الشهادة العدلية الناقصة
الشهادة العدلية الناقصة هي تلك الشهادة
التي لم تقطع جميع المراحل التي تجعلها وثيقة رسمية تامة.
وقد يرجع نقصان الشهادة إلى عدم الخطاب عليها من قبل
القاضي المكلف بالتوثيق. لكن النقصان قد يرد عليها لسبب آخر يحول أصلا دون تسليم
الوثيقة للقاضي من أجل الخطاب عليها. وبتحقق سبب من هذا القبيل يمكن اعتبار
الشهادة الناقصة شهادة معلقة، لأن وصولها إلى مرحلة الخطاب معلق على اجتياز إحدى
المراحل السابقة –عن مرحلة الخطاب-التي توقفت عندها الشهادة
فلم تتمكن من قطعها لوجود ظرف ما من الظروف.
وكون الشهادة معلقة يرتد غالبا إلى بقائها
عالقة بمذكرة الحفظ (أولا) . فإذا ما وجدت الشهادة على هذه الصفة من عدم التمام، فمن
البديهي أن نتساءل عن مدى حجيتها (ثانيا).
أولا - الشهادة العالقة بمذكرة الحفظ.
قد تظل الشهادة عالقة بمذكرة الحفظ لسبب من الأسباب، كأن يتوقف تحريرها
على استحضار وثيقة معينة لم يتمكن الأطراف من إنجازها في الوقت المناسب، أو أن
يمتنع العدل عن تحريرها لعدم حصوله على الأجرة، أو لأنه اكتشف بعد التلقي أن
الشهادة غير صحيحة من الناحية الشرعية أو القانونية.
فمن حيث المبدأ، يلتزم العدل بتحرير
كل شهادة تلقاها، والحالات السابقة ليست كافية لإعفائه من هذا الالتزام، إلا أن يتراجع الأطراف كلهم -لا بعضهم- ويمضوا على تراجعهم في مذكرة الحفظ،
في حالات خاصة وبكيفيات معينة نص عليها القانون.
لكن من الناحية الواقعية قد تظل الشهادة حبيسة
بمذكرة الحفظ ولا يتمكن العدل من تحريرها لسبب ما، ثم يحدث أن يحتاج أحد الطرفين أو
الغير للاستشهاد بتلك الشهادة التي لم تحرر، ويكون من المتعذر عليه أو من المستحيل
– خاصة إذا كان من الغير- أن يحيي الشهادة بواسطة مسطرة التعريف بشكلي
العدلين.
فقد يحدث – مثلا- أن يضع شخص مطلبا لتحفيظ
عقار، ثم يتعرض عليه شخص آخر كان قد باع نصيبه في هذا العقار، لكن الشراء قيد
بمذكرة الحفظ ولم يتم تحريره ، ثم يعلم طالب التحفيظ بوجود هذا البيع، فيحاول أن
يحصل على مراجع الشراء بمذكرة الحفظ حتى يحتج به ولو كوثيقة عرفية – فيما يجوز
الاستشهاد به بالوثيقة العرفية- أو كبداية حجة يعززها بالشهود والقرائن، وذلك من
أجل أن ينفي الصفة عن المتعرض ويثبت أن تعرضه كيدي.
فهذا الشخص من حقه _ في نظرنا_ إما أن يحصل
على صورة للشهادة المضمنة بمذكرة الحفظ وأن ينتدب لذلك مفوضا قضائيا يحرر له محضرا
بوجود هذه الشهادة بمذكرة الحفظ وبأن أطرافها وقعوا عليها ولم يتراجعوا عنها، وإما
أن يتسلم من كتابة ضبط قاضي التوثيق وثيقة تصف وضعية الشهادة الناقصة بمذكرة الحفظ
.
لكن من الناحية العملية، فإن قاضي
المستعجلات لا يمكن هذا الشخص من انتداب مفوض قضائي لمعاينة الشهادة وإمضاءات
أطرافها بمذكرة الحفظ، إما بدعوى أن مساطر التوثيق مسـاطر خاصة لا تدخل في
اختصاصه، وإما لأن ذلك يتضمن صنع الحجج والأدلة للأطراف، وهو غير جائز.
وإذا ما اتجه هذا الشخص إلى قسم التوثيق فغالبا ما يواجه بجواب يقضي بأنه لا
حق له في الحصول إلا على نسخة مسجلة على القاضي أو التعريف بالشكل، والحال أن
النسخة لا تتيسر له بحكم أن الرسم لا يوجد بسجل التضمين، وأن التعريف بالشكل هو
أيضا لا محل له عندما يكون العدلان ما زالا على قيد الحياة وبإمكانهما إعادة تحرير
الشهادة وتأكيدها، حتى لو لم يعودا منتصبين كليهما أو أحدهما.
