مقتضيات الرجوع عن الشهادة (الجزء الأول)
بحسب أصله في الشريعة الإسلامية، يعد الرجوع
عن الشهادة مانعا من موانع قبولها، وحائلا دون الحكم بمقتضاها. إلا أنه قد يرد على
هذا الأصل استثناء، مرده إلى أن الرجوع عن الشهادة قد تكون له دوافع مشروعة ترتبط
بإصلاح الأضرار المترتبة عن الشهادة المتراجع فيها.
وعليه تتطلب دراسة الرجوع عن الشهادة تأصيله
في الشريعة الإسلامية (مطلب أول)، والبحت
في آثاره لارتباطها بقواعد إصلاح الضرر المترتب عن الشهادة (مطلب
ثاني).
المطلب الأول: تأصيل الرجوع في الشهادة
للإحاطة بالأساس الشرعي للرجوع عن الشهادة
ندرس مشروعيته، وماهيته، والجهة التي يتم الرجوع لديها، ثم إنكار الشهادة الذي
يعده البعض صورة من صور الرجوع عن الشهادة.
أولا- مشروعية الرجوع عن الشهادة.
يجد الرجوع عن الشهادة
سنده في بعض الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تنهى عن
شهادة الزور، أو التي تدعو المسلم إلى تصحيح ما يترتب عن الخطأ والنسيان من أضرار
وذلك بالرجوع عنهما.
فمن الآيات الكريمة التي تنهى عن شهادة
الزور قوله تعالى: "فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور".[1] فهذه الآية الكريمة
تبين عظم حرمة قول الزور، ولذلك قرنت بينه وبين الرجس من عبادة الأوثان.
ومن الأحاديث النبوية الشريفة ما روي عن
الرسول صلى الله عليه أنه قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر" قالوا نعم
قال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين. وكان متكئا فاستوى جالسا، ثم قال ألا
وقول الزور فجعل يكررها حتى قلنا ليته يسكت".[2]
والشاهد في الحديث على قبح جريمة شهادة
الزور أنه قرنها بأخطر الكبائر، وأن ذكرها اقتضى من النبي صلى الله عليه وسلم أن
يغير هيئة جلسته، وأن يكررها مرارا.
وعليه فلا بد من اجتناب شهادة الزور ابتداء،
وأما من وقع فيها فلا ينفعه إلا التوبة الصحيحة بشروطها، ومن هذه الشروط الرجوع عن
هذه الشهادة لأن ذلك من رد المظالم. وفي ذلك يقول السرخسي: "فيحق على كل مسلم
الاجتناب عنها بجهده والتوبة عنها متى وقع فيها خطأ، أو عمدا، وذلك بأن يرجع عن
الشهادة....".[3]
ومن الأحاديث النبوية التي تؤصل بالإشارة
لمشروعية الرجوع عن الشهادة ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أن الله رفع
عن الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.[4]
وقد ورد في آثار الصحابة ما يدل بصراحة على
مشروعية الرجوع، فقد أرسل عمر بن الخطاب كتابا إلى أبي موسى الأشعري مما جاء فيه:
"ولا يمنعك قضاء قضيته، وراجعت فيه نفسك، وهديت فيه رشدك أن ترجع فيه
إلى الحق".[5]
ثانيا- ماهية الرجوع عن الشهادة.
عرف ابن عرفة الرجوع عن
الشهادة بأنه: "انتقال[6] الشاهد بعد أداء
شهادته بأمر إلى عدم الجزم به دون نقيضه".[7]
والملاحظ أن قول المعرف: "بعد أداء
شهادته" أخرج به انتقاله قبل الأداء فإنه لا يسمى رجوعا، وهو ظاهر كلام جمهور
الفقهاء.
وقول المعرف "إلى عدم الجزم به"
أي بالأمر، وإذا لم يجزم الشاهد بالأمر دخله الشك فيه أو الوهم، وعليه فيدخل في
الرجوع انتقال الشاهد إلى الشك أو الوهم.[8]
وقول المعرف: "دون نقيضه" يحتمل
عند الرصاع[9] أن يكون المعرف أخرج بهذا القيد
انتقال الشاهد إلى نقيض ما شهد به وجزمه به، وهذا رجوع يوجب تجريحه ورد شهادته
مطلقا.
