية، مطبعة النهضة مصر، 1925، ص 199.

[43]- ابن معجوز، وسائل الإثبات، م س، ص 77.

[44]- انظر:

- ابن معجوز، وسائل الإثبات، م س، ص 77-80.

- العسري، شهادة الشهود، م س، ج 2، ص 564-569.

وذكر صاحب كتاب التدريب بأن شروط شهادة النقل خمسة وهي: "كون الناقل اثنين، والعدالة في الجميع، وبقاء الأصل على شهادته حتى يحكم بها القاضي، وقول الأصل انقلا عنا، وكون الأصل معذورا".

- الصنهاجي، التدريب، م س، ج 1، ص 90.

[45]- ويستثني المالكية من ذلك ما إذا كان الشاهد الأصلي امرأة، فإنهم يجوزون النقل عنها، ولو كانت غير بعيدة عن مكان الأداء.

- ابن معجوز، وسائل الإثبات، م. س، ص 78.

[46]- ابن معجوز، م س، ص 78.

[47]- محمد ابن المناصف، تنبيه الحكام على مآخذ الأحكام، معهد الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية، مطبعة تونس، 1988، ص 117.

عن الكاتب

محمد الكويط

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

آخر مشاركة

الصبغة الرسمية للوثائق العدلية (الجزء السابع) - بينة التوثيق والحقوق

تابع المدونة من هنا

جميع الحقوق محفوظة

بينة التوثيق والحقوق

2025