وإذا ما تعذر ذلك كله فينبغي أن يستجاب لهذا
الشخص إذا ما طلب من محكمة الموضوع إجراء البحث عن وجود هذا الشراء، خاصة إذا ما
قدم مراجعه بمذكرة الحفظ للمحكمة. لكن، غالبا ما لا تتم الاستجابة لهذا الطلب، لأن
المحكمة –وهي هنا محكمة التحفيظ- قد تمتنع لانعدام الدليل الكتابي –ما دام الأمر
يتعلق بتصرف عقاري-، أو للحيلولة دون صنع حجة لأحد الخصوم، أو بدعوى أن رسم الشراء
–الذي ظل حبيس مذكرة الحفظ لا يوجد ضمن وثائق الملف التي يبعثها المحافظ العقاري
إلى المحكمة.
وقد لا يبقى من سبيل – أمام هذا الطرف- إلا
البحث عن سبيل لإحالة القضية إلى المحكمة الزجرية لما لها من سلطة في إجراء
التحقيقات والأبحاث. وغالبا ما يكون هذا السبيل هو جريمة النصب. وقد لا تتحقق
عناصر هذه الجريمة، وحتى لو تحققت فإن من شأن ذلك أن يطيل الدعوى ويدخلها في
متاهات أخرى.
مع
أن الأمر –في نظرنا- كان محسوما من البداية، فالاستجابة للطلب –هنا- لا تدخل في
باب صنع الأدلة، لأن الدليل موجود وقائم فعلا، ما دام أن الشهادة مكتوبة بمذكرة
الحفظ وأن صاحبها قد تمكن من الحصول على مراجعها بهذه المذكرة. فما دام الدليل
موجودا على الصفة المذكورة فلا ينقص سوى استخراجه من مصدره. وقد اقترحنا لذلك
معاينة الشهادة بمذكرة الحفظ والتأكد من توقيعات الأطراف وأخذ صورة شمسية لها.
وقد تتم هذه المعاينة بوثيقة من قاضي التوثيق يضمنها ما يفيد أنه تم اللجوء
إلى هذه المسطرة لتعذر سلوك مسطرة التعريف بالأشكال لعدم توفر شروطها، وكذا سلوك
مسطرة استخراج النسخ بسبب عدم تضمين الرسم بالسجل المعد لذلك، هذا مع العلم بأنه
في كثير من الأحيان تكون الشهادة مضمنة بالسجل ولكن صاحبها لا يتوفر على مراجعها
بهذا السجل، أو يتوفر على المراجع لكن السجل نفسه يكون مفقودا.
أو قد تتم المعاينة بواسطة مفوض قضائي ينتدب لذلك بناء على أمر قضائي.
فالمقصود هو تمكين صاحب الحق من الوصول إلى الدليل الكتابي الذي قد يكون بداية
الطريق لإثبات حقه، ما دام هذا الدليل موجودا بالفعل في صيغة الشهادة المكتوبة
بمذكرة الحفظ، وينبغي أن يتم ذلك بأسهل وأسرع طريقة ممكنة. فإن أمكن ذلك بواسطة
قسم التوثيق نفسه –أعني يدون اللجوء إلى مسطرة التعريف بالأشكال- فبها، وإلا فبواسطة
أمر قاضي المستعجلات بإجراء معاينة ينتدب لها مفوض قضائي.
ثانيا- الحجية القانونية للشهادة العدلية المعلقة.
لم يرد أي نص صريح يبين مصير الشهادة
العدلية المعلقة، لكن يمكن أن نستنبط ذلك من نص الفصل 423 من ق.ل.ع الذي ينص على
أن "الورقة التي لا تصلح لتكون رسمية، بسبب عدم اختصاص أو عدم
أهلية الموظف، أو بسبب عيب في الشكل، تصلح لاعتبارها محررا عرفيا إذا كان
موقعا عليها من الأطراف الذين يلزم رضاهم لصحة الورقة".
ويمكن أن نستأنس بالمادة 49 من قانون
التوثيق (العصري)[1] الذي يؤكد نفس ما
نص عليه الفصل 423 من ق.ل.ع.