وقد أيد بعض الباحثين[10] هذا الاحتمال بأن
الرجوع ليس معناه عدول الشاهد وانتقاله إلى عدم الجزم بما شهد به أولا؛ كما أنه
ليس معناه الجزم بنقيض ما شهد به؛ لأن انتقال الشاهد إلى نقيض ما شهد أولا، وجزمه
به يوجب تجريحه وتكذيبه، وإنما يعني أن الشاهد وإن رجع عن شهادته فهو ما زال شاكا
ومرتابا في حقيقتها؛ ولا يستطيع الجزم بكون الحق مع المشهود له أو المشهود عليه،
أي أن الصدق ما زال محتملا في شهادته الأولى كما أن عدم الصدق محتمل فيما رجع
إليه.
لكن هذا الاحتمال لا يناسب التعريف، لأن
الرجوع أعم، سواء كان نتيجة الوهم أو الشك أو الكذب.[11]
وعليه فيمكن اللجوء إلى ما ذكره الحنفية من
أن معنى الرجوع عن الشهادة أن ينفي الشاهد ما أثبته بشهادته أولا كأن يقول: كنت
مبطلا فيما شهدت به، أو شهدت بزور، أو كذبت فيما شهدت به، أو يقول رجعت عن شهادتي
ونحو ذلك.[12]
فهذا التعريف يعتبر أكثر مناسبة لأسباب
الرجوع التي رأيناها في مشروعيته، التي منها الزور والكذب.
وحتى المالكية فقد ورد عنهم في تأصيلهم
لأحكام الرجوع أنه يشمل الصور التي ذكرها الحنفية؛ إذ من شرط الرجوع أن يتم
التعبير عنه بلفظ صريح أو ما يقوم مقامه كتصريح الشاهد بأنه شهد بزور أو كذب في
شهادته.
ومن ذلك ما ورد عن التسولي في ذكره لصورة من
صور الرجوع اختلف حولها المالكية حيث قال: "واختلف إذا أدى شهادته ثم رجع إلى
القاضي وقال له: نالني من أجل شهادتي أذى، وبالله الذي لا إله إلا هو ما شهدت إلا
بحق لكني قد رجعت عنها فلا تقض بها. فقيل: ليس قوله ذلك برجوع لأن الرجوع أن يكذب
نفسه أو يقول: دخلني شك. وقال ابن زرب: إنه رجوع ".[13]
ثالثا- الجهة التي يتم لديها الرجوع عن الشهادة.
عرفت المسألة المتعلقة
بالجهة التي يمكن أن يتم الرجوع لديها اختلافا بين الفقهاء، فذهبت مجموعة من
الفقهاء المالكية[14] إلى أن رجوع الشاهد
عن شهادته لا يعتبر إلا إذا حصل أمام القاضي الذي كان عنده الأداء أول مرة، أما
إذا كان الرجوع عند غيره من القضاة أو كان أمام الشهود فقط، فإن هذا الرجوع لا
يعتبر، بل تبقى الشهادة قائمة غير مرجوع عنها.
أما الحنفية فاستوجبوا في الرجوع أن يكون في
مجلس قاض، سواء كان هو القاضي الذي تم عنده الأداء أول مرة، أو غيره من القضاة.
وعللوا ذلك بأن "الرجوع عن الشهادة فسخ للشهادة فيختص بما تختص به الشهادة من
المجلس وهو مجلس القاضي أي قاض كان.[15] وإذا لم يصح الرجوع
في غير مجلس القاضي فلو ادعى المشهود عليه رجوع الشاهدين وأراد يمينهما لا يحلفان،
وكذا لا تقبل بينته عليهما لأنه ادعى رجوعا باطلا..."[16]
بينما ذهبت مجموعة ثانية من الفقهاء
المالكية[17] إلى أن رجوع الشاهد
الذي يقبل عند القاضي الذي تم عنده الأداء أولا، وعند أي قاض آخر، وعند الشهود
العدول.[18]
وهذا القول هو الذي جرى به العمل؛ ومهما يكن
فإن بعض الفقه[19] يرى -عن حق- أن "فائدة الخلاف
حول الجهة التي يتراجع لديها، لم تعد ذات جدوى في الوقت الراهن، لأنه من جهة أولى،
قد يكون قصد الفقهاء من إثارتهم لهذه المسألة، كونها تتعلق بالشاهد الذي يؤدي
شهادته الشفوية لدى القاضي مباشرة؛ أي الرجوع عن الشهادة التي أداها بلسانه، وليس
الشهادة التي تؤدى بالكتابة من طرف الشاهد المسمى رسميا "عدلا"...