وقد ذهب القضاء المغربي إلى تأكيد هذا
الاتجاه – الذي يقضي بتحول الورقة الرسمية المعيبة إلى ورقة عرفية- في بعض
القرارات الصادرة عنه، ومن بينها قرار محكمة النقض الذي قرر قاعدة مفادها أن الرسم
العدلي الذي يفتقد شكلياته القانونية، يفقد صفة الورقة الرسمية؛ بل ولا يعتبر
محررا عرفيا للإثبات إذا لم يكن موقعا عليه. فقد ذكر في القاعدة المصدر بها هذا
القرار أن "الرسم العدلي الذي لم ينص فيه على أنه قد أدرج في
كناش العدل المتوفى الشاهد فيه و لم يشر بهامشه إلى تاريخ تضمينه بأحد كنانيش
المحكمة وإلى الرقم الذي أعطي له بالكناش يفقد هذا الرسم صفة الورقة الرسمية كما
لا يعتبر محررا عرفيا لعدم التوقيع عليه فلا يمكن الاحتجاج به على الخصم".[2]
وكذلك تأكد هذا الاتجاه في قرار آخر للمجلس
الأعلى –سابقا- ورد فيه أنه: "بمقتضى الفصل 423 من ق.ل.ع فإن
الورقة التي لا تصلح لأن تكون رسمية لأي سبب من الأسباب المذكورة في هذا الفصل
تصلح لاعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقعا عليها من الأطراف الذين يلزم رضاهم
لصحتها".[3]
إلا أن هذا الاتجاه الذي يقضي بتحول الورقة
الرسمية إلى ورقة عرفية طبقا لنظرية تحول التصرف مشروط بأن تكون الورقة موقعة من
الأطراف، وبأن لا تختل أركان العقد العدلي بحيث يبطل بالمرة، إلا أن يكون به من
الشروط ما يصح به التزام آخر جرت عليه القواعد المقررة لهذا الالتزام الأخير،
حسبما هو منصوص عليه في الفصل 309 من ق.ل.ع.[4]
كما يشترط فيه في ميدان التصرفات العقارية
أن لا يكون العقد مما لا يصلح لانـعقاده – أو إثباته-[5] إلا الرسمية.
ثم إن اعتبار الوثيقة العدلية في الأحوال
التي ذكرناها محررا عرفيا ينبغي أن يتقيد فيه بالشروط التي إذا فقدت يبطل معها
المحرر العرفي نفسه، ومنها أن العقد لا ينبغي أن يتضمن البصمات بدل التوقيعات،
لأنه لا يعتد بالبصمة في العقود العرفية، ما دامت تعد قرينة على الأمية أو ما
يماثلها.
وهكذا فقد قررت محكمة النقض قاعدة مفادها أن
"المشرع اشترط إنكار التوقيع وليس البصمة طبقا للمادة 426 من
ق.ل.ع ".[6]
غير أن التوقيع على الوثيقة العدلية
الناقصة، أي التي لم يتم الخطاب عليها، لا يمكن إيجاده إلا بمذكرة الحفظ، ولذلك
يتم التساؤل عن كيفية إثبات هذا التوقيع للإدلاء به في ورقة عرفية مستقلة.
ولقد سبق أن ذكرنا بعض الصعوبات التي
تعترض الشخص في الحصول على محضر أو إشهاد بهذا التوثيق، وتلك الصعوبات تتعلق
بالحالة التي تكون فيها مذكرة الحفظ في أرشيف قسم التوثيق؛[7] أما لو كانت مذكرة الحفظ
موجودة عند العدل نفسه، فلن يطلع عليها أصحاب المصلحة في الحصول على مراجع عقد
معين، نظرا لأنه سيحتج عليهم بالمادة 22 من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة[8] التي تمنعه من
تسليم مذكرة الحفظ للاطلاع عليها إلا لقاضي التوثيق أو وزير العدل؛ [9] ما لم يقدم الأطراف في
ذلك طلبا كتابيا إلى قاضي التوثيق الذي له أن يأمر العدل بتمكين الأطراف من
الاطلاع على المذكرة تحت إشرافه.
غير
أن هذه المسطرة معطلة على المستوى العملي، وحتى لو تم تفعيلها فلا بد من إيجاد
وسيلة تمكن صاحب المصلحة من الحصول على ما يفيد وجود الإشهاد موقعا عليه بمذكرة
الحفظ.
وغالبا ما تكون هذه الوسيلة هي الدعوى
الزجرية التي تخول للنيابة العامة الاطلاع على مذكرة الحفظ لإجراء التحقيقات، وبما
أن مصالح الأطراف قد لا تستوجب دائما اتباع الطريق الزجري، فإننا نقترح أن يتم
إنجاز محضر يسجل بكتابة ضبط قاضي التوثيق، وأن ترفق به صورة للعقد المضمن بالمذكرة،
ويؤشر على هذه الصورة بذكر مراجع المحضر.
وإذا ما كانت الدعوى جارية أمام القضاء
المدني وأمرت المحكمة بإجراء بحث فيمكن معاينة مذكرة الحفظ بواسطة مفوض قضائي
ينتدب لذلك من قاضي المستعجلات على أن تكون هذه المعاينة تحت إشراف قاضي التوثيق.
وينجز محضر إخباري بواسطة المفوض يكون فيه العدلان بمثابة شاهدين عاديين، ويتم
إرفاق المحضر بصورة من العقد وفق ما سبق.
وإذا ما تم ذلك فإن المحضر المرفق بصورة
العقد الموقع عليها لا يمكن اعتباره بمثابة المصادقة على التوقيع؛ ومعلوم أن عدم
المصادقة على التوقيع الوارد بالعقد العرفي لا تنزع عن هذا العقد قوته الإثباتية
فيما يصلح للإثبات فيه.
فقد اعتبرت محكمة النقض كقاعدة
أن "العقد العرفي يكتسب قوته الإثباتية بالتوقيع، ومادام أن
المطعون ضده لم ينكر التوقيع على العقد، فقد كان على المحكمة أن تأخذه بمضمونه،
وأنها لما لم تفعل واعتبرت أن عدم المصادقة على هذا التوقيع ينزع من العقد القوة
الثبوتية تكون قد خرقت القانون".[10]
كما اعتبرت كقاعدة أن "تصحيح
التوقيع من لدن السلطة المختصة لا يضفي على الورقة الحاملة لذلك التوقيع الصبغة
الرسمية... فالمصادقة على التوقيع لا تضيف إلى السند الموقع أية قوة على مديونية
المدين".[11]
لكننا نرى أن المصادقة على التوقيع هي إقرار
برسمية هذا التوقيع، فلا يجوز الطعن في العقد العرفي من هذا الجانب المتعلق
بالتوقيع المصادق عليه إلا بالزور؛ وإنما قلنا أن إنشاء المحضر – على الصفة التي
ذكرناها- لا يعد مصادقة على التوقيع، حتى يقتصر الطعن في المحرر (العرفي) على الإنكار؛
دون أن تكون هناك إمكانية للطعن في العدل _بواسطة دعوى الزور_ وذلك لأنه لا يعقل
الطعن بالزور في وثيقة لم تكتمل رسميتها بالخطاب، ودون أن تكون هناك إمكانية أيضا
للطعن في محرر المحضر سواء كان كاتب الضبط أو المفوض القضائي، على اعتبار أنهما لم
يعاينا صاحب التوقيع وهو يوقع أمامهما.
نعم، يمكن الطعن في العدلين – وخاصة العدل
الذي كتبت الوثيقة في مذكرة الحفظ التي يمسكها-[12] ولكن ليس بدعوى الزور،
بل بسبب عدم استكمال الإجراءات التي تضفي على الوثيقة الصبغة الرسمية؛ ومن شأن هذا
الطعن إذا ثبتت فيه مسؤولية العدل –مع مراعاة الظروف التي تؤدي إلى عدم الإضرار
به- أن يترتب عليه جزاء تأديبي للعدل، وقد يترتب عليه جزاء مدني يقضي بالتعويض
لفائدة من تضرر.
ونرى أيضا أن الوثيقة العدلية الناقصة التي
يراد إعمالها كوثيقة عرفية دون إمكانية ذلك، نظرا لعدم قبول الورقة العرفية في بعض
الحالات[13] بحسب الوضع الراهن،[14] ينبغي أن يتم
الاعتماد عليها كبداية حجة يسعى صاحبها إلى تعزيزها بالشهادة والقرائن،[15] ويمكن أن تعتبر –في
نظرنا- شهادة العدلين اللذين تلقياها ضمن الشهادة العادية التي تجري في إطار
الأبحاث إن أعاد العدلان تأكيدها شفويا.[16]
ومن الناحية العملية، لا يجري في ميدان
التوثيق تطبيق مقتضيات كثيرة من شأنها إذا طبقت –في إطار التواصل وعدم الإضرار
بالعدول والأطراف- أن تقضي على هذا المشكل المتعلق بمصير الوثائق العالقة؛ فمن ذلك
أن العدل ينبغي أن يحرر الوثيقة ويرسلها هو إلى إدارة التسجيل إن لم يحضر أطرافها
في الوقت المحدد، ومنها أن مصلحة التسجيل ينبغي أن تفرج عن العقود في أجل معين دون
ربط ذلك بالحصول على وصل الإبراء الضريبي، ومنها أن قاضي التوثيق ينبغي أن يكون
مرنا في الخطاب على الرسوم وأن لا يمتنع من ذلك إلا إذا ظهر له بطلان العقد بطلانا
مطلقا، ومنها أن قضاة التوثيق يفترض فيهم أن يفتشوا مكاتب العدول مرة في كل سنة
على الأقل،[17] ومنها أن المحافظين العقاريين ينبغي أن
يكونوا على معرفة تامة بالعدول المتواجدين في دوائرهم، وأن يتواصلوا معهم بالكتابة
الورقية والإلكترونية من أجل أن يكون الجميع على معرفة بقواعد التحفيظ والتقييد
على الرسوم العقارية وقواعد التوثيق. ومنها أن قضاء الموضوع له حق الرقابة على الوثائق العدلية ولو كانت
مخاطبا عليها.
والجهل بمثل هذه المقتضيات والمبادئ هو أساس
المطالبة بإلغاء كل وثيقة عدلية غير مخاطب عليها؛ والملاحظ أن القضاء كثيرا ما
يسرع إلى إبطال الوثائق العدلية غير المخاطب عليها، ولا يعتبرها حتى وثائق عرفية.