ومن جهة ثانية فإنه من الندرة بمكان أن
نتصور رجوعا يصدر من العدل المنتصب، إلا ما كان في شكل اعتذار موقع عليه، لأن
الرجوع عن الشهادة قد يعتبر جرحة تسقط العدالة فقها، وذلك لا يكون إلا في الدائرة
المنتصب فيها، ولدى القاضي أو القضاة العاملين تحت دائرة نفوذهم الترابية، طبقا
للأحكام القانونية الواردة في هذا الشأن.
ومن جهة ثالثة فإن شهود اللفيف ونظرا إلى أن
العدول هم من يتلقى منهم الشهادة، فإن رجوعهم يكون عند العدول أنفسهم؛ وهذا محل
اتفاق، وسواء لدى نفس العدلين اللذين أديت لديهما الشهادة المتراجع عنها، أو لدى
غيرهما من العدول،[20] اللهم إلا أن يكون
القصد من هذا الخلاف التفريق بين الشهادة التي تؤدى لدى قاضي الحكم مباشرة، وشهادة
اللفيف التي تؤدى لدى العدول نيابة عن القاضي".
رابعا- إنكار الشهادة.
رأينا أن الفقهاء ذكروا
صور الرجوع عن الشهادة، واختلفوا حول بعضها، ومن هذه الصور المختلف فيها ما يسمى
بإنكار الشهادة.
فبحسب ما ذهب إليه المتقدمون من الفقهاء، لا
يعد إنكار الشهادة من صور الرجوع عن الشهادة، فلا يترتب عليه أحكام الرجوع عن
الشهادة – التي سنبين بعضها-. وقد ورد عن الحنفية أن ذلك محل اتفاق بين
جميع الفقهاء.[21]
وإنكار الشهادة أن يقول الشاهد بأنه لم يشهد
أصلا،[22] وله –عند الحنفية-
صورتان؛ إحداها أن يعلم الشاهد المشهود له بشهادته، ثم ينكرها أمام القاضي.
وإنكاره بهذه الصورة لا يعتبر رجوعا، لأن شهادته لم تثبت أصلا، فالرجوع لا يكون
إلا بعد الإثبات والوجود،[23] والمنكر ينفي
الوجود المتقدم.[24]
والثانية: أن ينكر شهادته بعد ثبوتها عند
القاضي، وهي لا تعتبر رجوعا كذلك، لأن الشاهد ينفي شهادة متقدمة له على هذا الحكم،
وهذا غير متصور، لأن الحاكم قد أثبت الشهادة وصحت عنده فلا يصدق الشاهد في إنكاره
لها، بل يطالب ببيان سبب إنكاره لهذه الشهادة.[25]
غير أن المالكية المتأخرين ألحقوا إنكار
الشهادة بالرجوع عن الشهادة وجعلوه من صوره، ولعل الأصل في ما ذهبوا إليه يرجع إلى
ما ذكره القرافي بخصوص الشهادة على الشهادة أو ما يسمى بشهادة النقل، إذ قال:
"إذا حكم القاضي بشهادة بينة شهدت على شهادة غيرها، فأنكر المنقول عنهم أن
يكونوا أشهدوهم اختلف هل يكون رجوعا منهم...؛[26] فقال محمد[27] يحد إن كانت الشبهة
في زنا حد القذف[28] لأن الفروع شهدوا عليهم بالقذف؛ فجعل
الإنكار رجوعا، وعن مالك ينقض[29] ورأى الأصل أحق
بشهادته من الفرع،[30]وعن ابن القاسم يمضي
الحكم ولا غرم على الأصل ولا على الفرع".[31]
ومما صرح به المالكية المتأخرون من أن إنكار
الشهادة يعد رجوعا عنها ما تم النص عليه في المعيار الجديد من أن إنكار الشهود
الشهادة، يعد منهم رجوعا، والرجوع عن الشهادة قبل الحكم يبطلها ولا إشكال في ذلك.[32]
وما نص عليه التسولي في البهجة حيث قـال عن
الرجـوع في الشـهادة بعد الحكم :
"وشمل أيضاً ما إذا تبرأ الشهود من
الشهادة بعد الحكم بها وادّعوا عدم أدائها، وأن الأشكال[33] مستعملة عليهم[34] وجوروا القاضي[35] فإنه لا يلتفت
إليهم...، وتقدم عن التبصرة أن فيه قولين وبعدم النقض[36] قال ابن القاسم لأن
ذلك رجوع".[37]
وما ذكره الصنهاجي في رجوع شهود اللفيف خاصة
حيث قال: "إذا طولبوا فأنكروا شهادتهم فإنه يعد منهم رجوعا؛ والرجوع عن
الشهادة قبل الحكم يبطلها؛... ومثل إنكار الشهادة ادعاء نسيانها...".[38]
"وعليه فمن أنكر شهادته أو ادعى
نسيانها عند استفساره عنها، اعتبر كأنه تراجع عنها، وتطبق عليه أحكام الرجوع التي
منها تغريمه ما أتلفه بسبب شهادته، كان الإتلاف قبل أو بعد الحكم،[39] وكذا تأديبه عند
الاقتضاء.