فمن ذلك ما جاء في قرار لمحكمة النقض، تم
النص فيه على ما يلي: "لكن حيث إن رسم الشراء المحتج به حرر من
طرف شخص عرف به بأنه كان وقت تحريره عدلا، غير أنه لم يؤد شهادته عند القاضي الذي
عدله، فتبقى شهادته بدون أداء محض زمام لا يصح الاحتجاج به، والمحكمة غير ملزمة
بمناقشة حجة باطلة، لأن الباطل لا يحتج به".[18]
والواقع أنه لا يوجد – في الغالب- أي أساس
لاعتبار الرسوم العدلية غير المخاطب عليها باطلة مادام أن الفقرة الأخيرة من
المادة 35 من قانون 16.03 تنص على أن الوثيقة لا تكون تامة إلا إذا كانت مذيلة
بالخطاب، إذ تفيد هذه الفقرة بمفهوم المخالفة أن المشرع يعتبر الوثيقة غير المخاطب
عليها وثيقة غير تامة لا باطلة. فلا ينبغي أن نجعـل من تـلك الرســوم –عند
إلغائها- محض زمام وتقييد ينفي عنها أية قيمة قانونية.
ويمكن –بدل ذلك- أن ندرج الوثيقة
الناقصة أو المعلقة تحت أي صفة تخول لها أن تكون وسيلة إثبات مهما كانت حجيتها كأن
يتم اعتبارها محررا عرفيا أو بداية حجة أو حتى مجرد قرينة، إذ أن الرسوم العدلية –
مهما كانت معيبة شكلا - قد تتعلق بها حقوق للناس لا يمكن أن يصلوا إليها بدونها.
كما أن في إبطال الرسوم وإهمالها
تحميلا للأفراد بأخطاء مهنية قد لا يكون للأطراف فيها يد؛ وإنما
يرتكبها العدول في الغالب، ولو أن ذلك قد يكون نتيجة وجود ظروف وتظافر عوامل لا يد
للعدول فيها هم أيضا.
ويمكن على الأقل أن تدرج الرسوم العدلية
الناقصة ضمن عموم الدليل الكتابي الذي يشمل الوثائق الخاصة وحتى قوائم
السماسرة الموقع عليها من قبل الطرفين؛ فإدراج الرسوم المسطرة بالمذكرات الموقع
عليها من قبل الطرفين ضمن الدليل الكتابي العام، يعد أولى وأحرى، خاصة أن الحق
يبقى للمحكمة في أن تقدر القيمة الإثباتية لتلك الرسوم مراعاة لحجم العيوب ولنوعية
الحقوق المثبتة لها وذلك تطبيقا للفصل 417 من ق.ل.ع.[19]
كما يمكن كذلك لقاضي الموضوع أن يتخذ من تلك
الرسوم المعيبة كلما كان العيب لا يتصل بالحق الذي تشهد به الوثيقة، وإنما فقط
بالتزامات مهنية للعدول وبقواعد التوثيق، إطارا للوصول إلى إقرار من يحتج بها ضده
عن طريق مواجهته بمضمونها في سياق جلسات البحث التي يعقدها القاضي المقرر أو في
الجلسة العمومية، حيث يمكن أن تصل المحكمة إلى بناء حكمها لا من خلال الوثيقة
العدلية المعيبة شكلا، وإنما بموجب الاعتراف الصادر عن الطرف الآخر، وذلك إعمالا
للفصل 406 من ق.ل.ع الذي ينص على أنه يمكن أن ينتج إقرار الخصم من الأدلة
الكتابية، وكل ذلك في غير الحالات التي يقرر فيها القانون شكلا خاصا لإثبات
الالتزامات.[20]
ولا يعني ذلك أننا ننكر على قضاء الموضوع
حقه في الرقابة على العقود العدلية، أو حقه في إبطال الرسوم العدلية الناقصة إذا ما
كان لذلك موجب، إذ أن للقضاء حقا في الرقابة حتى على الوثائق التامة، وفي إبطالها،
فبالأحرى إذا كانت ناقصة؛ لكننا نتحدث هنا عن أن هذا الإبطال لا ينبغي أن يشمل ما
قرر القانون نفسه في مجالات معينة وحالات خاصة إمكانية علاجه بطريقة أخرى لا تضيع
معها حقوق الأطراف، فإن لم تكن هذه الحالات متحققة فلا يبقى للقضاء سوى
الحكم بالإبطال أو البطلان بحسب الأحوال.[21]
فنحن نتكلم في سياق أن إعمال العقود أولى من
إهمالها، ونقصد بالعقود بالطبع التصرفات في نفسها وليس كونها مكتوبة في شكل معين.
ثم إن مسألة الاستخفاف بالوثائق العدلية وعدم اعتبار أي حجية لها – حتى مع وجود
الخطاب أحيانا- هي التي جعلت بعض الباحثين يطالبون بإضفاء الصبغة الرسمية على
الوثائق العدلية منذ تقييدها بمذكرة الحفظ، أو بإضفاء هذه الصبغة عليها دون خطاب؛ هذا
بصرف النظر عما إذا كانت هذه المطالبات منطقية أم لا.