لكن ومع الأسف (يقول العلمي الحراق)، فإن
العمل اليوم يجري بخلاف هذا، حيث إنه في كثير من الأحيان، ينكر شهود اللفيف شهادات
شهدوها لدى العدول ووقعوا أسفلها بمذكرة الحفظ بإمضاءاتهم أو ببصماتهم، ويصدقون في
ادعاءاتهم ولا يعتبرون راجعين عنها، بل تنقلب الآية على العدول غالبا ويتهمون
بأنهم زوروا عن اللفيف، وكتبوا عنه ما لم يشهد به، مع أن قواعد الترجيح الشرعية
والفقهية والقانونية وحتى المنطقية، متظافرة على إعطاء الأولوية لأقوال العدول
الذين هم محل ثقة إلى أن يثبت العكس، لا لأقوال اللفيف، وبذلك تعود الحالة إلى ما
كانت عليه قبل الشهادة ويرتاح الجميع، العدول مما قد يلحقهم من سوء تأويل وافتراض
سوء نية؛ والمشهود عليه بما شهد عليه به، والقضاء من التحقيق في أمر حسم من طرف من
تراجعوا، هذا مع العلم أن كثيرا من الناس ينكرون ما يسجل عليهم في محاضر قانونية
من طرف أشخاص موضوعة فيهم نفس الثقة والأمانة؛ ومع ذلك فنادرا جدا ما يتابع هؤلاء
بتهم التزوير في محررات رسمية، وذلك كالمحاضر التي يحررها ضباط الشرطة القضائية
وضباط الدرك الملكي والجمارك".[40]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- سورة الحج، الآية 30.
[2]- الحديث المذكور متفق
عليه عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا
أنبئكم بأكبر الكبائر؟" ثلاثا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "الإشراك
بالله، و عقوق الوالدين -و جلس و كان متكئا، فقال: "ألا وقول الزور"،
قال: فمازال يكررها حتى قلنا: "ليته سكت".
- انظره في :
- صحيح
البخاري، كتاب الشهادات، باب ما قيل في شهادة الزور- حديث: 2532.
- صحيح
مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها - حديث: 151.
[3]- محمد السرخسي، المبسوط،
دار المعرفة، 1409هـ- 1989م، ج 16، ص 177.
[4]- حديث رواه ابن ماجة
وابن حبان والدارقطني وغيرهم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
- انظر تخريجه وتفسيره في
:
- عبد الرحمان ابن رجب
الحنبلي البغدادي، جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم، تحقيق
يوسف البقاعي، المكتبة العصرية، صيدا بيروت، الطبعة الأولى 1998، ص 403 وما بعدها.
[5]- علي بن أحمد ابن حزم،
المحلى، مكتبة الجمهورية العربية بالقاهرة، 1390هـ، ج1، ص77.
[6]- انتقال: مصدر انتقل، والانتقال
أصله في المحسوسات: الخروج من موضع إلى موضع، وقد يطلق في المعاني مثل الرجوع عن
قول أو رأي، ومنه رجوع الشاهد عن الشهادة.
- عبد السلام العسري،
شهادة الشهود في القضاء الإسلامي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه من دار الحديث
الحسنية بالرباط، دار القلم، الرباط، الطبعة الأولى 2007، ج 2، ص 526.
[7]- محمد الرصاع الأنصاري،
شرح حدود ابن عرفة، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، 1412هـ،
1992م، ص655.
- محمد الحطاب الرعيني،
مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، ضبطه وخرج آياته وأحاديثه الشيخ زكريا عميرات، دار
الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1416 ه - 1995 م، ج 8، ص240.
[8]- الحطاب، م.س. ص 240.
[9]- الرصاع، م س، ص 656.
[10]- العلمي الحراق، التوثيق
العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطـبيقاته فـي مدونـة الأسرة، مكتبة
دار السلام، الرباط، طبعة 2009، ج 1، ص 522.
[11]- عبد السلام العسري،
شهادة الشهود، م س، ج 2، ص 526.
[12]- أحمد إبراهيم وواصل
علاء الدين أحمد إبراهيم، طرق الإثبات الشرعية مع بيان اختلاف المذاهب الفقهية،
المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة، ط 4، 2003، ص 305.
[13]- علي بن عبد السلام
التسولي، البهجة في شرح التحفة، حققه وضبطه وصححه: محمد عبد القادر شاهين، دار
الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1418 هـ - 1998م، ج 1، ص 174.
[14]- وهم: مطرف وابن
الماجشون وأصبغ، انظر: عبد السلام العسري، شهادة الشهود، م س، ج 2 ص 531.
[15]- قال السرخسي :
"وليكن رجوعه في مجلس
القضاء؛ لأنه فسخ للشهادة التي أداها. وقد اختصت الشهادة بمجلس القضاء فالرجوع
عنها كذلك...".
-المبسوط، م س، ص
177-178.
[16]- أحمد إبراهيم، طرق
الإثبات الشرعية، م س، ص 305.
[17]- المقصود بهم جمهور
المالكية، وفي مقدمتهم ابن القاسم وسحنون. انظر : - عبد السلام العسري، شهادة
الشهود، م س، 2/531.
[18]- عبد السلام العسري، م س،
ص 529.
[19]- الحراق، التوثيق، م س،
1/524.
[20]- وهذا ما ذهب إليه مشروع
اللفيف –بحسب آخر صيغه التي اطلعنا عليها- ؛ إذ جاء في المادة 21 من هذا المشروع
(الفقرتين 2 و3) ما يلي: "يتعين تلقي الرجوع من طرف نفس العدلين اللذين تلقيا
الشهادة المتراجع عنها فيما إذا كانت غير مخاطب عليها.
يجوز تلقي الرجوع من طرف
نفس العدلين أو غيرهما ممن يزاولون في نفس الدائرة فيما إذا كانت الشهادة مخاطبا
عليها".
[21]- أحمد إبراهيم، طرق
الإثبات الشرعية، م س، ص 305.
- محمد بن عبد الله بن
خالد البعيث، الرجوع عن الشهادة الجنائية، بحث لنيل درجة الماجستير بالعدالة
الجنائية، تخصص تشريع جنائي إسلامي، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية
الدراسات العليا، 2003، ص 61.
[22]- أحمد إبراهيم، م.س، ص
305.
[23]- "في المذهب الحنفي
لا يكون إنكار الشهادة رجوعا، لأن الرجوع عنها يقتضي سبق وجودها، وعندهم لا يترتب
على إنكار الشهادة ما يترتب عن الرجوع".
- عبد السلام العسري،
شهادة الشهود، م س، ج 2، ص 527.
[24]- محمد البعيث،
م س، ص 60.
[25]- محمد البعيث، م س، ص
61.
[26]- أي من الشهود المنقول
عنهم.