فإن لم يتم الخطاب على الشهادة لسبب من
الأسباب أو ظلت معلقة بمذكرة الحفظ، فلا يعني ذلك أن نعمل على إبادة هذه الشهادة
من أول فرصة؛ فالشهادة ما كتبت إلا لكي تكون عاملة في جلب المصالح واستقرار
المعاملات، فينبغي أن نجعلها تسير في خدمة هذا الهدف، ولو تطلب الأمر شيئا من
التكلف الظاهري، ما دام إحياء الشهادة لا يضر بأحد، بل من شأنه أن يكشف عن تدليس
الطرف الذي لا يريد أن يعمل بهذه الشهادة؛ ومن شأن الكشف عن التدليس أن يرد
الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها أولا، فبدل أن نعتبر الشهادة باطلة وغير
موجودة مع ما يحدثه ذلك من ارتباك في وضعية المراكز القانونية، فلنجعلها عاملة في
إرجاع الوضع إلى ما كان عليه من استقرار.
ويظهر أثر الإبطال بصورة واضحة في مسألة
وثيقة الزواج الذي يعد عقدا رضائيا لا يتوقف على شكل معين، فقد تساءل أحد الباحثين[22] عن وضعية عقد
الزواج غير المخاطب عليه قائلا: "لكن، ما هي الطبيعة القانونية
للوثيقة المحررة من طرف العدلين بعد إذن القاضي بتوثيق رسم الزواج... والوضعية
القانونية للزوجين إذا انتفت عن هذا الإشهاد صفة الرسمية بسبب امتناع القاضي من
الخطاب لسبب من الأسباب؟
أعتقد (يقول الباحث) أن مقتضيات المادة 156
من مدونة الأسرة[23] ستعطي للقضاء المجال الرحب لشرح
الظروف القاهرة التي تحول دون توثيق عقد الزواج، وهنا يجب على القضاء التوسع في
مدلول هذه الظروف لتشمل كل الحالات وترتيب النتائج القانونية عليها بما في ذلك
ثبوت النسب. ومع ذلك فإن بقاء الوضعية القانونية للمتعاقدين بدون عقد رسمي تدعو
إلى إيجاد صيغة بديلة لكافة العقود غير ا لمخاطب عليها".
والصيغة البديلة في مثل هذه الحالات خاصة هي
الحكم بثبوت الزوجية، وحتى هذه فالعمل بها يتوقف مرارا بسبب انتهاء فترة الخمس
سنوات التي يحددها المشرع لسريانها.
ولإيجاد الصيغ البديلة لمعالجة الوثائق
الناقصة ندعو إلى قبول كل السبل الممكنة التي تضفي نوعا من الحجية على هذه
الوثائق، كاعتبارها بداية حجة أو ورقة عرفية أو كتابة عامة يرجع للمحكمة تقرير
حجيتها، وذلك بحسب الأحوال والظروف المتعلقة بكل وثيقة على حدة؛ ويتم الكشف عن
التوقيع وعن مراجع الوثيقة بكل السبل – ما خلا طريق الدعوى الزجرية الذي لا ينبغي
اللجوء إليه إلا استثناء-،وذلك مثل إنجاز محضر بواسطة كتابة ضبط قاضي التوثيق، أو
محضر إخباري بواسطة مفوض قضائي في إطار الأبحاث التي تأمر بها المحكمة المدنية.
ومن
طرق بعث الحجية في الوثائق الناقصة أن يخول للعدول والأطراف الطعن في قرار القاضي
بعدم الخطاب بواسطة مسطرة سريعة وسرية أمام جهة مختصة. فمن شأن هذه السبل المجتمعة
أن تحيي الوثيقة وأن تجنبها الحكم بالبطلان؛ [24] لأن إعمال الوثائق أولى
من إهمالها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - تنص المادة
49 من القانون رقم 32.09 (المتعلق بمهنة التوثيق) على ما يلي: "يكون باطلا
كل عقد تم تلقيه وفقا للشكل الرسمي، وأنجز خلافا لأحكام المواد 30 و31 و32 و37 و39
و40 من هذا القانون إذا كان غير مذيل بتوقيع كافة الأطراف، وإذا كان يحمل توقيع كل
الأطراف تكون له فقط قيمة العقد العرفي مع الحق في مطالبة الموثق بالتعويض في
الحالتين وإمكانية تطبيق العقوبات التأديبية والزجرية في حقه.
تسري نفس المقتضيات إذا تلقى موثق عقدا خارج مكتبه خلافا لمقتضيات المادة 12
أعلاه أو إذا تلقاه موثق موقف أو معزول".
[2] - قرار شرعي
عدد 150 بتاريخ 27/05/1981، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 27، سنة 1981، ص
71 وما يليها(الإصدار الرقمي دجنبر 2000).
[3] - قرار عدد
3028 صادر بتاريخ 17 يناير 1993، ذكره: - عبد العزيز توفيق، التعليق على قانون
الالتزامات والعقود، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1999، ج
1، ص 345.
[4] - ينص الفصل
309 من ق.ل.ع على ما يلي: "إذا بطل الالتزام باعتبار ذاته
وكان به من الشروط ما يصح به التزام آخر جرت عليه القواعد المقررة لهذا الالتزام
الأخير".
[5] - اختلف في عنصر
الشكلية في التصرفات العقارية وفي مدى كونها للانعقاد أو للإثبات.
[6] - قرار
المجلس الأعلى –سابقا-عدد: 3238 المؤرخ في: 07/12/2005 ملف مدني عدد:
3500/1/2/2004.
[7] - وذلك بناء
على المادة 23 من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة التي تنص على ما يلي: "يتسلم
القاضي المكلف بالتوثيق من العدل في حالة إسقاطه أو إيقافه أو إقصائه مؤقتا عن العمل
أو عزله أو إعفائه أو استقالته أو نقله جميع كنانيش الجيب ومذكرات الحفظ ؛ وفي
حالة وفاته من رئيس المجلس الجهوي للعدول ؛ لحفظها بكتابة الضبط.
يحرر محضر في الموضوع يوقع من طرف القاضي وكاتب الضبط والعدل
المعني بالأمر أو رئيس المجلس الجهوي أو من يفوض له؛ يتضمن عددها ووصف حالتها
وتسلم نسخة منه للعدل المعني بالأمر أو لرئيس المجلس الجهوي للعدول في حالة الوفاة".
[8] - تنص المادة
22 من مرسوم خطة العدالة على ما يلي: "يلزم العدل بحفظ جميع كنانيش
الجيب ومذكرات الحفظ بمقر مكتبه وتعد من جملة محفوظاته.
لا يسلم العدل – مع مراعاة المقتضيات التشريعية الجاري بها العمل –
كنانيش الجيب ومذكرات الحفظ المحفوظة بمكتبه للجهة الراغبة في الاطلاع عليها – غير
وزير العدل والقاضي المكلف بالتوثيق – إلا بناء على طلب كتابي وتحت إشراف القاضي
المذكور".
[9] - غالبا ما تتم
مراقبة وزير العدل التي تخول له الاطلاع على جميع الوثائق الممسوكة عند العدل –بما
فيها مذكرة الحفظ- بواسطة مفتشين يرسلهم لهذا الغرض، وهو ما تم النص عليه في
المادة 39 من المرسوم التطبيقي التي جاء فيها:" يسوغ لوزير العدل
أن يعين قاضيا أو عدة قضاة من محاكم الاستئناف أو ممن يزاولون عملهم بالإدارة
المركزية للقيام بتفتيش المكاتب العدلية تفتيشا عاما أو خاصا للبحث في وقائع محددة.
يتمتع المفتش بسلطة عامة للتحري والتحقق والمراقبة، ويمكنه بوجه خاص استدعاء
العدول والعاملين بمكاتبهم للاستماع إليهم، والاطلاع على جميع الوثائق المفيدة.
ترسل تقارير التفتيش حالا إلى وزير العدل مع مستنتجات المفتش واقتراحاته".
[10] - قرار عدد 792
صادر بتاريخ 22 مارس 1989، ملف عدد 1407/86، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 46، سنة
1992، ص 120 (الإصدار الرقمي دجنبر 2000).
[11] - قرار صادر
بتاريخ: 01/04/1987 تحت عدد 697 ملف مدني عدد 386-92، منشور بمجلة المحاكم
المغربية، عدد 51، شتنبر- أكتوبر 1987، ص 90.
[12] - قد يكون للعدل
العاطف من الشواغل ما يجعله منصرفا عن الاهتمام بما حرره رفيقه، ولذلك نرى أن
مسؤولية التحرير يتحمل فيها العدل الأصلي المسؤولية بالدرجة الأولى.
[13] - مثل ذلك أن مدونة
الحقوق العينية تشترط الرسمية في عقدي الهبة والصدقة وبعض التبرعات الأخرى ؛ وهذا
مع مراعاة أن الوثيقة العرفية تكتب حاليا –في مجال التصرفات العقارية- من المحامين
المقبولين أمام محكمة النقض، وقد يضاف إليهم وكلاء الأعمال إذا ما صدر تشريع يخصهم.
[14] - نقول ذلك لأنه
ينبغي بحسب قاعدة عدم رجعية القوانين قبول الوثيقة العرفية فيما كانت تقبل فيه قبل
صدور القوانين التي تمنع قبول الورقة العرفية العادية في بعض المجالات، وأشهر هذه
القوانين هو مدونة الحقوق العينية.
[15] - من بين القرائن
يمكن أن نعطي هذا المثال: شخص يملك مع آخر عقارا على الشياع قاما بقسمته بينهما،
فأنكر أحدهما القسمة، ثم حكمت المحكمة بصحة القسمة، ثم باع الشخص المحكوم له نصيبه
على الشياع –لا بالاعتماد على القسمة، بل بالاعتماد على رسم الملكية الأول- ، لكن هذا البيع ظل عالقا بمذكرة الحفظ ولم تحرر
وثيقته ولم يخاطب عليها، ثم وضع الشخص المحكوم ضده في دعوى القسمة مطلبا لتحفيظ
نصيبه المفرز بالاعتماد على ملكية جديدة (رسم استمرار) محلها هذا
النصيب فقط، ثم تعرض عليه المحكوم له في القسمة، فيمكن لطالب التحفيظ لكي ينزع عنه
صفة التعرض أن يلجأ إلى مسطرة تحويل الوثيقة العدلية إلى بداية حجة، يعززها هنا
بالقرينة وهي الحكم القضائي الذي قضى بالقسمة.