[27]- بحثنا في الاختصارات
التي ذكرها القرافي في مقدمة كتاب الذخيرة لنعرف من "محمد" المذكور في
المتن. فلم نتوصل إلى هويته. ، وقد يكون المقصود به محمد بن الحسن الشيباني أحد
أشهر رواة كتاب الموطأ عن مالك. لكن ما عثرنا عليه في مسألة إنكار شهود الأصل
لشهادتهم لا يتخرج عليه أن محمد بن الحسن يقول بأن إنكار الشهادة رجوع عنها، فالذي
وجدناه مذكورا عن الحنفية-ومنهم محمد- في مسألة الرجوع في نقل الشهادة هو ما يلي:
"إذا رجع شهود الفرع ضمنوا لأن الشهادة في مجلس القضاء صدرت منهم فكان التلف
مضافا إليهم، ولو رجع شهود الأصل وقالوا لم نشهد شهود الفرع على شهادتنا فلا ضمان
عليهم، لأنهم أنكروا السبب وهو الإشهاد فلا يبطل القضاء لأنه خبر
محتمل للصدق والكذب. وإن قالوا أشهدناهم وغلطنا ضمنوا على قول محمد (بن
الحسن الشيباني)لأن الفروع نقلوا شهادة الأصول فصاروا كأنهم حضروا بأنفسهم وشهدوا
ثم رجعوا. وقال الشيخان (أبو حنيفة وأبو يوسف): لا ضمان على الأصول لأن القضاء وقع
بشهادة الفروع، لأن القاضي يقضي بما يعاين من الحجة وهي شهادة الفروع. وظاهر
الهداية ترجيح قول محمد".
-أحمد إبراهيم، طرق
الإثبات الشرعية، م س، ص 325.
[28]- الذي يحد هو شاهد الأصل،
وسيأتي معنا قول ابن القاسم في الشاهد المتراجع عن شهادته قبل الحكم أنه يؤدب إذا
تراجع في غير شهادته بالزنا، أما في الزنا فيحد حد القذف.
[29]- أي الحكم لأنه لم يبن
على أي حجة ما دام شهود الأصل قد أنكروا شهادتهم.
[30]- فإن أنكر شاهد الأصل
شهادته، لم تعتبر شهادة عند مالك، فلا يعتد بها وإن تمسك بها شاهد الفرع.
[31]- أحمد بن إدريس القرافي،
الذخيرة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1994، ج 10 ص 136.
[32]- محمد المهدي الوزاني،
النوازل الكبرى أو "المعيار الجديد"، مطبعة فضالة، المحمدية، الطبعة
الأولى 1999، ج 9، ص 131.
[33]- التوقيعات أو الإمضاءات
أو العلامات.
[34]- مزورة عنهم.
[35]- ادعوا أن القاضي جار في
حكمه ونسب للشهود ما لم يقولوه.
[36]- أي نقض الحكم، وسيأتي
معنا أن رجوع الشاهد لا ينتقض معه الحكم.
[37]- التسولي، البهجة، م س،
ج 1، ص 175.
[38]- أبو الشتاء الغازي
الحسيني الصنهاجي، مواهب الخلاق، مطبعة الأمنـية بالرباط، الطبعة الثانية، 1955، ج
1، ص 319.
[39]- بالنسبة لمسألة تغريم
الشاهد ولو تراجع قبل الحكم القضائي، فهي مسألة انفرد بها الدكتور العلمي الحراق
–المقتبس عنه النص بالمتن أعلاه-، رعاية منه لواقع التوثيق العدلي الحالي .
[40]- الحراق، التوثيق، م س،
ج 1، ص 529.
وقد ذهب مشروع قانون
اللفيف إلى تأييد قول الحنفية من أن إنكار الشهادة ليس رجوعا عنها، ولكنه لم يرتب
عليه اعتبار الشهادة قبل الحكم بها من باب العدم، بل اعتبر المشروع
أن الشهادة ثابتة على الشاهد الموقع عليها ولو أنكرها. ويتبين ذلك من
خلال المادة 27 من المشروع التي جاء فيها :"إذا أقر الشاهد
بالتوقيع المنسوب إليه في مذكرة الحفظ، وأنكر مضمون الشهادة، بعدما أشير في
المذكرة إلى أنه قرأها ووافق عليها أو قرئت عليه وفق أحكام هذا القانون، فتعتبر
الشهادة صادرة منه كما هي مدونة بمذكرة الحفظ".
والمادة 28 منه التي ورد
فيها: "إذا أنكر الشاهد عدم حضوره لدى العدلين والشهادة والتوقيع المنسوبين
إليه من طرفهما؛ فتعتبر الشهادة صادرة عنه إذا ثبت أن التوقيع توقيعه".
ولعل في هذا المنحى الذي نحاه المشروع نوعا من الحماية للعدول.