[16] - ويمكن في إطار
ذلك أن يصرح العدلان بأن الشيء الذي منعهما من إتمام الشهادة، بالرغم من عدم
الرجوع عنها هو أن صاحبها لم يرغب في تسجيلها ماليا، أو أنه لم يدفع لهما أجرتهما،
وأنهما لم يشاءا أن يدخلا في مواجهته في إجراءات معقدة للمطالبة بالأجرة، أو أنه
صرح بأنه سيحضر الوثيقة الفلانية للاستئناس بها ثم لم يحضرها، أو أن الأطراف كانوا
يدعون أنهم سيحضرون لتسجيل الوثيقة ثم لم يحضروا بعد مرور وقت طويل؛ ولا ينبغي التسرع
في اتهام العدلين بعدم التحري، فإن ما يمر به العدول في مثل هذه الحالات، يكون في
كثير من الأحيان من قبيل الحوادث الفجائية والظروف القاهرة. ولذلك على المحكمة أن
تركز على أن شهادة العدلين أمامها تدخل في إطار الاحتجاج بالعقد بصفته العرفية بعد
أن فقد الصفة الرسمية. وأنه متى حصل ذلك فإنه يغني عن البحث في الظروف التي منعت
من الخطاب على الوثيقة؛ إذ أن هذا البحث من شأنه أن يجعل العدول في موقف اتهام لا
في موقف شهادة.
[17] - من ضمن ما
تنص عليه المادة 38 من المرسوم التطبيقي لقانون الخطة أن القاضي المكلف بالتوثيق
يطلع على كنانيش الجيب ومذكرات الحفظ والوثائق التي تحت عهدة العدل ويراقب
تصرفات العدول التابعين لدائرته باستمرار ويفتش مكاتبهم مرة في السنة على
الأقل.
[18] - قرار صادر بتاريخ
2 يونيو 1985 تحت عدد 920، في الملف المدني عدد 98074،منشور بمجموعة قرارات المجلس
الأعلى في مادة الأحوال الشخصية 1965-1989،م س، ص 426.
[19] - ينص الفصل 417 من
ق.ل.ع على ما يلي: "الدليل الكتابي ينتج من
ورقة رسمية أو عرفية.
ويمكن أن ينتج كذلك عن المراسلات والبرقيات ودفاتر الطرفين وكذلك قوائم
السماسرة الموقع عليها من الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير المقبولة والمذكرات
والوثائق الخاصة أو عن أي إشارات أو رموز أخرى ذات دلالة واضحة، كيفما كانت
دعامتها وطريقة إرسالها.
إذا لم يحدد القانون قواعد أخرى ولم تكن هناك اتفاقية صحيحة بين الأطراف، قامت
المحكمة بالبت في المنازعات المتعلقة بالدليل الكتابي بجميع الوسائل وكيفما كانت
الدعامة المستعملة".
[20] - تنص الفقرة
الثانية من الفصل 401 من ق.ل.ع على أنه "إذا قرر القانون شكلا
معينا، لم يسغ إجراء إثبات الالتزام أو التصرف بشكل آخر يخالفه، إلا في الأحوال
التي يستثنيها القانون".
[21] - ولا ينبغي أن
يفهم كلامنا في سياق يظن معه أننا ندعو العدول إلى إهمال الحرص على استكمال
إجراءات الوثائق.
[22] - إدريس بلمحجوب،
من أهم توجهات المجلس الأعلى ورقابته في مجال شروط وتقنيات تحرير الوثيقة العدلية
وصحتها، مساهمة في أشغال الندوة المنظمة تحت عنوان:" توثيق
التصرفات العقارية" .جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاجتماعية
والاقتصادية بمراكش، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، العدد 23، المطبعة والوراقة
الوطنية بمراكش، الطبعة الثانية 2005، ص 233 وما يليها، صفحة الاقتباس 243.
[23] - تنص المادة 156
من مدونة الأسرة على ما يلي:" إذا تمت الخطوبة، وحصل الإيجاب
والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة، ينسب للخاطب
للشبهة إذا توافرت الشروط التالية:
أ) إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند
الاقتضاء ؛
ب) إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة ؛
ج) إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما.
تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن.
إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه، أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل
الشرعية في إثبات النسب".
[24] - إذ بطلان
الوثائق والشهادات العدلية له أسباب محددة، وهذه الأسباب تعتريها حالات مختلفة،
ومن تلك الأسباب الاستبعاد والاسترابة والتجريح بالقرابة أو بالعداوة…